لبيك اللهم لبيك
لبيك اللهم لبيك
بقلم د محمد عباس
الشعب ٧-٣-٢٠٠٣
لبيك..
لبيك لا شريك لك لبيك..
إن الحمد والنعمة لك والملك..
لا شريك لك..
***
و أنا أسير على الأرض يحملني الموج البشري نحو الكعبة المشرفة خشيت ألا أخاف..
خفت أن أكون ممن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ؟..
خشيت أن أكون ممن طَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ؟..
كيف امتلكت كل هذه الجرأة لآتي و أنا أحمل على كاهلي هذا التقصير كله..
كيف أتيت بل كيف لم أهرب..
لبيك اللهم لبيك..
***
ههنا تسكب العبرات..
ههنا..
ههنا..
الويل لك إن جفت دموعك..
الويل لك..
***
وفجأة تشرق في القلب قبل العين وفى البصيرة قبل البصر وفي الروح قبل الجسد مبني الكعبة فإذا بطوفان من الدموع يجتاحني..
هل كانت دموع الشوق؟..
هل كانت التحنان؟..
هل كانت الخوف؟..
هل كانت الرعب؟..
هل كانت خجلا لأننا لم نلذ ببيت الله الحرام كما كان ينبغي لنا أن نلوذ ولم ندافع عنه كما كان ينبغي له؟ ..
هل كنت طفلا غاب وتاه وابتعد فلما آب جاشت مشاعره وفاضت عواطفه فارتد الطرف وعجز الحرف فلم يبق إلا الدموع..
طفلا تداعت عليه الدنيا كما تتداعى الأكلة على قصعتها، فما أن آب حتى بكى..
هل كنت عبدا اقترب ذراعا ففوجئ بسيده ومولاه يقترب باعا فراح يشكو لمولاه هوانه على الناس..
***
هل كانت..
هل كنت..
هل كان..
أم كانت قبسا من الرحمة تهاطل بالمشيئة كي يطفئ بعض النار المشبوبة فيّ ؟!..
***
تذكرت فجأة ما فعله وزير ثقافة فاسق فاجر منذ أحد عشر عاما - عندما في أحد احتفالياته الشاذة - جعل غلمانه يخرجون مسرحية فاجرة يظهر فيها نموذج للكعبة، ثم ينشق النموذج وتخرج منه راقصة تعتلي سطح الكعبة لترقص عليه، ثم تتحرك جدران الكعبة لتتحول إلى برميل للبترول..
الفاسق الفاجر..
ومن ولى أمر المسلمين فاجرا فهو فاجر مثله..
خلوا ما بيننا وما بين الله..
لماذا لا تخلون ما بين الناس وما بين الله..
لماذا لا تدعون الناس يعبدون ما يريدون ولماذا تقسرونهم قسرا على عبادتكم أو عبادة الشيطان..
خلوا ما بين الناس وما بين الله..
فلا شئ بيننا وبينكم سوى ذاك.
***
بيت الله الحرام..
أعز مكان في الدنيا و أقدسه..
قلب القلب وروح الروح ورمز الهداية والنور..
***
كم تكون قسوة من يدعوك إلى نسيان أبيك و أمك..
كم يكون إجرام من يدعوك إلى نسيان أبنائك و أهلك..
كم يكون فجور من يدعوك إلى أن تهجر ماضيك كله ومستقبلك كله و أن تعيش أسير اللحظة مجرد حيوان ينتشى باللذة ويزدهي بالقوة..
لماذا يغيظهم إيماننا بالله..
نحن ندعوا إلى مكارم الإخلاق فإلام يدعون هم..؟؟..
إلى الحيوانية والوحشية وعبادة الشيطان..؟!..
***
لماذا يدعوننا إلى الكفر..
لماذا..
لماذا..
***
لماذا تحالفت حكوماتنا و نخبتنا الخائنة معهم..
لماذا استعملت كل آليات الكذب الفاجر للمستشرقين والمستغربين لتشكيك الناس في دينهم..
لماذا سلطوا كلابهم لينهشونا.. فمن كلب يتحدث عن التأسلم إلى خنزير يتحدث عن النص إلى حية رقطاء تنفث السم في العقيدة..
