من مواطن مصري غلى الرئيس مبارك ٢

من مواطن مصري إلى الرئيس مبارك ٢

من مواطن مشاعري إلى الرئيس مبارك "3"



عيد ميلاد سعيد يا سيدي .
عيد ميلاد سعيد .
كم عمرك الآن يا سيادة الرئيس .
وكم يتبقى لك من العمر … عام .. عشرة أعوام … خمسون عاما ..
سوف تمر كلمح البصر كما مضى ..
ثم ووجدتني يوم الحساب ..
لقد بدأت الخامسة والستين ..
فأسمع قولي قبل ألا تسمع .
أسمعه قبل لات ساعة ندم .
الآن تحفل صحفك بتعداد مناقبك، وسوف تحفل ففي غد غريب بعكسه، فاسمع قولي لعل الحق فيه . أسمعه، أسمعه لأنني لن أغيره إذا كتب لكنني أن أعيش بعد أن تموت .
ورغم علمي بأنك لم تطلب رأيي ولم تسأل شهادتي، فإنني أدلى بها، لأن نبيي وشفيعي يوم القيامة خبرني أن خير الشهداء الذي ووجدتني بشهادته قبل أن يسألها .
اسمعني فقد لا يكون بينك وبين الجنة إلا أن تسمعني فتتوب فتدخل الجنة .
اسمعني فسوف نحشر معك يوم القيامة إلى الله حفاة عراة غرلا . ويصك النداء آذاننا، يسمعه القريب كما يسمعه البعيد :
 أنا الملك أنا الديان..
حين يقبض الله الأرض ويطوى السماوات بيمينه ثم يقول :
أنا الملك أين ملوك الأرض، أين الجبارون أين المتكبرون .
بم تجيب ساعتها يا سيادة الرئيس .
ألم يجعل سمعا وبصرا ومالا وولدا، وسخر لك الدنيا، فبم تجيب
لقد استرعاك الله علينا ومن استرعاه الله أمة محمد فمات وهو غاش لها حرم الله عليه الجنة .
اسمعني ففرق بين أن تكون الممارسة السياسية عمليه دءوبة لقيادة المجتمع، وبين أن تكون أداه ففي خدمة الحاكم لترويض المجتمع  واستئناسه، يتكيف مع واقع زائف .
اسمعني، فبحق جلال الله ما أعرض عليك شيئا لن تُسأل عنه يوم الفزع الأكبر..
اسمع منى – لأني لا أخفى عنك شيئا-  – ما رواه الدكتور هارون طلحة طبيب الصحة المدرسية بالجمالية، والذي أفرجت عنه النيابة لبراءته . اسمعني فقد قبض عليه ففي عهدك، اسمع اعترافات البريء وتخيل ما حدث مع من لم يبرأ  :
بدءوا معي في مباحث أمن الدولي بتكبيل يدي بالحديد، وعصب عيني برباط مشدود جدا، وتوجيه  الشتائم لكنني ولأبى ولأمي، وبعد أن جردوني من ملابسي كلها ألقونى على الأرض وبدءوا ففي صعقي بالكهرباء، ففي مختلف أجزاء جسمي وبالذات أعضائي التناسلية، واضعين فوق جسدي العاري ثلاث كراسي واحد على الصدر والثاني على البطن والثالث على الساقين، واليدان مكبلتان من خلفي وأنام عليهما ففي صعق متواصل بالكهرباء، وأنا بدون شعور أتنطط على القيد الحديدي المكبلة به يدي من خلف ظهري حتى فقدت الوعي، وبعد أن أفقت وجدت حلقي قد جف تماما، ولساني ملتصق به، ولا أستطيع الكلام، وأخذت أفتح فمي وأغلقه فوضعوا فيه قليلا من الماء، وطلبت المزيد فرفضوا ثم أوقفوني عاريا معصوب العينين ومكبلا من الخلف لينقلوني بعد ذلك من غرفة إلى أخرى، ومن مكان إلى آخر والضرب مستمر على ظهري بجنزير من الحديد، وعلى وجهي بأيد غلظة، وعلى القفا، ثم أخذوا ينتفون شعر لحيتي ليضعوه ففي فمي، ويأمرونى بأن أمضغه ثم يعودون إلى الجولة الكهربائية، مطروحا على الأرض، ثم الوقوف عاريا تماما أمام شباك مفتوح طول الليل ففي برد يناير القارس دون طعام ولا شراب، وفى هذا الوضع تكون الكهرباء ففي الأذن والشفتين، كما هددوني بالقتل خمس مرات، وهددونى بإحضار زوجتي لكي تراني على هذا الوضع، ولكي يعتدوا عليها .
يا شيخ محمد الغالي، يا شيخ شعراوى، يا شيخ الأزهر، يا مفتى الديار، يا قاضى القضاة، نريد الفتوى منكم، لا من عمر عبد الرحمن، ولا من شكري مصطفى، ولا حتى من سيد قطب، نريد فتواكم فيمن يفعل هذا، أمؤمن، أمسلم، نريد فتواكم فيمن أمر به أمؤمن أمسلم ؟ نريد فتواكم ففي ولى الأمر الذي علم بهذا كله فلم يمنعه .
أجل يجب أن تفتونا ففي هؤلاء الجلادين .
لو أن أحدا منكم مثلما فعل شيخ المسجد الأقصى الأسير، فأفتى بعدم جواز صلاة الجنازة على حمزة البسيونى، وصفوت الروبى، والوزير البذيء، لما استمر الأمر .
أفتونا أنتم قبل أن نبحث عن الفتوى عند غيركم .
يجب أن تعلم الأمة موقف دين محمد صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الجلادين أفتونا، لو خرج مثل هذا الرجل من المعتقل بعد ما تعرض له من تعذيب ليغتال ضابط مباحث أمن الدولة ففي الفيوم، أو ليغتصب فتاه العتبة، أو أن يكون شاهدا ديوثا يرى انتهاك الأعراض والحرمات فلا يتحرك، لو حدث أي من ذلك فمن هو المجرم ؟
أفتونا، فأنتم بفتواكم لنا لا تفيدونا فقط، ولا تؤدون شرع الله فقط وإنما تفيدون أيضا من يقوم بذلك، ربما لا يعلمون أن ما يقومون به من كبائر الكبائر، إنه لا يمكن أن تكون عقيدة التوحيد سليمة لضابط يخاف الحاكم أو وزير الداخلية أكثر من خوفه من الله، ويحرص على تنفيذ أوامرهم حتى ولو كانت منكرا يأباه الله  ورسوله والمؤمنون . أفتوهم ففي حقيقة إيمانهم، أنا لا أكفرهم، فليس من حقي أن أفتى،  لكنكم يا مسئولون عن الفتيا من واجبكم ومن حقهم عليكم أن تفقهوهم ففي أمور دينهم،  دعكم من إنكار المنكر وجحود الجاحد، أسألكم عمن يفعل ما ذكرت، من يعذب بالنار التي لا يشدني أن يعذب بها إلا الله، من يجلد بالسياط ويصلب، من يلعن الآباء والأمهات، وينتهك الأعراض، أو من يتستر على ذلك، من يأمر بحبس وهو ظالم، من يلفق تهمة، نريد فتواكم اليوم، لا يدعى منكم أحد أن ذلك لا يحدث، وحتى لو ادعاه فليفترض أن ذلك يحدث وليفت فيه، إن فقهاء المسلمين العظام  قد أفتوا في كثير من الافتراضات، فإن كنتم لا تصدقون ما نقول، فافترضوا أنه لا يحدث ففي عهد محمد حسنى مبارك، افترضوا أنه سيحدث ففي زمن قادم، ففي عهد رئيس آت، أو مات من ألف عام، قلبي لا يكون هناك عليكم حرج ولا خوف ولا تقيه . أناشدكم جميعا، وأخص بالمناشدة الشيخ محمد الغالي، ذلك العظيم الذي لم يفر ففي عصرنا أحد فريه، وليس عليك أن تقول فقط، بل أن تناشد الآخرين أيضا أن يحددوا موقف الدين ممن يفعله، أتقبل صلاته وصومه، أتقبل منه عبادة، أيتعامل معه المسلمون كما يتعامل المسلمون مع المسلمين، أتقبل  شهادته، أتقبل مصاهرته، أتجوز مجالسته ومصاحبته،  ثم ما موقف أهله منه، تلك كلها تساؤلات يجب أن نعرف حقيقة الإجابة عنها، قلبي لا يفرِط أحد ولا يفرّط أحد، ولكي يعلموا هم أنفسكم، فلقد جمعتني الصدفة ببعضهم، فأصبت بالرعب والذهول حين وجدتهم لا ينكرون ما يفعلون، إنما هم على يقين بصوابه، ذهلت حين وجدت أن عمليات غسيل المخ قد نجحت معهم بالكامل وأنهم يقدمون على ما يقدمون عليه بيقين كامل أنهم على صواب، وليس ذلك فقط، بل إنهم يظنون أنهم سيثابون عليه أيضا، لا من الحكام كما قد يتبادر للذهن بل من الله، أليسوا يطيعون ولى الأمر ؟
ولقد جمعتني صدفة يا سيدي الرئيس بلواء ففي جهاز سياسي هام، فرحت أطرح عليه بعضا مما أطرحه الآن عليك، كان ذلك منذ سنوات، وحتى قبل انهيار الكتلة الشرقية ولم يخف الرجل ضيقة وعذابه فانفجر قائلا : أنت تفكر بصورة نظرية ومثالية لا توجد لها ففي الواقع أرض، هل تصدق دعاوى الحرية والديمقراطية والحق والعدل والخير والجمال؟ على مستوى العالم كله لا يوجد ذلك، لا توجد إلا المخابرات الأمريكية تحرك كل شئ وتوجه كل شئ وعلينا أن نرضخ لذلك ونتصرف ففي حدوده، فهذا خير من الفناء . وصرخت فيه : لقد وضعتها مكان الله . وخيم علينا صمت حزين ذاهل، وكل منا يحاول ألا يصدق الأخر، وإلا فقد مبرر وجوده .
