بكاء على لبن - بل دمٍ- سُكب كله


أما وابن المقدم حي فلا..
الدكتور الشيخ محمد إسماعيل المقدم
رحت أرقب ثبت مؤلفاتك في ألم عندما صحوت مهموما في جوف الليل باحتمال أن تنفجر الحركة السلفية من داخلها لأجد الكلمات يتمتم بها لساني:
أما وابن المقدم حي فلا..
أما وابن المقدم حي فلا..-
أما وابن المقدم حي فلا..-
من أجل ذلك أدعوك يا أيها الشيخ الجليل و أرجوك وأتوسل إليك أن تسارع مع رفاقك الكرام لوقف النزيف ومنع الانهيار وإطفاء النار
وأريد أن أؤكد على النقاط التالية:
أولا: أنني في كتابتي عن الموقف الكارثة لم أقل كل ما أعرف ولا كل ما أريد أن أقول بل اكتفيت بما عرفه الناس. ما لم يعرفه الناس قد يكون أسوأ وقد صمتّ عنه وأحد شهودي في ذلك الكاتب الكبير محمد إبراهيم مبروك الذي أخبرني ببعض هذا الأسوأ.. بل إنني أبيت الاستشهاد بالمنشور وهو كثير وآخره ما قاله واحد من أطهر شباب الثورة وأنقاهم وهو المهندس خالد حربي.
ثانيا: أنني أحمل للشيخ ياسر إشفاقا هائلا لوضعه الإنساني وللكارثة التي أوقع نفسه فيها. وأحمل له تقديرا لدوره الهائل في الدعوة وجهاده وصبره وتعذيبه. ويحمل قلبي له بعض حب.. ولا أحمل له – والله على ما أقول شهيد- ذرة كراهية.
ثالثا: أؤكد كل ما قلت عن الدور السياسي الكارثي للشيخ ياسر.. وأؤكد في الوقت نفسه أنني أحسبه- ولا أزكيه على الله- أفضل مني كثيرا.. وذلك بفضل عبادته ودعوته وجهاده واجتهاده الذي تراوح فيه بين الأجر والأجرين. وربما أكون أنا لم أحصل لا أجرا ولا أجرين .. والخطأ لا يقبع في مقومات شخصية الشيخ ياسر بل في الدور الذي اراد أن يقوم به .. الأمر يشبه أنك أتيت بطبيب لكي يعمل مهندسا. ستكون كل أخطائه كارثية. وهذا ما حدث مع الشيخ ياسر عندما ترك الدعوة ومارس السياسة أو مزجهما فأفسد كل منهما الآخر.ولست أعني تناقض الدعوة والسياسة.. ولكن هناك من يجيد أحدهما.. وهناك من يجيدهما معا.. وكل ميسر لما خلق له.
رابعا: الأمر لا يتعلق بالشيخ ياسر بل بالدعوة السلفية كلها.. وياله من ألم أن تتحول هذه الدعوة كلها وهذا النور كله وهذا الخير كله وهذا العلم كله وهذا الجهاد كله إلى لبن مسكوب. لن أقول لكم أن أمر الشيخ ياسر لا يهمني.. بل يهمني كأخ في الله وكأستاذ وكشيخ وعالم جليل أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرده عن ظلمه حين يظلم وبذلك أنصره. لكن ما يهمني أضعاف اهتمامي بالشيخ الجليل مليون مرة هو الحركة السلفية نفسها.. فهي الوعاء الحقيقي الرئيسي الذي يحافظ لنا على الإسلام مهما اختلطت بها الشوائب. الحركة السلفية والفكرة السلفية مستهدفة ..وهي التي أدافع عنها بكل ما أملك.
خامسا: أظن أن الشيخ ياسر كان ضحية براءته وطيبته وسذاجته وعناده وأنه تعرض لمؤامرة كبرى وقع فيها.. ليس منذ لقائه بشفيق بل منذ لقاءاته بعنان.. .. لماذا يرحمك الله ذهبت و لماذا يرحمك الله لم تستشر ولماذا يرحمك الله لم تفعل ذلك في العلن ولماذا –حتى بعد أن فاتك هذا كله- لم تبادر بالإعلان أنت بعد أن انكشف السر بل لماذا لم تسبق أفعى الشيطان الأبراشية في الإعلان. هل وثقت في ذمته أو في ذمة شفيق! لماذا.. لماذا لماذا.. هل أمنت الفتنة أم أمنت مكر ربك.. أم نسيت ويضل الله الظالمين.. لا أريد الآن أن أتحدث عن أخطائك في الإعلام التي نتجت عن علاقتك بعنان والتي شقت صف الثورة وأهانت بعض شبابها وما منا أحد إلا وقع في حبائل ما كانت تنشره من معلومات خاطئة مقصودة- أكاد أقسم أنك ارتكبتها دون أن تعلم- لكن هل ينقذك هذا من بطش ربك.