فاجرة منهم، ادعت أن الحج والطواف والسعي كلها عادات وثنية..
اعتمدت الفاجرة على جهود سلطة لا تقل فجرا تعمدت نشر الجهل بالدين، وصرخت الجاهلة أنها اكتشفت أن الطواف والسعي كانا من الشعائر التي تمارس في الجاهلية وقبل نزول الإسلام.. نسيت الجاهلة أو تعمدت أن تنسي أن الإسلام نفسه هو ملة إبراهيم عليه السلام.. و أن ما تدعي أنها قد فوجئت به هو من المعلوم بالضرورة.
***
يلاحظ المفكر الإسلامي الهندي الكبير وحيد الدين خان أن الحج يتعلق بمشروع إلهي عظيم، فهو يذكرنا بالمشروع الذي بدأ بإبراهيم عليه السلام واكتمل بمحمد صلى الله عليه وسلم. ومناسك الحج المختلفة هي مراحل هذا المشروع الإلهي التي يعيدها الحاج بصورة رمزية. فالحاج يفارق موطنه متجهًا إلى الحجاز كما كان إبراهيم عليه السلام قد خرج من العراق متجهًا إلى الحجاز. ويتخلى الحاج عن ملابسه العادية ويلفّ حول جسده رداءين، وهذا اللباس – الإحرام – مماثل للباس البسيط الذي كان إبراهيم وإسماعيل يرتديانه. وعندما يصل الحاج مكة ويطوف حول الكعبة فهو يقلد الطواف الذي قام به إبراهيم وإسماعيل توثيقًا للعهد الإلهي. وعندما يسعى الحاج سبع مرات بين الصفا والمروة فهو يقلّد سعي هاجر بحثًا عن الماء في الصحراء.
وعندما يذهب الحاج إلى منى وينحر قربانه فهو يعيد بصورة رمزية ما فعله إبراهيم حين استعد لنحر ابنه ثم نحر كبشًا بأمر ربه. وعندما يتوجه الحاج إلى الجمرات فيرمي الشيطان بالجمار فهو يكرر عمل إسماعيل عليه السلام الذي رمي الشيطان بالجمرات عندما حاول أن يغويه. ثم يجتمع كل الحجاج بميدان عرفات.. وهذا هو الشكل النهائي للكمات "لبيك اللهم لبيك" التي يردّدها كل حاج. وهنا يجتمع كل الحجاج في ميدان واحد مفتوح فيعاهدون ربهم عهدًا جماعيًا بأنهم سيظلون ينفذّون في حياتهم القادمة ما تعلموه خلال الحج وأنهم سيعيشون مقلّدين حياة أولئك الأبرار الذين يؤدي الحج تذكارًا لهم. وقد وصف القرآن مناسك الحج بالشعائر أي العلامات.. وهي كلها الوقائع التي وقعت لإبراهيم وأسرته خلال تنفيذ الخطة الإلهية التي سبق ذكرها. ويقلد الحاج هذه الوقائع بصورة رمزية ويعاهد ربه بأنه – هو الآخر – سيصبح جزءًا من هذا التاريخ.
ويضيف وحيد الدين خان أن الحاج يعاهد ربه بأنه لو طرأت الحاجة فإنه سوف يحطم حياته القائمة ليتقدم نحو الحق، وأنه سيرضى بترك الراحة والرفاهية واختيار القناعة والبساطة، وأنه سيسعى من أجل الله، وسيطوف حوله، وأنه سيرمي تقاليد الشيطان بالجمار، وأنه سيدور حيثما دار به دين الله وسيستسلم لكل ما يقتضيه هذا الدين. فالحاج يقول لله تعالى بلسان عمله وحاله: إنه لو اقتضت الضرورة مرة أخرى لأجل الدين فإنه مستعد لكي يذهب إلى منتهى ما يمكن أن يذهب إليه أحد من البشر وهو أن "يذبح" ابنه ابتغاء مرضاة الله.