سيدي الرئيس :
لقد اكتفيت حتى الآن بضرب مثل واحد فقط، ومع أن هذا المثل وحده كاف لإدانة عهدك كله، ومع ذلك فلم يكن من البحر إلا قطرة، أم لم تسمع يا سيدي باقتحام المساجد واعتقال المصلين، وفتح النار عليهم، بل وإطلاق القنابل المسلة للدموع فيها؟  وتطور الأمر ففي عهدك يا سيادة الرئيس كما لم يحدث ففي عهد قبلك، فابتدع نظامك القبض على رهائن من آباء وأمهات وأبناء المطلوبين حتى يسلموا أنفسهم، وابتدع أيضا حملات التأديب على قرى وأحياء ومراكز بالكامل، لعلك يا سيدي نسيت لكننا –نحن- لم ننس، كل واقعة منها طعنه ففي القلب، طعنة لا تزال تنزف، سنورس وبهوت وفوة والمنصورية وميت عنتر وأبو قرقاص وكفر الدوار والمحلة وعين شمس والمنصورة وبنى سويف، وطلبة الجامعات والعمال والزقازيق وأسيوط والمنيا ونجع أبو شجرة وسوهاج وقنا وميت فارس وأخميم وبلجاى وكفر سليمان وتيرة وبنى غالب والعنانية والمطرية وأبو زعبل ومراغة ونزلة شادى والكوم الأحمر .
هل تعرف ماذا يحدث ففي عمليات التأديب تلك ؟ أم لم يأتك نبأ ما حدث ففي قرية الكوم الأحمر – على سبيل المثال والاستدلال لا على سبيل الحصر للأفعال، إحراق المنازل وهدمها وتدمير أثاثها، إذلال المواطنين وهتك أعراضهم، ترويع النساء والأطفال، اعتقال القرية بأكملها ففي معسكر للأمن المركزي وتعذيبهم جميعا فيه،  ضرب الآباء أمام أبنائهم والأبناء أما آبائهم والأمهات أمام الجميع، سفح الكرامة والشرف، ذبح النخوة والشهامة، وكل قيمة نبيلة، إعدام الرجولة والإنسانية.  ثم يتساءل  كتبتكم لماذا وقف المواطنون سلبيين وعرض فتاه العتبة ينتهك أمام أعينهم ؟ .
وقفوا سلبيين يا سيادة الرئيس لأن عرضهم كان منتهكا بالفعل قبلها، من لم ير سمع، ومن لم يحضر اعتبر، أدركوا أن الدولة بقضها وقضيضها لا تحمى كرامة ولا تستر عرضا بل هي التي تهدده وتنتهكه .
ويتساءل كتبتكم أيضا : لم هوجم ضابط مباحث أمن الدولة ففي دمياط واغتيل زميله ففي الفيوم ؟ .
سيدي : لو أن كل هذا الاستفزاز وجه إلى كلب لعقر، إلى حيوان لطاب له الموت، إلى حكيم لجن، إلى حليم لاحتار، إلى مواطن لفقد كل انتماء للوطن .
ولم يكن كل ذلك يا سيادة الرئيس لحماية هيبة الدولة، لم يكن لإحقاق حق ولا لإبطال باطل، لم يكن حتى للردع، بل كان فقط لمجرد إذلال الناس، ففي عصر أصبحت فيه قيمة الشخص فيه تتحدد بقيمة الجرائم التي يمكنه ارتكابها دون عقاب، نفس ما تفعله أمريكا وإسرائيل بشعوبنا يفعله رجالكم بنا، نفس الطغيان والجبروت والسحق، ذلك أن أي طاغية وكل طاغية ففي حقيقته عبد خوار إذا واجهته القوة وعتل جبار إن واجهه ضعف، عدنا إلى عصر الغابة، حيث الإنسان وحش لا تحميه إلا مخالبه، لقد ضج القضاء نفسه من بطش الشرطة وحفلت حيثيات أحكامه بالاعتراض، بل إن الأمر لم يخل من ضابط شرطة شرفاء هالهم ما يحدث، فاعترضوا عليه، وهرب بعضهم إلى وظائف مدنية أو إلى أي قطاعات ففي الشرطة لا تعذب الناس، واكتفى بعضهم بعذابه، ونجح البعض الآخر ففي خداع نفسه، لكن العميد أسامة حلاوة صرخ مناديا بنبذ سياسة الشلل والطوائف ففي الشرطة، وألا يشغل المناصب الهامة إلا الأكفاء فلا تظل المناصب حكرا على أصحاب الوساطات وأقرباء القيادات والقادرين على إنشاء صلات، ولم يتمالك الضابط الشريف نفسه فهتف مطالبا بإلغاء مباحث أمن الدولة، معترفا أن هذا الجهاز قد بنى عضلاته ففي الظلام ففي غفلة من القوانين، وأنه فضلا عن ذلك أثبت عدم قدرته على ضبط الجريمة السياسية. كما أن الشائعات تنتشر بشكل مخيف عن طريقة الالتحاق بكلية الشرطة، عن أول درس يتلقاه الطالب قبل أن يخطو خطوته الأولى إليها، عن قصيدة أولها كفر، فعلينا أن نستنكر بدايتها قبل أن نرفض نهايتها .
سيدي الرئيس :
هل هالك ما سمعت، بيد أنه بالرغم من بشاعته، لا يقدم إلا جانبا واحدا لصورة متعددة الجوانب، إلا ذراعا واحدا لإخطبوط، لأن ما يحدث ففي أقسام الشرطة ليس أقل بشاعة ولا تدميرا للأمة مما يحدث من تعذيب وعقاب جماعي، والأمر ليس مقاومة إرهاب، ولا حتى محافظة على نظام الحكم، إنما هو إجرام لم يجد من يردعه، لا عن سهو ولا عن جهل، وإنما هي سلسلة واحدة تتعلق بالفساد والتزوير، وبالرغم من ذلك كله يسخر وزيرك من شعبك متهكما، فيتساءل هل نستقبلهم ففي فنادق ذوات نجوم خمس، رعاياك يا مولاي لا يعرفون ذوات النجوم، فكيف يطلبون ما لا يعرفون، وهو لا يطلبون ما لا يعرفون، وهم لا يطلبون إلا قليلا، قليلا فقط من الكرامة واحترام الآدمية.
نعم..  قليلا فقط من الكرامة واحترام الآدمية .
إن أحداثا كهذه يا سيدي تجعلني أكاد أسمع بأذني صرير تفسخ أوصال أمتك، انهيارها، اقتلاع جذورها، فنحن يا سيدي أبناء دين علمنا أن دماءنا وأموالنا وأعراضنا حرام عليكم وحرام علينا . إن من يعذب الناس دخل النار.
ديننا يعلمنا أن للكبائر كبائر ومن أكبرها شهادة الزور، أليس تزوير الانتخابات شهادة زور .
إن الكذب يهدى إلى الفجور، وإن الفجور يهدى إلى النار .
وإن من أشار لأخيه بحديدة  فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه، وإن كان أخاه لأبيه وأمه،  فكيف يقرأ الحديث لا من يشير بحديدة بل يحطم بها العظام .