سادسا: يا ابن المقدم.. لا أزكيك على الله الذي أحبك فيه.. الدعوة السلفية في مأزق خطير وستتكاثر عليها الخناجر والحناجر فأدركها أنت ورفاقك الكرام ووالله ما عددت نفسي يوما إلا تلميذا لكم (ليس عن تواضع زائف بل إن لدي من الاعتداد ما يجعلني أعظم من ملك وأكبر من رئيس لكنه لا يجعلني ابدا إلا تلميذا لكم وأصغر من شيخ) لكنني ألزمت نفسي أن أتلمس الحق دائما .. ليس حيث يكون فهذا ليس في مقدوري .. بل حيث أظن أنه يكون .. فأكون بين الأجر والأجرين..وأنت تعلم أنني لا أجامل فيما أظن أنه الحق.. بل إنني كنت في غاية القسوة عليك أنت عندما جال بخاطري أنك جاوزت الصواب (راجع مقالي الطويل جدا: ساد العلماء فسدنا وفسدوا ففسدنا).. وأظننى كنت على حق ..ولكنني أشهد الله هنا أنني ظننت أيامها -وبعض الظن إثم- أنك قد تغضب لنفسك لكنك ولا أزكيك على الله أشدت بما أكتبه بما فيه من هجوم عليك وربما كنت قد ظلمتك في بعضه دون قصد مني فسامحني .. فأنا إذن لا أجاملك ولا أتملقك..لكنني لا أرى أمامي الآن – بعد دعائي لله واستغاثتي به- غيرك أستنجد به أن ينقذ الحركة السلفية من عدوات الخارج وخطايا الداخل.
سابعا: كارثة الشيخ ياسر الأخيرة ليست إلا دخان البركان الثائر الموشك أن يلقي حممه..فالنجدة النجدة والغوث الغوث. غوثا جذريا يطفئ الحريق والجمر. ويا ليتك تقود مجموعة من علماء السلف يحظون بالإجماع مثلك يقودون الحركة ويوقفون الاتهامات المتبادلة ويمتنعون عن التصريح والنشر والبوح وأن يتم إجراء تحقيق جاد عادل تعلن نتائجه.. وحتى يحدث ذلك يتم تجميد مواقع كل الفرقاء وأن يحل محلهم مؤقتا من يحظون بإجماع الجماعة ويخافون من شقها.
ثامنا.. لا أكاد أعرف الدكتور عماد عبد الغفور.. والرجل اشتهر على كل حال بدماثته وذكائه.. لكنني أعترف أنه لا يوجد أي وجه للمقارنة بينه وبين الشيخ ياسر برهامي في العلم والدعوة وسابقة الجهاد.. حيث يبدو الدكتور عماد مثل فيللا أنيقة متناسقة بينما يبدو الشيخ ياسر ناطحة سحاب هائلة.. أليس غريبا على الرغم من ذلك أن تبدو المواقف السياسية والحزبية للدكتور عماد تحمل من الصواب والمنطق والموضوعية والاتزان ما يفتقده الشيخ ياسر!
تاسعا: إن الشيطان الذي يئس أن يعبد بأرضكم قد رضي بدون هذا فلا تمكنوه منه.. ومهما كان ما وقع فيه الشيخ ياسر فلنتذكر ما حدث من الصحابي الجليل حاطب.. رضي الله عنه.. يا شيخ ياسر.. إنه –فيما أظن شيطان المكابرة والعناد وقاك الله منه. هل تنفي يا شيخنا الجليل ياسر برهامي أن لك شيطانا – أدعو أن يعينك الله عليه.. لكن ترى كيف سيوسوس هذا الشيطان لك وما هي مداخله.. هل سيقول لك هذا ذنب فاقترفه أو هذا ذنب فارتكبه.. أم سيخيل لك أن ما تفعله هو عين الجهاد وعين الصواب.. سيخدعك أيها الداعية الجليل من خلال علمك وفضلك وسيسحر عينك فترى الحق باطلا والباطل حقا.. ووالله الذي لا إله إلا هو إني لأحسبك أهلا للتوبة رجاعا للحق مرتعدا يا مسكين مثلي مرعوبا مثلي مفزوعا مثلي من أن نكون لا قدر الله من تلك الفئة التي يقول الله عنه أنه سبحانه يضل الظالمين.. ووالله ما أحسبك منهم.. ووالله إنني سأموت مرعوبا من أن أكون منهم.. وسأظل مرعوبا حتى تدخل كلتا قدمي الجنة!!
عاشرا:
يابن المقدم: المخاطر جمة والطريق وعر والمسئولية أمام الله سبحانه وتعالى هائلة فلا تتركوا الحركة السلفية تذوي بسبب خطايا بعض أبنائها..
يابن المقدم.. وأنت حي بيننا فلا..
يابن المقدم.. وأنت حي بيننا فلا..
يابن المقدم.. وأنت حي بيننا فلا..
وأنتم يا معشر السلفيين على مستوى الجمهورية عامة وفي الإسكندرية خاصة.. بل وخارج مصر أيضا.. لا تسمحوا للشيخ محمد إسماعيل المقدم أن يبتعد.. لا تسمحوا للجبل الشامخ المعتزل الفتنة أن يواصل اعتزاله.. أقسمت عليكم يوم الجمعة وفيها ساعة إجابة أن تحملوه حملا على تولي المسئولية وقيادة السفينة التي توشك أن تحطمها الأمواج والأنواء..
فليُعلم من قرأ من لم يقرأ..
فليعلم من قرأ من لم يقرأ..
فليعلم من قرأ من لم يقرأ..
اللهم إني بريء من دم الحركة السلفية المسفوك..
لا تتركوا ابن المقدم بعد صلاة الجمعة اليوم حتى يتولى هو ومن يختار زمام الأمر كله ويطفئ نار الفتنة كلها..
هذا آخر حديثي.. وهذا آخر الاجتماع.. ولن أتناول هذا الأمر مرة أخرى..
يابن المقدم: لم ألقك منذ عشرين عاما ولم أهاتفك من يومها ولقد كان تأثيرك علىّ -كما هو على كل مفكر إسلامي- هائلا جزاك الله عني وعن المسلمين خيرا وسامحني في كتاب أعطيتنيه على أن أرده ففقد مني!
ألا قد بلغت..
اللهم فاشهد..
ألا قد بلغت..
اللهم فاشهد..
ألا قد بلغت..
اللهم فاشهد..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتابي: الجزء الأول

بعد مائة عام..!!