***
ليس اكتشاف التنويريين والحداثيين والعلمانيين جديدا إذن.. و إنما هم يجترون كما تجتر الأنعام ما قرأوه – أو ما لُقّنوه – عن المستشرقين من تشكيك في الإسلام في أشرس حرب صليبية يتعرض لها المسلمون وقد خانت نحبتهم فانضمت إلى أعداء الله والدين والأمة والوطن.
***
نعم.. لقد استدار الزمان اليوم مرة أخرى ليعود إلى سيرته التي كان عليها أيام إبراهيم عليه السلام عندما كان الشرك والوثنية يسيطران على فكر البشر ، أما اليوم فيسيطر الإلحاد ومترادفاته من علمانية وحداثة وما بعد حداثة وتنوير على الفكر العالمي..
الفارق كله أن إنسان العصور الغابرة كان يفكر في قالب الشرك أما إنسان الحداثة والعلمانية والتنوير فيفكر في قالب الإلحاد.
والحقيقة أن قضية العصر الحاضر هي عين قضية العصر القديم. إما إيمان و إما كفر. وأهم واجب إسلامي اليوم هو تحطيم هذه الشاكلة الفكرية، ويجب أن تسير حملة الإسلام اليوم على نفس المنهج الذي سارت عليه في قديم الزمان.
***
يصرخ وحيد الدين خان:
يجب أن يستعد البعض مرة أخرى للذبح، ويجب مرة أخرى أن يُسكِن البعض أولاده في "الصحراء" لإحياء تاريخ الدين من جديد. وكان القضاء على عصر الشرك يتطلب التضحية بنسل بشرى، واليوم نحتاج إلى تضحية مماثلة للقضاء على عصر الإلحاد. وهذا هو أكبر درس للحج، و"الحج المبرور" هو حج من يعود من الأراضي المقدسة بهذا العزم..
وكما كان الشرك يتمتع بالغلبة العالمية في عهد إبراهيم عليه السلام، فالإلحاد يتمتع بالغلبة العالمية اليوم. وواجب العائدين من الحج اليوم أن يعملوا على القضاء على عصر الإلحاد وإحياء عصر التوحيد من جديد عملاً بالأسوة الإبراهيمية، وعليهم أن يحيوا الأسوة الإبراهيمية مرة أخرى في هذا العصر، ويجب عليهم أن يضحّوا في هذا السبيل بكل ما تقتضيه الأحوال منهم، فيجب عليهم أن يحوّلوا التضحية الرمزية إلى تضحية حقيقية.
إن الحج عزم على إعادة هذا التاريخ بصورة رمزية في أيام الحج، وبصورة عمل مخطط في الحياة الحقيقية بعد انقضاء أيام الحج.
***
لبيك اللهم لبيك..
لبيك لا شريك لك لبيك..
إن الحمد والنعمة لك والملك..
لا شريك لك..
***
أطوف مع الطائفين..
سبحانك..
سنة الوجود كله هي الطواف..
يتحدث الدكتور أحمد فؤاد عن ذلك النظام الكوني المعجز الذي تعتمد الحركة فيه على الدوران حول مركز معين. فقد توصل العلم الحديث إلى أن الأرض التي نعيش عليها تدور في فلك خاص بها حول الشمس مرة كل عام. والقمر يدور في فلك خاص به حول الأرض مرة كل شهر عربي، كما أن الكواكب الأخرى تدور في أفلاك خاصة بها حول الشمس، ومعظم هذه الكواكب لها أقمار تدور حولها.
والمجموعة الشمسية التي ينتمي إليها كوكب الأرض تدور حول مركز مجرة "درب التبانة" أو "الطريق اللبني" الذي يحتشد فيه حوالي 130 بليون نجم، وهذه المجرة تدور بدورها حول مركز لم يحدده العلم بعد. أي أننا نعيش في كون لانهائي تعتمد الحركة فيه على الدوران الذي هو أشبه بالطواف، وكأننا بهذا نلفت الأنظار إلى ناموس كوني وسنة عامة تتجلى في الخلق كله. وإذا انتقلنا إلى عالم الذرة، فإن العلم الحديث قد أثبت أنها تتكون من نواة تحمل شحنة كهربية موجبة وإلكترونات تحمل شحنة سالبة، ونظرًا للجذب الكهربي بينهما، فإن خالق الخلق وفاطر الفطرة قضى للمادة بالوجود على أساس اتزان حركة الإلكترونات في مدارات خاصة حول نواة الذرة. وبهذا فإن جميع ذرات المواد في هذا الكون تعمل فيها ظاهرة الطواف، يدخل في ذلك جميع الذرات التي تؤلف أجسامنا وطعامنا وشرابنا والهواء الذي نستنشقه، وكل كائن حي من نبات أو حيوان، وكل شيء مادي على الأرض من جبال أو بحار ورمال، أو في السماء من نجوم وكواكب وأقمار، أو بين السماوات من غازات ونيازك وشهب ومذنبات.