وإن الرسول صلى اله عليه وسلم قد نهى عن لعن الدابة، فكيف يقرأ هذا من يلعن الإنسان الذي كرمه الله . وإن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة ففي الدماء فكيف تستقيم عقول أناس يدّعون الإيمان ويسفكون الدماء .
كيف لا تتحطم نفوسهم وتنسحق أرواحهم إذ يقرءون : أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم وصيفة إلى أمر، فأبطأت، فقال لها : والله لولا خوف القصاص لأوجعتك بهذا السواك.
يا إلهى  بأبى أنت وأمي، ما أكرمك وما أرحمك وما أحلمك حين تخشى القصاص من السواك، فما بال أناس يدعون انتماءهم إليك، وجوههم وجوه إنس وقلوبهم قلوب شياطين، لا يخشون قصاصا من سفك دم وهتك عرض وإهانة من كرمه الله .
والله يا سيادة الرئيس إنني أرثى لهم .
ليس لضحاياكم بل لجلاديكم..
ذلك أن بطشهم ليس موجها لما تسمونهم بالجماعات الدينية المتطرفة فقط، بل للأمة كلها ولذواتهم أيضا .
أنت قرأت بالتأكيد يا سيادة الرئيس تلك القصة التي نشرها بريد الأهرام عن تلك المرأة التي اغتصبت ففي حديقة الأزبكية، ولم تكد تمر أسابيع قليلة حتى كانت الفاجعة المذهلة لفتاة العتبة، أقسم لك يا سيادة الرئيس أن الدموع تملأ عيني، وأنا أكتب لك، لا من أجل الفتاه فقط، لكن من أجل أربعمائة ديوث مسختهم أنظمة حكم آخرها  نظامك، هل كنا، أتربينا على هذا، أنا لا أتحدث عن تاريخ موغل ففي القدم قد يبالغ ناقلوه، كي أتحدث عن تاريخ عشته أنت ففي شبابك، الأربعمائة رجل مجرد مثل لملايين الرجال، وهم أصدق تمثيلا للأمة من مجلس الشعب والشورى ومن المثقفين والسادة، ما الذي مسخ شعبك هكذا يا سيادة الرئيس، ما الذي فعل بنا هذا سوى سلاسل شيطانية من القهر والفساد والجبروت، من انعدام الثقة، من إدراك الجميع أن كل أجهزة الدولة مكرسة فقط للحفاظ على نظام الحكم، أما الباقي فلا يهم، دعوهم كحيوانات الغابة، أو كلاب الطريق الضالة، أربعمائة رجل، كل ديوث منهم – ومنا – وكل مسخ فكر ألف مرة فيها يمكن أن يحدث له لو ذهب إلى قسم الشرطة، قلاع الأمان التي تحولت إلى مجازر تعذيب، أم لم تسمع يا سيادة الرئيس عن ذلك الضابط ففي أحد أقسام الشرطة، الضابط الذي أرغم مواطنا أن يقبل قضية، أكنت ترجو بعد هذا من الأربعمائة ديوث أن يكونوا إيجابيين أو أن تمسهم الصحوة الكبرى عبر تقبيل المواطن – أحد رعاياك الذين سيسألك الله عنهم – لقضيب الضابط .
إن هذه النوعية الخاصة من الجرائم ليست إلا نتاج نطفة حرام نمت وترعرعت ففي رحم السلطة .
إن اللواء حلمي الفقي مدير مصلحة الأمن العام، بعد أن يؤكد أن حادث اغتصاب فتاة العتبة حادث عادى، يتهم الفتاة الضحية بأنها هي التي شجعت الشاب على هتك عرضها، وأنها تركته يفعل ما يشاء حتى وصل بيده إلى منطقة حساسة دون أن تنهره أو تصرخ .
هكذا تتحول الضحية إلى جانية، وتصرخ الفتاة للصحفيين إن ضباط الشرطة يعاملونها كمتهمة .
وفى حادثة إمبابة حدث نفس الشيء، نفس النظرة إلى الناس كحيوانات قذرة، لا شعور لها ولا إحساس، ولكي يغطوا على التقصير المخجل، نشرت الصحف أن الزوجة عشيقة صديق الزوج، وأنكرت الزوجة وأنكر الزوج، وأنكر الصديق، فمن أين أتوا ببهتانهم، نفس المنهج، ونفس الفكر الذي يعاملون به المثقفين والمعارضين والوطنيين، أقصى درجات التشويه والكذب لتبرير الإجرام .
لكن ما دامت الجريمة قد وقعت فلا بد أن يكون هناك مجرم، وما دام المجرمون الحقيقيون فوق القانون وفوق المساءلة، فلا بد أن يبحثوا عن إلصاق الجريمة بالضحية .. بالشعب ، ولماذا تستغرب هذا على مدير أمن عام، إذا كان سيد سابق له قد اتهم رموز أمته، وخلاصة ضميرها، بأنهم خنازير وكلاب، ومصابون بالشذوذ الجنسى . ولماذا نستغربه من مدير أمن عام إذا كان سيد سابق له قد قال لشيخ جليل تحت قبة مجلس الشعب : " يا سافل يا مجرم يا وسخ ".
لماذا نستغرب إذن تصريحات اللواء حلمي الفقي ن ولماذا لا نكون واقعيين فننصح كل فتاه تغتصب -  وكل معتقل يعذب – أن تلعق كالحيوان جرحها بلسانها، وألا تلجأ إلى مسئولين قد لا تقل وحشية بعضهم عن وحشية من اغتصبوها .
هل تتخيل يا سيدي الرئيس أنني احترمت اللواء محمد عبد الحليم موسى، عندما صرح بأن حادث اغتصاب الفتاه حادث عادى، هذا الرجل مازال يستطيع أن يقول الصدق، هذا رجل الأسرار مكشوفة أمامه،  والملفات مفتوحة أمام عينية . هذا رجل يعرف باليقين ما يحدث ففي سجونه من تعذيب وإهدار للآدمية، هذا رجل يمارس رجاله الحرق والهدم وما هو أكثر، هذا رجل يعرف ما يحدث ففي أقسام البوليس وماذا يحدث خلفها، رجل يعرف ماذا يحدث ففي لاظوغلى، وفى معهد أمناء الشرطة وفى أماكن أخرى يعرفها ولا نعرفها. هذا رجل يعرف هذا كله ويعرف أكثر منه، فكيف لا يكون حادث اغتصاب فتاة العتبة مجرد حادث عادى بالنسبة له ؟ لقد صدق الرجل، وتلك خطيئته الوحيدة .
 لقد تولى  الوزارة، وليس له عدو وأخشى أن يغادرها وليس له صديق . إنه الابتلاء الأخير لرجل أحبه الناس فخذلهم، وثقوا فيه أنه لن يكون كالآخرين فأهدر ثقتهم . نفس المأساة تتكرر مع كل مسئول . يتسلل الشيطان عبر السلطة والجاه ليقايض الدنيا بالآخرة . أخر امتحان وأصعب امتحان وفيه – ففي زماننا – لا يكاد ينجح أحد.
 إن عبد الحليم موسى يتحمل أم الله أوزاره، لكنك تحملها معه أيضا يا سيادة الرئيس، كما تتحملها مع كل مسئول آخر تأتون به ليتحمل ففي الدنيا أمام الناس أوزاركم، وبعد استنفاد أغراضكم منه، بعد أن يفيض بالناس الكيل، تتخلصون منه، ثم تأتون بغيره ليبدأ من جديد .
أين كل وزراء الداخلية السابقين ؟ ألا يعتبر بهم أحد، وقد قامر معظمهم بالآخرة من أجل الدنيا، فخسروا الآخرة والدنيا . لماذا لم يقف منهم أحد ليقول : لا.. لا.. لا..  الله عندي أكبر والآخرة أغلى والدين أعز .
ولعلى أتساءل : ما علاقة ذلك بأحداث شديدة الشذوذ والانحراف، كأولئك الأربعة من أمناء الشرطة  الذين اختطفوا في سيارة الشرطة سيدة ليحتجزوها ففي شقة أحدهم أياما يتناوبون فيها اغتصابها، عمل إجرامي قد يحكم عليهم الإعدام من أجله، لكن زملاء لهم قاموا بنفس الفعل البشع مع معتقلين وزوجاتهم دون عقاب.
 ألا يمكن أن تكون هذه الحيوانات البشرية قد تعلمت الإجرام ففي وكر كان يفترض أن يكون حصن أمان.
كذلك قصة الضابط الذي فعل نفس الشيء .
ما علاقة تهريب المخدرات بذلك المهرب الكبير الذي أدعى أنه عميد شرطة حين القبض عليه . ما علاقته بتفتيش سيارة محافظ – أصبح بعدها وزير للداخلية – بحثا عن المخدرات .
بل ما علاقته بأحداث فردية مروعة – كذلك الضابط الذي قتل مواطنا لمجرد أنه احتج عليه عندما صفعه – وذلك الآخر الذي أمر جنوده باختطاف مدرس – إلى بيته – بعد أن ضربوه حتى فقد الوعي، لكنهم اختطفوه قلبي يضربوه أيضا أمام التلميذ – ابن الضابط – الذي ضربه المدرس ففي الفصل .
إن الشيطان عندما يزين لنا السوء لا يدلف إلى غرضه الخبيث بأن يقول هذه معصية فاقترفوها، وهذه حسنة فاجتنبوها، بل إنه يلبس الحق ثوب الباطل والباطل ثوب الحق، بيد أنى لا أظن القضية بهذه السهولة، ذلك أن الله خلق ففي داخلنا رادارا أدق من أي رادار أخترعه بشر، يجعل جزءا ففي داخلنا يدرك – رغم تمويه الشيطان وتعميته – أن هذا الحق الذي نتشدق به على الناس، ليس إلا ستارا يخفى خلفه القبح واللصوصية، والانتهازية، وخيانة الله ورسوله والمؤمنين .
وهذا بالضبط يا سيدي الرئيس ما يحطم رجالك، ذلك أنهم مهما ادعوا صواب ما يفعلون، فليسوا على درجة من الحماقة قلبي يقتنعوا ففي أعماق أعماقهم بصدق ما يدعون، لكنهم لا يرتدعون .
كيف لا يرتدعون، كيف رغم أن العمر قصير، والحساب آت، ومتاع الدنيا قليل. حتى الحجاج ارتدع عندما هرب منه معارض فقبض على أخيه رهينة، وقال ابن الفجاءة – الرهينة – للحجاج : " إن معي كتابا من أمير المؤمنين ألا تأخذني بذنب غيري " وتساءل الحجاج ففي دهشة : أين هو هذا الكتاب ؟ فأجاب أبن الفجاءة: والله إن معي أرفع منه وأكرم، كتاب الله عز وجل الذي يقول فيه " ولا تزر وازرة وزر أخرى " .
السفاح ارتدع، الذي قتل خيرة التابعين، والذي قتل عبد الله بن الزبير، وأحرق الكعبة وارتدع . الذي فعل ذلك كله يا سيدي ارتدع لكن نظام الحكم عندنا لم يرتدع.
لم يرتدع رجالك ..
لكن الحجاج كان يجاهر بما يفعل، لم يكن يخفيه، لم يكذب على الآخرين وعلى نفسه، لذلك ارتدع .
أما رجالنا فما من أحد منهم إلا ويكذب، رجال أمنك، الذين يكفون عن اختلاق المؤامرات حولك، يعزلونك عن شعبك، فماذا تفعل إذا كنت مهددا ففي كل خطوة  ماذا تفعل إن كان عليك أن تتوجس من كل اتجاه شرا، و من كل تجمع مؤامرة، ومن كل حركة محاولة لقلب نظام الحكم، بيد أنهم لا يقومون بذلك فقط، فالأجهزة الأخرى، هي الأخرى تفعل ذلك، على كل جهاز منها إذن أن يتقرب إليك أكثر، وليس ثمة وسيلة لذلك إلا أن يشكك كل جهاز ففي الجهاز الآخر، فليس إلا هو الأكثر ولاء لك، أما الأجهزة الأخرى، فقد تسلل إليها أعداؤك، لا تثق بها، وثق بنا فقط، لكن الأجهزة الأخرى أيضا تقول لك نفس القول، فيالها من أخطبوطات هائلة، وعنكبوتات سامة تلتف حولك ليصبح الصراع جله صراع الباطل مع الباطل، الشر مع الشر، الكذب مع الكذب، ويصبح التسابق كله نحو نار جهنم .
ما من أحد يصدق يا سيادة الرئيس، ما من أحد يقول لك الحقيقة، ما يشعر به، وما يفكر فيه حتى ولو لم يكن صوابا . وعندما اغتيل ضابط مباحث أمن الدولة ففي الفيوم، تبارت الأقلام كلها باحثة عما يمكن أن تكتبه أنت لو كتبت، كأنهم صبوا ففي قوالب، أو قدوا من حديد، ما من أحد منهم له رأى أخر، ما من أحد قال : إن دماءه ففي عنق السلطة، هي التي أمرت رجالها بالعنف، وجعلت وجودهم ففي مناصبهم مرتبطا بالمغالاة فيه، وعندما تقع الواقعة، تتنصل الدولة، لا تتنصل فقط بل وتسد عليهم الطريق عندما تختلق ثأرا لا وجود له، وتستنفر فيهم الحمية بالقول إن الضابط شجعان لن يجبنوا عن أداء واجباتهم بسبب استشهاد بعضهم، ولو أنهم استشهدوا ففي سبيل الله، أو ففي سبيل ما يرضى عنه الله فأجل، ولقد دمعت عيناي والله من أجل ضابط الفيوم، كي لو كنت أباه لظللت أبكيه حتى أموت، لا اعتراضا على قضاء الله، وإنما خوفا من كيفية تقبل الله له، وثمة أناس كانوا يحاربون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلوا النار لأنهم لم يخلصوا لله قلوبهم فكيف آمن على ابني إن مات هذه الميتة .
أنت تعرف يا سيدي أنهم ففي الغرب يتهمونا بضيق الأفق، بالحمق، أننا لحياتنا ففي الصحراء والوديان نبسط الأشياء، ونسطحها ولا نرى منها إلا جانبا واحدا،  أننا أحاديو النظر والبصيرة، وأن ذلك يجعلنا ندور دائما حول أنفسنا، لا نتقدم،  لو أن أحدا منهم طرح القضية بصدق  منذ عام 54 لربما ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، فإزاء التعذيب الهمجي الوحشي المجرم للمعتقلين أيامها ثار التساؤل الفقهي، ففي المعتقل … هل من حق من وقع عليه التعذيب أن يثأر لنفسه ممن عذبه، ما دامت الدولة تتستر عليه، وتدعمه وتؤيده وتنصره وتخفيه، ثار التساؤل أيامها عنيفا داميا، لكن الرأي استقر أخيرا أن يحتسبوا عند الله ما يحدث لهم، وتغيرت الدنا من حولنا واتسعت الرؤى، لكن التعذيب عندنا استمر ففي عهد السادات، كما كان عهد جمال عبد الناصر، ثم استمر ففي عهدك يا سيدي، كما كان ففي عهد السادات . ففي عهد جمال عبد الناصر كان جبروتا صريحا بشعا يعلن عن نفسه، وفى عهد السادات لم تقل البشاعة لكنهم غيروا الأسماء، عندما ذهب الرئيس المؤمن بمعول ليهدم سجنا بينما رجاله يبنون سجونا أخرى، وفى عهدك أيضا يا سيدي الرئيس لم تقل بشاعة التعذيب، بل اتسمت ببشاعات أخرى منها : عصب أعين المعتقلين، قلبي لا يروا جلاديهم، واستعمال أسماء حركية للضباط القائمين بالتعذيب والتحقيق تضليلا للقضاء إذا ما لجأ الضحية إليه، وتلك أفعال عصابات يجب أن تطاردها الدولة لا أفعال دولة، وتلك يا سيدي كانت أولى الخطوات ففي اغتيال رفعت المحجوب، وضابط مباحث أمن الدولة ففي الفيوم  .
الدنيا كلها تتحدث عن التعذيب ففي سجونكم وأنتم تنكرون، تقارير الطب الشرعي تثبت وأنتم تنكرون، ما من أحد منا إلا وقابل معتقلا سمع منه تفاصيل التعذيب لكنكم تنكرون، منظمات حقوق الإنسان تصرخ وأنتم تنكرون .
وثمة شواهد لا تدحض عن تعذيب للمتهمين أقرت المحاكم بها، فبدا أن النيابة لم تسمع صراخ المعذبين، ولم تثبته . وتلك علامات انهيار خطيرة ليس لنظام حكم ولا لهيبته بل للمجتمع كله.
كل هذه الدماء التي سألت، وكل هذه السياط التي هوت، وكل الأشلاء التي تمزقت، وكل هذه القضايا التي لفقت .
أما آن الأوان لكي تنتهي .