ولا يتخلف عالم الأحياء عن هذه السنة الكونية التي تدل على وحدة الكون ووحدانية الخالق، فقد كشف العلم الحديث من خلال تقنية المجاهر (الميكروسكوبات) أن "السيتوبلازم" في الخلية الحية يدور أو يطوف حول نواتها.
وهكذا يتعدد الطائفون، سواء في حالة الإلكترونات حول نواة الذرة أو الكواكب حول الشمس أو الأقمار حول الكواكب مراكز المجرات، أو المجرات حول مركز كوني لا نعرفه، فالكل يسبح ويطوف مصداقًا لقوله تعالى: "كل في فلك يسبحون".
***
ليس من بقايا الوثنية إذن يا خنازير الغرب ويا كلاب النار يا حطب جهنم.. إنما هو يرمز إلى سر عظيم من أسرار الكون فكأن الكعبة المشرفة مركز للجاذبية الروحية التي ينبغي أن تكون بين العبد المؤمن وبيت الله العتيق، هذا البيت الذي يستقبله المسلمون ويتجهون إليه في صلاتهم خمس مرات على الأقل كل يوم وهم بعيدون عنه. وهذه الجاذبية الروحية هي القوة الخفية التي تجعل كل قادم يطوف حول الكعبة بمجرد الوصول إليها، تمامًا مثلما يطوف أي جِرم سماوي بمجرد وقوعه في أسر جاذبية جِرم آخر أكبر منه.
وتدل هذه الرؤية الإيمانية الشاملة على أن الطواف سلوك كوني يشير إلى مظاهر الوحدة والتماثل بين التكاليف الشرعية والظواهر الكونية. ولهذا كان شعار التلبية في الحج أثناء الطواف حول الكعبة هو النداء التوحيدي "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك".
ويلاحظ أ. د.عبد الحكم عبد اللطيف الصعيدي أن حركة الطواف واللف والدوران حول الكعبة هي انسجام مع حركة الكون؛ ذلك لأن الحركة المنضبطة هي الحركة جهة اليمين - عكس الحركة اليسارية لعقارب الساعة - وهذا هو عين ما يفعله الطائف بالبيت.
***
هذا هو عين الخلاف بيننا وبين أعداء الله سواء كانوا من الصليبيين من الغرب أو من المنافقين الخونة من بلادنا..
والخلاف كله: إما إيمان و إما كفر..
لذلك يحاولون التدليس بالجهل وبالكذب..
فإن لم نوافقهم على الكفر حاولوا أن يسحقونا سحقا.
***
لبيك اللهم لبيك.
أطوف مع الطائفين..
أقارن طوافي بطواف الإليكترون حول البروتون و بطواف الشمس حول الأرض وبطواف الشمس حول المجرة بطواف المجرة حول الكون..
أهتف : لا إله إلا أنت سبحانك..
أقارن طوافي بطواف السيتوبلازم حول النواة في الخلية فلا أملك إلا أن أهتف: لا إله إلا أنت سبحانك..
لا إله إلا الله .. واحد أحد.. وحدة المنهج والنظام.. سبحانه.. تركيب الذرة ونظامها هو نفسه تركيب المجموعة الشمسية ونظامها.. والطواف هو ذات الطواف.. لكنني أشارك فيه.. فلا إله إلا أنت سبحانك..
***
لبيك اللهم لبيك..
أطوف مع الطائفين..
أتذكر مراحل الجنين فى الرحم حيث يلخص في دورته دورة الكائن الحي كله..
الحج أيضا يلخص في مناسكه الوجود البشري كله..
وما أشبه الطائفون في هذين الإزارين البسيطين بيوم النشور.
***
لبيك اللهم لبيك..
ما من واحد من هؤلاء الطائفين إلا وهو مستعد أن يبذل ما يملكه كله حتى يصل إلى الحجر الأسود ليقبله..
ولكن ينادى للصلاة، فيتوقف الطواف فجأة، ويصطف الناس حول الكعبة، وترى الحجر الأسود وقد نسيه الجميع فكأنه لايوجد.
أنت يا من كرمك الله تستطيع التوقف عن الطواف لأنك حملت الأمانه..
أنت يامن كرمك الله تستطيع أن تجعل من هذا التوقف مزيدا من الإيمان..
ليس الطواف إذن، وليس تقبيل الحجر الأسود سوى تنفيذ لأمر ..
فإن صدر أمر آخر له الأولوية نفذ على الفور..
تماما كما تصرف الصلاة الطائفين عن الطواف والمقبلين عن التقبيل.
لا إله إلا الله..
لا إله إلا الله الواحد القهار، رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الجبار.
قمة التوحيد.
وكنت أطوف مع الطائفين..
وقلت لنفسي أن هذه القدرة المذهلة على التحكم في النفس والشعور هي عين ما يرعب أعداءنا.
نعم.. عشرات الآلاف.. بل مئات الآلاف يطوفون فما أن تقام الصلاة حتى يتوقف الطواف على الفور..
أي قدرة مذهلة على التحكم في الحركة وفي الشعور..
وعشرات بل مئات الآلاف يتنافسون تنافسا لا يمكن وصفه ولا تصوره على الوصول إلى الحجر الأسود.. فما أن تقام الصلاة حتى يتوقف كل ذلك على الفور..
أي قدرة هائلة مذهلة..
أي انتماء هائل مذهل.. ليس إلى الكعبة بل إلى رب الكعبة.. وليس إلى الحجر الأسود بل إلى خالق الحجر الأسود..
***
لبيك اللهم لبيك..
لبيك لا شريك لك لبيك..
إن الحمد والنعمة لك والملك..
لا شريك لك..
أي قدرة مذهلة عند العالم والجاهل على حد سواء، عند الصبي والشيخ، الرجل والمرأة، قدرة مذهلة على استقبال الأمر وفهمه وتنفيذه على الفور.
أي جيش مذهل يمكننا أن نملكه لو قام على نفس هذا الأساس: الإيمان والتوحيد.. أي جيش مذهل يملك مثل تلك القدرة الهائلة على التحكم في كل هذه الجموع على مستوى الحركة ومستوى المشاعر في نفس الوقت..
***
لبيك اللهم لبيك..
كانت أول دعوة دعوت الله بها أن ينصر الإسلام والمسلمين..
***
أطوف مع الطائفين..
تخيلت لوهلة أن أجد أن من يطوف إلى جواري هو الشيخ أسامة بن لادن رضي الله عنه.. فهل كنت أنكب على يديه ألثمهما و أغرقهما بدموعي..
أدعو الله له بالنصر وبالثيات..
يا رب..
يا رب..
يا رب..
***
أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تنصر الإسلام والمسلمين..
يارب.. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا.. فاجعل أمر الكافرين علينا من حكام أعدائنا وحكامنا سهلا..
يارب.. أعوذ بك أن نضل، أو نُضل، أو نزل، أو نُزل أو نظلم أو نُظلم، أو نجهل، أو يجهل علينا..
يارب..
جاءنا ابتلاء الأولين وليس لدينا إيمانهم..
وما أشبه حال المسلمين اليوم بالحال التي وصفها الله عز وجل في محكم كتابه إذ قال: {إِذْ جاؤُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونا ، هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً} [الأحزاب: 33/10-11].