صباح الغد يا سيدي سوف تجد تقريرا على مكتبك، أو مقالا ففي صحيفة يشير إلىّ كمجرم يساند الإرهاب، مثلما حدث بعد مقالتى :" كأنهم يقولون : قل هو الرئيس أحد الرئيس الصمد "[1]، عندما أندفع بلهاء يقولون أنني حرفت القرآن وشبهتك بالله، وما ذلك قلت بل قلت ضده، فإلام يفهمون عكس ما نقول، وحتام يدعون علينا ما لم نقل . أم أنهم لا يستطيعون مواجهة ما نقول، فيدعون علينا ما يستطيعون مواجهته .
وأنا والله يا سيدي ضد الإرهاب بكل صوره، طبيعتي كمسلم ترفض الظلم وطبيعتي كمثقف تنبو عن العنف، ولأنني أدرك أن مأساة المسلمين الكبرى بدأت بعمل إرهابي قُتل فيه ذو النورين، كما أدرك أيضا أن اغتيال السادات – بغض النظر عن أشياء كثيرة – لم يغير من الأمور الكثير، ذلك أن الحاكم ليس فردا وإنما طبقة، ونظام الحكم ليس رأيا، وإنما منهج متكامل، والإنسان لا يستطيع أن يقتل طبقة ولا أن يطلق الرصاص على منهج، لذلك أدين الإرهاب، وأومن بالدعوة إلى سبيل الله بالحكمة، كي حين أدين الإرهاب، أدينه فيكم قبل أن أدينه ففي أعدائكم
الحقيقة التي لا أظننا سنختلف عليها كثيرا، أن الدولة العسكرية التي انهارت 67 قد أسلمت ميراثها للدولة البوليسية التي فاقت الأولى بشاعة، ولقد كانت لدولة العسكر كل عيوب العسكريين ففي شتى أنحاء العالم، وبرغم أخطائها الهائلة فإن مجد العسكرية المصرية التليد قد وضع ففي كفة الصواب  ما لا يستهان به، وما تدعم بصورة حاسمة ففي أكتوبر 73، أما بالنسبة للدولة البوليسية فإنني أخشى أن تكون عيوبها وتاريخها التليد ففي القهر والتزوير حاجبا لكل ميزة، وفى قلب القلب للدولة البوليسية يقع القلم المخصوص أو السياسي أو المباحث العامة، أو مباحث أمن الدولة وأي مسمى آخر . لقد كانوا هم أدوات السلطة للجبروت، وعندما يقعون الآن ضحايا فنما أسهل أن نسطح الأمر ففي بلاهة، لنقرر أنهم ضحايا خوارج يجب استئصال شأفتهم..  حسنا .. لن تستطيعوا استئصال شأفتهم بالكامل أبدا والتاريخ معي يشهد، قد تقمعونهم لعام، لعامين، ليعودوا مرة أخرى، وليتساقط من ضباط أمن الدولة آخرون .
عندما أتأمل جهاز مباحث أمن الدولة فإنني أشعر بالرثاء من أجل رجاله، بالإشفاق – لست أنفى المسئولية عنهم – كي أشعر بالرثاء من أجلهم، لأنهم مباحث أمن النظام لا أمن الوطن أو الدولة. 
ناشدتك الله يا سيدي الرئيس هل أما مخطئ ؟
لقد غير الجهاز توجهاته بالكامل إلى الضد مرات عديدة ففي كل عهد، تأتيهم الأوامر .. طاردوا الإخوان المسلمين، ويفتى الأزهر بأنهم خوارج،  خففوا القبضة قليلا عن الإخوان ، وطاردوا الشيوعيين فإنهم كفرة، أما من يتعامل مع إسرائيل فكافر على جميع المذاهب، أفرجوا عن الشيوعيين وطاردوا من مشى ففي جنازة النحاس، أفرجوا عن الإخوان المسلمين فهم صفوة الأمة، وما زعيمكم السابق الذي ظللتم ثمانية عشر عاما تعبدونه إلا وثن يجب هدمه، زعيمكم الجديد مؤمن رفع راية الإسلام وحقق النصر، أمسكوا من يهاجم إسرائيل فإنهم خونة يجب قطع دابرهم : اقبضوا على الجميع، أفرجوا عن الجميع، العراق صديقة فغضوا البصر عن كل أخطاء رعاياها، العراق عدوة ولا بد من دليل على ذلك بضبط تنظيمات تتبعها تهدد أمن الوطن .. ليبيا عدوة، ليبيا صديقة .. سوريا عدوة، سوريا شقيقة، ياسر عرفات زعيم  دولة، ياسر عرفات هباش بكاش ……!!
لو أن جهاز كمبيوتر غذى بهذه البيانات المتناقصة لاختنق، لاحترق.
من أجل ذلك أشفق عليهم. 
أشفق عليهم أيضا لأنه كانت لهم دائما المعلومات التي لا نعرفها عن تورط السلطة ففي الفساد، والأوامر بغض البصر، يأتيهم الأمر بتزوير الانتخابات مثلا، ثم يصرح المسئول الكبير مشيدا بنزاهة الانتخابات، وهم يعلمون علم اليقين – لا الظن مثلنا – أن المسئول كاذب . تأتيهم الأوامر الشفهية بالتعذيب أو حتى بالقتل، ويقسم المسئول ففي التليفزيون أن ذلك لا يحدث.
ماذا يمكن أن يفعل الشيطان ففي إنسان أكثر مما فعلته السلطة فيهم .
ولننظر إليهم بعد ذلك كله كبشر، كيف يستطيعون المحافظة على توازنهم النفسي وثمة رادار خلقه الله ففي أنفسهم يجعلهم يدركون – رغم كل محاولات السلطة لغسيل المخ – يدركون أنهم يخالفون شرع الله، وهم يعلمون أن قصاص الله آت، كيف يستطيعون وسط هذه المتناقضات كلها أن يحتفظوا بنفوس سوية، أن يكونوا أبناء بررة، وآباء صالحين، وأفراد أصحاء ففي المجتمع، لا يتوجسون كل لحظة وأخرى، لا من انتقام ضحاياهم، بل من انتقام الله منهم وابتلائه لهم ففي أنفسهم وفى ذويهم، وهم ففي موقفهم المأساوي هذا لا يملكون القدرة على التراجع، فذلك يفقدهم ميزات القوة والسلطة التي تتمتع بها مراكزهم، فإن تخلت عنهم واجهوا المجتمع الذي لم يتعودوا على مواجهته دون بطش .
هل تتخيل يا سيدي الرئيس نفسية واحد منهم يعرف أن التزوير من الكبائر وأن التعذيب من الكبائر، لكن الأوامر تأتيه بأن يعذب ويزور، وهو أن استجاب ضاع، وإن رفض جاع . 
ما هو شعور زوجة تكتشف أن زوجها جلاد، وابن يكتشف  عندما يميز الصواب والخطأ أن ما فعله أبوه مخجل، ولا يجعله يفخر بالانتماء إليه .
إنكم تحطمونهم .
والكارثة أننا نعالج الخطأ، لا بالرجوع عنه لكن بمزيد من الإيغال فيه، إن حماية ضباط مباحث أمن الدولة من الاغتيال، لا تأتى بمزيد من البطش والعسف والتعذيب، بل بالعودة إلى الحق، إلى الدين، والعقل، ودفع المواطنين إلى الإيجابية لا تأتى بتكثيف كابوس الشرطة، لكن بدفعهم لمعاملة المواطنين كآدميين لا كحيوانات .
يا شيخ محمد الغالي، يا شيخ الأزهر، يا مفتى الديار، يا البابا شنودة، يا حلمي مراد، يا أحمد بهاء الدين، يا عادل حسين، يا أسامة الباز، يا مصطفى الفقي، يا إبراهيم شكري، يا فؤاد سراج الدين يا خالد محيى الدين، يا على الدين صالح، يا زكى نجيب محمود، يا نجيب محفوظ ، يا نعمات أحمد فؤاد، يا يحيي حقي،، يا جمال حمدان ، يا نور الشريف، يا محمد السيد سعيد، يا أحمد بهجت، يا إبراهيم نافع، يا محفوظ الأنصاري، ويا كل مواطن يحترم الوديعة، التي أودعها الله فينا، أذهبوا إلى الرئيس لتقولوا له إن وصمة التعذيب لا تجلل عهده بالعار فقط، وإنما تجعل من كل منا ديوثا، أجل ديوثا ما دام يرى هذا العذاب يلحق بهذه النفوس البشرية بين أيدي السفاحين الجلادين، وهم بلا حول ولا قوة، ثم لا يتحرك من أجلهم .