تلك هي حال المسلمين اليوم تماماً كما وصفها الله سبحانه وتعالى بالأمس، مع فارق كبير، هذا الفارق يشكل الكارثة الكبرى؛ ألا وهي أن المؤمنين الذين أصابهم ذلك البلاء الذي وصفه الله عز وجل كانوا صادقين مع الله، أما المسلمون اليوم فأكثرهم خونة لإسلامهم، معرضون عن مولاهم وخالقهم سبحانه وتعالى، يوالون أعداءهم وأعداء مولاهم وخالقهم عز وجل. تلك هي المصيبة التي ينفرد بها المسلمون في هذا العصر. هذه المحنة التي تدور رحاها على إخوة لنا هم بِضْعَة من جسد هذه الأمة الإسلامية الواحدة، هذا البلاء الماحق الذي كاد أن يَجْتَثَّهُم، هذا الذي ترونه مما لا يستطيع القلب أن يتصوره وأن يتمثله. ما هو موقف قادة الأمة العربية، ولا أتحدث عن الأمة الإسلامية كلها، ما موقفهم من هذا الذي يجري صباح مساء؟ لاشيء، لا يزال كل منهم منصرفاً إلى شأنه، إلى لهوه، لا يزال كل منهم منصرفاً إلى النهج الأمثل الذي ينبغي أن يحافظ به على عرشه أو على كرسيه. ويقيناً - وأظن أنني لا أبالغ - أن الصهيونية لو اجتثت شأفة الفلسطينيين من أقصاهم إلى أقصاهم، ولو أن بيوتهم كلها هُدِّمت فوق رؤوسهم، ولو أنهم مُحِقوا مَحْقاً، ولو أن أمريكا فعلت نفس الشئ بالعراق لظلت سفارات هؤلاء الأعداء في بلاد أولئك الخونة أكثر شموخاً. ولظلت علاقة أولئك الخونة بهؤلاء الأعداء أكثر قرباً وتلاحماً. هذا هو البلاء الأشد مما قد وصفه الله سبحانه وتعالى ومما ينطبق على حالنا اليوم.
يارب..
يا أرحم الراحمين ارحمنا وإلى غيرك لا تكلنا وعن بابك لا تطردنا ومن نعمائك لا تحرمنا ومن شرور أنفسنا ومن شرور خلقك سلِّمْنا.
اللهم يامن لا يرد سائله ولا يـُخيِّب للعبد رجاءه إنا قد بسطنا إليك أكف الضراعة متوسلين إليك بأسمائك الحسنى ما علمنا منها وما لم نعلم.
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً . اللهم ردنا إليك وأنت راضٍ عنا .
اللهم اقذف رجاءك في قلوبنا واقطع رجاءنا عمن سواك حتى لا نرجو أحداً غيرك فأنت مولانا وَ وَلِيِّنا في الدنيا والآخرة يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم يا عظيم نسألك باسمك العظيم أن تَكْفِنَا كل أمر عظيم.
يا مُفَرِّجاً فَرِّجْ يا مُفَرِّجاً فَرِّجْ يا مُفَرِّجاً فَرِّجْ..
اللهم إنا نسألك ونتوسل إليك بذل عبوديتنا لك وبعظيم افتقارنا إليك، نسألك ونتوسل إليك بدموع الثكالى، بدموع الأطفال الذين يُتِّموا، بدموع الأُسَر التي شُرِّدت، نتوسل إليك يا مولانا برحمتك التي وسعت كل شيء، يا أرحم من سُئِل، ويا أكرم من أعطى، نتوسل إليك يا رب بعبادك الشُّعْث الغُبْر الذين لو أقسم عليك أحد منهم لأبررت قَسَمَه، نتوسل إليك يا رب بوعدك الذي قطعته على نفسك {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} نتوسل إليك بذلك كله بين يدي دعائنا وبين يدي أكفنا الـمُقْبِلة إليك نسألك اللهم أن تنتصر لإخواننا عبادك المستضعفين المؤمنين المظلومين.
و أن تنصر يا رب من خرجوا يجاهدون في سبيلك.. أسامة بن لادن وصحبه.. أولئك الذين أعادوا إلى المسلمين فريضة كانوا قد نسوها: فريضة الجهاد، وأعادوا إلينا بسلوكهم عصر الصحابة والسابقين..
فانصرهم يا رب..
واحفظهم يا رب..
اللهم كن صاحبهم عند شدتهم ، و مؤنسهم في وحدتهم و حافظهم في غربتهم يا وليّ نعمتهم اكشف كربتهم واستجب دعوتهم وارحم عبرتهم وأقل عثرتهم.و أخرجهم من حلق المضيق إلى سعة الطريق وفَرِّج من عندك كربهم واكشف عنهم كل شدة واكفهم مالا يطيقون ، اللهم فرج عنهم كل هم وغم وأخرجهم من كل حزن وكرب وفرج عنهم ماقد ضاقت به صدورهم وقلت فيه حيلتهم .
اللهم لقد جعلت الشفاعة في أمة نبيك فشفعنا فيهم يارب.. وانصرهم على القوم الكافرين.
يارب : ارفع مقتك وغضبك عنـا ولا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، ولا تعاملنا بما فعل السفهاء منا، ولا بما يفعل حكامنا..
يا كاشف كل ضر وبلية . يا عالم كل سر وخفية.
اللهم انقطع الرجاء إلا منك وأُغلقت الأبواب إلا بابك فلا تكلنا إلى أحدٍ سواك في أمور ديننا ودنيانا طرفة عين ولا أقل من ذلك وأعذنا من الشر كله واجمع لنا الخير كله يا أكرم من سئل وأجود من أعطى.
يا حي يا قيوم، برحمتك نستغيث..
اللهم إنا ببابك نقف فلا تطردنا وإياك نسأل فلا تخيبنا .
اللهم إنك تعلم أننا لا نملك من الجهاد الذي أمرتنا به في هذه الساعة إلا هذا الالتجاء، إلا هذا الرجاء، إلا أن نطرق بابك العالي يا رب العالمين، فنسألك بإيماننا بك، وبتوحيدنا لك، نسألك بأنك ولينا الأوحد الذي لا ولي من دونك، أن تستجيب الساعة دعاءنا فتنصر عبادك المؤمنين المستضْعَفين في فلسطين و أفغانستان والعراق والشيشان وكشمير وسائر بلاد المسلمين، وأن تردَّ عنهم كيد الكائدين بما شئت وكيف شئت يا رب العالمين.
اللهم انتقم من أعدائك وأعدائنا، اللهم انتقم منهم، اللهم انتقم من أعدائك وأعدائنا انتقاماً يشفي غليل صدور قوم مؤمنين يا رب العالمين يا أكرم الأكرمين.
اللهم انتقم من حكامنا الذين أذلونا هذه المذلة و أوصلونا إلى هذا الحال..
إلهي أنت القائل: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 11/102] أَرِنَا اللهم كيف يكون أخذك الأليم الشديد لهؤلاء المستكبرين عليك الطغاة على عبادك.
يا رب إن عبادك المؤمنين الذين يُسْحَقون ويُمْحَقون وإن كانوا قِلَّةً ولكنهم مؤمنون ولكنهم صادقون، اللهم إنهم قد رَخَّصُوا أرواحهم واستهانوا بحياتهم في سبيل مرضاتك، فنسألك اللهم بصدق إيمانهم بك وبصدق التجائهم إليك أن تستجيب الساعة دعاءنا. اِرفع اللهم هذا الكرب عن إخوتنا وجيراننا يارب العالمين.
اللهم إنا نسألك ونتوسل إليك بحبك لرسولك محمد صلى الله عليه وسلّم الذي دعاك ليلة بدر قائلاً: ((اللهم إن تخذل هذه العصابة فلن تُعْبَد في الأرض)) ندعوك بما دعاك به رسولنا محمد صلى الله عليه وسلّم، ونستمطر التلبية التي لبيت بها رسولك محمداً صلى الله عليه وسلّم، ننتظر النصر الذي أكرمت به رسولك محمداً صلى الله عليه وسلّم. نسألك اللهم بانتسابنا إليه، نسألك اللهم بأننا من أمته، نسألك اللهم بأننا صادقون على العهد سائرون على الدرب أن لا تخيّب آمالنا يا رب العالمين.
***
اللهم إنك قلت وقولك الحق ادعوني أستجب لكم ، اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة وهذا الجهد وعليك التِّكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
تعليقات
إرسال تعليق