ناشدتك الله يا سيدي الرئيس، الله الواحد الأحد، القوى القهار، المنتقم الجبار الذي يمهل ولا يهمل، الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ناشدتك بحقه  عليك، وعلينا أن تجيب على تساؤلي : ألم يمارس عهدك التعذيب ؟ ألم تعلم به ؟.
دعك من بيانات وزير الداخلية، وإنكار السلطة، دعك من أحكام القضاء على من مارسوا التعذيب بالبراءة، دعك من كتاب تعرفهم خيرا منا، دعك من هذا كله، أنا وأنت والله ثالثنا، ألم يحدث تعذيب ففي عهدك، ألم تعلم به، ألم يطلق رجالك الرصاص على رجال مهما تكن تهمهم، فالقضاء لا رجال الشرطة هو الكفيل بهم .
أم أنكم يا سيادة الرئيس تعاملوننا كأننا عبيد، وأنتم سادة، فلا حقوق لنا عليكم إلا ما كان من حقوق العبيد . ففي أعناقنا سلاسلكم .. ظهورنا موطئ سياطكم .. حريتنا ففي يمينكم .. وحتى أعراضنا حلال عليكم .. وليس من حقنا بعد ذلك إلا أن نسبح بحمد نعمتك علينا … أتقبل يا سيادة الرئيس أن يصل الأمر أن كاتبا شهيرا أعتقل أخوه ففي قضيه برأته منها المحكمة – بعد ذلك – يضطر لمناشدتك على صفحات الصحف ففي إعلانات مدفوعة الأجر قلبي تنقذ أخاه من التعذيب ففي سجون الزبانية  حيث ينفردون بضحاياهم .. يعصب المجرمون أعينهم .. وهم إذا اشتكوا يطالبهم القضاء بألف دليل ويقين على نوع التعذيب ؟، وشخصية المعذبين، فكيف يتمكنون من ذلك وقد كان الشيطان منفردا بهم، ألم يحك لك مكرم محمد أحمد عما حدث للدكتور محمد السيد سعيد الكاتب الكبير بأكبر صحيفة عربية، بواحدة من أشهر عشر صحف ففي العالم، ففي الأهرام، ألم يحك لك عما حدث له عندما أراد أن ينقل عبر الأمة إليك كلمة صدق عن إرهاب الدولة، معمل التفريخ الشيطاني لكل إرهاب ففي المجتمع، ألم يقل لك كيف لفقوا له التهم، كيف عذبوه، كيف رآه مكرم محمد أحمد بأم عينيه ممزق الروح والجسد، هذا ما يحدث لصحفي من أكبر الصحفيين ففي صحيفة من أكبر الصحف ففي العالم  فماذا يحدث إذن للمواطن العادى، ماذا يحدث لرعاياك يا سيدي الرئيس ؟.
هل تعرف وطأة ذلك على بناء شخصية الأمة .. إن الجميع يودون من أعماقهم أن يبادروا لنجدة المعذب المستغيث .. ولكن الخوف واليأس يقتلان نخوة الرجال وشهامتهم فيصمتون … وفى الصمت تسقط رجولتنا وإنسانيتنا وشرفنا، وكرامتنا فنتحول إلى قطيع من الخراف ينتظر الذبح … الدور يمكن أن يصيب أي واحد منا لأي سبب وبلا سبب .
ذات يوم ضرب شيخ من شيوخنا المثل لواحد من خلفاء بنى العباس حين رآه يسرف ففي تجنيد الترك – الذين قتلوا الخليفة والتهموا الخلافة بعد ذلك – فقال له:
مولاي : كان هناك راع، ساءه أن تفترس الذئاب بعض غنمه فأسرف ففي تربية الكلاب قلبي تذود الذئاب، لكن الكلاب احتاجت إلى طعام، فأخذ يذبح كل يوم  من غنمه حتى يطعمها، حتى انتهت غنمه، فيا مولاي، ماذا يفعل الراعي إذا أكلت كلابه غنمه ؟
نعم يا سيادة الرئيس.. أكلت الكلاب الغنم، لم تأكلها الذئاب، ولا وحوش الفلاة، ولم يسرقها اللصوص، وإنما أكلتها الكلاب.
لشد ما وددت أن يأتيك نجيب محفوظ حاملا إليك جائزة نوبل هاتفا بك يا سيدي، أعدها أيهم فأنا لا أستحقها، لا أستحقها بالتأكيد، ما دامت كتاباتي ففي خمسين عاما لم تجعلكم توقفون التعذيب، وإهدار كرامة الإنسان .
ووددت أيضا أن يأتيك بطرس غالى – ففي صحوة ضمير – قائلا : أنه لا يستحق شرف منصبه العالمي، وقد كان عضوا ففي حكومة تم ففي عهدها تزوير الانتخابات والتستر على الفساد، ونهب الاقتصاد، وتهريب أكثر من مائة مليار دولار للخارج .
سيدي الرئيس :
ناشدتك الله، هل ترضى أن يكون أحد أبنائك واحدا من الجلادين . بل ألم تفكر للحظة أن علاء ابنك هو ضحية الجلادين، هو الذي يصلب ويعلق ويحرق، و .. و.. لا أستطيع أن أكمل، لكنك أنت يجب أن تكمل، لأن سؤال الله لك عنا سيفوق سؤاله لك عن ابنك
كل عام وأنت طيب يا سيادة الرئيس .
عيد ميلاد سعيد يا سيدي.
   عام جديد سعيد عليك وعلينا، أو بالأحرى أقل ألما وحزنا .
عام يشهد أوامر صارمة جامعة مانعة للتعذيب، ومحاسبة من قاموا به .
فتلك يا سيدي خطوة ففي طريق طويل قلبي لا نكون ففي المكان الذي يريده لنا أعداؤنا وأعداؤك.
من وصفوني ووصفوك بأبشع ما يكون ففي بروتوكولات حكماء صهيون . لكن ذلك مقال آخر، أرجو أن يتسع صدرك له ففي العدد القادم .
وعام سعيد يا سيدي.






رد دكتور فرج فودة على مقال د. محمد عباس


مادمنا نتحدث عن صحف المعارضة فلا بأس أن أنقل للقارئ مكالمة من صديق عزيز، متفوق ففي مجاله الطبي، ومشارك ففي الحياة السياسية والعامة .
قال لكنني، هل قرأت ما يكتبه محمد عباس ففي الشعب ؟
تقصد رسالة إلى السيد الرئيس ؟ ..
-  نعم، لقد أصابتني الرسالة بارتفاع ففي ضغط الدم .. الصديق معه حق، سلسلة المقالات التي يكتبها الأخ عباس، الذي لم أتشرف بالتعرف عليه سياسيا أو كاتبا من قبل، تذكرنا بمحاولاتنا الأولى ونحن هواة، حين كنا نتخيل أننا نجلس إلى السيد الرئيس، ونكتب الصفحات الطوال، ونأخذ راحتنا ففي الحديث وينتهي الأمر بمحاولة نضحك عليها حين تقرؤها " على كبر " ..
أنا شخصيا كنبت رسائل مطولة للرئيس السادات وللرئيس مبارك . وكان ذلك قبل نحو عشر سنوات، ولكنى والحق يقال لم أبلغ ما بلغه الأخ عباس، من مستوى لا أسمح لنفسي بوصفه ..
ما معنى أن يتحدث كاتب للسيد الرئيس قائلا ما معناه، إن عمرك اليوم تجاوز الخامسة والستين، وقد اقترب موعد لقائك بربك، وسوف يسألك عن كذا وكذا وساعتها لن يكون معك كذا وكذا .
أين اللياقة وأدب الحوار ؟ بل وأين الفكر ففي هذا كله، ومن هذا كله ؟
أنني أعتذر للقارئ بأنني لم أقرأ الرسائل كاملة واكتفيت بنظرة سريعة إلى السطور لأنني فوجئت بالكاتب ففي الرسالة الأولى يكتب شيئا أذهلني، حيث كان يتوقع كما يقول : أن يبدأ حسنى مبارك عهدة بالإفراج عن قتلة السادات ..
هكذا ..
أين حدث هذا إن شاء الله ؟..
واستنادا إلى أي شرع أو دين أو فكر ؟ …
قتل رئيس الدولة وسبعة معه، يؤدى إلى براءة المتهمين ؟
لماذا لا يكمل إذا سلسلة مقالاته، ويبوح بما يعتمل ففي صدره، ويطالب لهم بأوسمة؟
يبدو أن الكاتب يعيش ففي "الباى باى" ويتخيل أوهاما دينية لا سند لها إلا الإرهاب، ولا شفيع لها إلا مرض النفوس، شفاه الله منه وعفاه ..
عندما قتل عبد الرحمن بن ملجم الإمام عليا، تولى أمره عبد الله بن جعفر بن أبى طالب فقطع يديه، وقطع رجليه، وسمل عينيه، وقطع لسانه، ثم قتله، ثم صلبه وأحرق جسده ..
هذا عن قاتل على إمام المتقين .
ففي عهد أبى جعفر المنصور، كتب الأديب الرائع ابن المقفع "رسالة الصحابة" ناصحا له، فماذا كان جزاء النصيحة، مجرد النصيحة ؟
اختلفت الرواية يا أستاذ عباس ..
رواية تقول إنهم قطعوا جسده قطعة قطعة، وأخذوا يشوون القطع على النار ويطعمونه إياها حتى مات ..
ورواية أخرى أنهم أحرقوه ففي التنور .
والحديث طويل، وأئمة الفقه الأربعة كان مسموحا لهم ففي عهد ازدهار الدولة الإسلامية بالحديث عن الدين، فإذا تجاوزوا إلى شبه السياسة، أو حتى شبه الاختلاف الفقهي مع فقهاء الخليفة، نالوا ما نالوا من جلد وضرب وتعذيب الأمام "أبو حنيفة" جلد لرفضه ولاية القضاء، وقيل انه مات بعد أن دسوا له السم ..
الإمام مالك، جلدوه وهو عار ولم يستروا عورته، إمعانا ففي إذلاله، حتى خلعت كتفه وامتنع عن الذهاب للمسجد بعد ذلك، خجلا من الناس، حتى توفاه الله..
الإمام ابن حنبل، عذب وجلد لرأيه ففي خلق القرآن، على خلاف رأى  المعتزلة، الذي أقتنع به الخليفة المأمون ..
الإمام الشافعي ؟، تربص به تلاميذ الفقيه فتيان، فقيه السلطة وضربوه حتى مات ..
والسلسلة طويلة ..
الإمام زيد بن على إمام المذهب الزيدى، قتل وصلب جثمانه .
الإمام ابن تيميه، خرج من سجن إلى سجن حتى مات فلتحمد الله يا أستاذ عباس على أنك تعيش ففي عصر، غير العصر الذي تدعو إليه، وتظللك الديمقراطية الوارفة بظلها الظليل، ويحميك القانون " الوضعي " مهما تجاوزت، وتكفل لك الدولة " المدنية" أن تكتب ما تكتب وأنت آمن
وإذا لم تستح فاكتب ففي جريدة "الشعب "












من مواطن مشاعري إلى الرئيس مبارك "4"



سيادة الرئيس
كل سنة وأنت طيب
كل عام وأنت أكثر صحة، فصحتك صحة لأمتك..
كل عام وأنت أكثر قوة، فقوتك ذخر لوطنك ..
أليس هكذا يجب أن تكون الأمور يا سيدي ؟؟ ..
كان هذا حديثا لشخصك..
*****
فلنعد الآن إلى حديثنا العام الذي لا يعبر فيه ضمير المتكلم عنى ولا كاف المخاطب عنك، ولا المضارع مضارعا لأن ما يحدث الآن قد حدث بذاته قبل ذلك ومضى، ولا الماضي ماضيا لأن ما حدث  قبل ذلك ما يزال .
أنا الأمة وأنت الحاكم الرئيس الملك الأمير الخليفة .
أنا العبد الأجير وأنت المالك الآجر القادر وأنا المقدور على .
فهل تغفر لكنني ذنبي يا سيادة الرئيس إن جرؤت وشككت فيك ..
لقد شك الأنبياء أنفسهم ففي الله حتى هداهم إليه .
والإمام الغالي يقول إن الشك قنطرة اليقين .
ويوم القيامة سننادى بأسماء أمهاتنا لأنه ما من أحد يدرك على وجه اليقين أن أباه أبوه  حتى الأنبياء لم تخل سيرتهم من قصة إفك، وزوجة الحسن رضى الله عنه قد دست له السم ففي طعامه .
******
فاغفر لكنني يا سيدي الرئيس إذن أن أشك فيك، فالمرء أحيانا يشك ففي نفسه، بيد أن علاج ما ففي النفس من شك، لا يتم ولوج أبوابه إلا عبر طريق طويل يعبّده الصدق، لا صدق اللسان فهذا هين، وإنما الصدق مع النفس وهذا لعمرك من أشق الأمور وأصعبها، ثم إنني أحذرك من مراوغة الحقيقة التي تغرينا بسهولتها وأنها قبض أيدينا لكننا نلبث حتى نكتشف أن أيدينا لا تقبض إلا على ضلال، أجل أحذرك من مراوغة الحقيقة حتى إن جاهدنا أن نبلغ أعلى مراحل الصدق التي تستطيع الوصول إليها، فما بالك يا سيدي إن كذبنا .
فدعني يا سيدي أحكي لك عن واقعة دفعتي للشك ففي عقلي وما تزال، فعندما قرأت بروتوكولات حكماء صهيون منذ ثلاثين عاما سخرت منها كثيرا ثم وضعتها ففي مكتبتي ففي رفا للكتب التافهة التي تحوى كتب السحر والشعوذة والخرافة، وأخذ هذا الرف يتضخم بعد ذلك بكتب مئات الكتاب والصحفيين والساسة ومذكراتهم ثم مر بنا الزمن أو على الأخرى علينا فسحقنا، بدد شملنا وفرق جمعنا وأهدر بين أمم الأرض دماءنا، فإذا ما ظننت أنه شعوذة وخرافة هو هو ما يحدث لنا بتفاصيل أحيانا يعجز العقل معها عن التفكير والاستيعاب، إنها كآلة الزمن تكشف لنا عما سيحدث لنا، وضعتني وأنا أعيد قراءتها أتنبه لأول مرة إلى تعليق  مفكر عملاق هو العقاد عليها بقوله :" الأمر الذي لا شك فيه هو أن لسان الحال أصدق من لسان المقال وأن السيطرة الخفية قائمة بتلك البروتوكلات أو بغيرها "
فلو أننا تنبهنا حينئذ.
ولو أننا ونحن نقرأ الآن لا تأخذنا نعرة الرفض والتكذيب غير متخيلين أن هذا الذي يراد بنا يمكن أن يحدث لنا، لأنه حدث فعلا ويحدث ولسوف يستمر إذا لم نعتبر .
فلنقرأ إذن مقتطفات من بروتوكولات حكماء صهيون :
***
إننا نخشى تحالف قوتهم الحاكمة مع قوة الرعاع العمياء غير أنا قد اتخذنا كل الاحتياطات لنمنع احتمال وقوع هذا الحادث، فقد أقمنا بين القوتين سدا قوامه الرعب الذي تحسه القوتان كل من الأخرى..
هل لاحظت يا سيدي أنك هنا أنت الحاكم وأنا الرعاع ؟ ..
وهل رأيت ما يخشاه أعداؤنا منا ؟ ألم أقل لك إن علينا أن نحب بعضنا وأن نجعل الثقة جسرا بيننا بدلا من كل هذا التوجس والترقب .
واصل القراءة معي يا سيدي، طال عمرك، واتسع صدرك، وعظم صبرك .
" سنختار من بين العامة رؤساء ممن لهم ميول العبيد، ولن يكونوا مدربين على فنون الحكم، ولذلك سيكون من اليسير أن يمسخوا قطع شطرنج ضمن لعبتنا " أرأيت مدى بذاءتهم يا سيدي لكن بذاءتهم ليست شاغلنا الآن فلنواصل القراءة إذن .
" لقد وضعنا ففي مكان الملك كاريكاتير ففي شخص  رئيس يشبه وقد اخترناه من الدهماء بين عبيدنا "
ناشدتك الله يا سيادة الرئيس : ألم ينجحوا عند بعض أشقائنا ؟
" يومئذ لن نكون حائزين ففي أن ننفذ بجسارة خطتنا التي سيكون دميتنا مسئولا عنها ".
" ولكي نصل إلى هذه النتائج سندير انتخاب أمثالي هؤلاء الرؤساء ممن تكون صحائفهم السابقة  مسودة بفضيحة أو صفقة سرية مريبة إن رئيسا من هذا النوع سيكون منفذا وفيا لأغراضنا لأنه سيخشى التشهير وسيبقى خاضعا لسلطاتنا .. إن مجلس ممثلي الشعب سينتخب الرئيس ويحميه ويستره، ولكننا سنحرم هذا المجلس سلطة تقديم القوانين وتعديلها " ..
"هذه السلطة سنعطيها الرئيس المسئول الذي سيكون ألعوبة خالصة ففي أيدينا وفى تلك الحال ستصير سلطة الرئيس هدفا معرضا للمهاجمات المختلفة ولكننا سنعطيه وسيلة للدفاع وهى حقه ففي أن يستأنف القرارات محتكما إلى الشعب، أي أن يتوجه الرئيس إلى الناس الذين هو عبيدنا العميان وهم أغلبية الدهماء ".
رحمتك اللهم …
أهذا إذن ما وراء الاستفتاءات والانتخابات المزورة ؟.
يا إلهى
لقد حدث شئ من هذا مع جورباتشوف، حاكم  قوة عظمى ظلوا وراءها حتى انهارت .. فكيف لا أخشى حدوث مثله مع حكام أوطانى، وأوطانى أضعف بكثير .
يا سيدي والله لا أحمل عليك إلا خوفا على الأمة وأنت منها، على رأسها .
الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ
فلنواصل سيدي قراءة بروتوكولاتهم :
" إلى ذلك سنعطى الرئيس سلطة إعلان الحكم العرفي، وسنوضح هذا الامتياز بأن الحقيقة هي أن الرئيس لكونه رئيس الجيش يجب أن يملك هذا الحق لحماية الدستور الجديد، فهذه الحماية واجبة لأنه ممثلها المسئول"..
" سيكون حقا لرئيس الجمهورية أن يعين رئيسا ووكيلا لمجلس النواب ومثلهما لمجلس الشيوخ وسنستبدل بفترات الانعقاد المستمرة  للبرلمانات فترات قصيرة مدى شهور قليلة . وإلى ذلك سيكون لرئيس الجمهورية باعتباره رأس السلطة التنفيذية حق دعوة البرلمان وحله . وسيكون له ففي حالة الحل إرجاء الدعوة لبرلمان جديد ولكن لكيلا يتحمل الرئيس المسئولية عن نتائج هذه الأعمال المخالفة للقانون مخالفة صارخة من قبل أن تبلغ خططنا وتستوى، سنغرى الوزراء وكبار الموظفين الإداريين الآخرين الذين يحيطون بالرئيس قلبي يموهوا أوامره بأن يصدروا التعليمات من جانبهم، وبذلك نضطرهم إلى تحمل المسئولية بدلا من الرئيس، وسننصح خاصة بأن تضم هذه الوظيفة إلى مجلس الشيوخ أو مجلس شورى الدولة أو إلى مجلس الوزراء، وأن لا توكل إلى الأفراد وبإرشادنا سيفسر القوانين التي يمكن فهمها بوجوه عدة . وهو فوق ذلك سينقض هذه القوانين ففي الأحوال التي نعد فيها هذا النقض أمرا مرغوبا فيه، وسيكون له أيضا حق اقتراح قوانين وقتية جديدة بل له كذلك إجراء تعديلات ففي العمل الدستوري للحكومة محتجا لهذا العمل بأنه أمر يقتضيه سعادة البلاد ".
" وإنهم يقنعون الناس عن طريق وكلائهم بأنهم إذا أساءوا استعمال سلطتهم ونكبوا الدولة فما أجريت هذه النكبة إلا لحكمة سامية ".
حكمة سامية .. كيف يقول بعد ذلك قائل أن أوراق اللعبة كلها تجمعت عنده وإنه هو وحده الذي يعرف ماذا كان يمكن أن يحيق بالبلاد من خراب لو اتخذت طريقا آخر غير طريقه أو اتبعت رأيا أخر دون رأيه ؟ وما أي رأى نرفض وما كل رأى نرفض، لكننا ندرك أن خديعة فرد يقود قطعيا من النعاج سهلة . وأننا نحتاج لعقول الأمة جمعاء قلبي نقف ضد تدبيرهم .
* واصل معي يا سيدي قراءة بروتوكولاتهم :
"إن ضخامة الجيش وزيادة القوة البوليسية ضرورتان لإتمام خططنا، وإنه لضرورة لنا قلبي نبلغ ذلك ألا يكون إلى جوانبنا إلا طبقة صعاليك ضخمة، وكذلك جيش كثير وبوليس مخلص لأغراضنا " 
" يجب علينا أن نكون مستعدين لمقابلة كل معارضه بإعلان الحرب على جانب ما يجاورنا من بلاد تلك الدولة التي تجرؤ على الوقوف ففي طريقنا . ولكن إذا غدر هؤلاء الجيران فقرروا التحاد ضدنا فالواجب علينا أن نجيب على ذلك بخلق حرب عالمية " يا إلهى أليس هذا ما يحدث الآن ؟؟!!
بل … أليس هذا ما حدث فعلا .
"بإيجاز، من أجل أن نظهر استعبادنا لجميع الحكومات سوف نبين قوتنا لواحدة منها متوسلين بجرائم العنف والإرهاب، وإذا اتفقوا جميعا ضدنا فعندئذ سنجيبهم بالمدافع الأمريكية أو الصينية أو اليابانية "..
الخلاف فقط ففي أن المدافع صينية وليست روسية، وأغلب الظن أن مدافع الصين ستضرب غدا، ففي بغداد أو القاهرة أو دمشق وكل عبد يرفع رأسه ستقطع…
الصحافة
:لقد سقطت صحافتهم ففي أيدينا، ومن خلالها أحرزنا نفوذا وبقينا نحن من وراء ستار"..
" تقوم الصحافة بتهيج العواطف الجياشة ففي الناس، ومعظم الناس لا يدكون أغراضنا الدقيقة أقل إدراك، إننا سنسرج الصحافة وسنقودها بلجم حازمة "
" أما الصحف الحزبية التي لن تردعها العقوبات فإننا ففي الخطوة التالية سنعطلها ".
لله درك يا عقاد
حتى لو لم تكن البروتوكولات موجودة، أليس هذا هو ما يحدث لنا ؟..
ألهذا إذن تصادر الصحف وتغلق ؟..
ألهذا حوربت " الشعب " فأعاقوا أن تصدر يومية ؟ ..
لكن .. فلنواصل :
" وبهذه الوسيلة سنعادل التأثير السئ لأية صحيفة مستقلة، ونظفر بسلطان كبير جدا على العقل الإنسانى ".
" وفى الصف الأول سنضع الصحافة الرسمية، وستكون دائما يقظة للدفاع عن مصالحنا، ولذلك سيكون نفوذها على الشعب ضعيفا نسبيا، وفى الصف الثاني سنضع الصحافة شبه الرسمية التي سيكون واجبها استمالة المحايد وفاتر الهمة "
" وستكون هذه الجرائد مثل الإله الهندي (فشنو) لها مئات الأيدي، وكل يد ستجس نبض الرأي العام المتقلب، ومتى ازداد النبض فإن هذه الأيدي ستجذب الرأي العام نحو مقصدنا لأن المريض المهتاج الأعصاب سهل الانقياد وسهل الوقوع تحت أي نوع من أنواع النفوذ "
" وبفضل هذه الإجراءات سنكون قادرين على إثارة عقل الشعب وتهدئته في المسائل السياسية، وسنكون قادرين على إقناعهم أو بلبلتهم بطبع أخبار صحيحة أو زائفة، حقائق أو ما يناقضها، وإن الأخبار التي سننشرها ستعتمد على الأسلوب الذي يتقبل به الشعب هذه الأخبار وسنحتاط دائما لجس الأرض قبل أن نسير عليها"..
ائذن لي يا سيادة الرئيس أن أتذكر مقالات بعض كبار كتابنا : اعتماد خورشيد، أنيس منصور، إبراهيم سعدة، عبد العظيم رمضان .. وعشرات وعشرات .. ماذا أفعل يا ربى إن سبق أجلهم أجلى ؟؟ هل أقرأ الفاتحة على أرواحهم أم اقرأ بروتوكولا من البروتوكولات…؟
لا أدرى والله … فلنترك ذلك إذن لنواصل قراءة البروتوكولات :
" أي إنسان يرغب في الاحتفاظ بمنصبه سيكون عليه كي يضمنه أن يطيعنا طاعة عمياء ".
أمن أجل هذا إذن ؟؟؟؟!!
كل هذا العار وكل هذا البؤس وكل هذه الهزائم وكل هذا الاستعداد للعيش بلا كرامة لأنهم يريدون الاحتفاظ بالوظائف ؟ .
" سنتنكر لكل نوع من أنواع التذمر والسخط وسنعاقب على كل إشارة تدل على البطر عقابا بالغا في صرامته حتى يكون عبره للآخرين "..
حقا حقا : والسلسلة طويلة، وهى إن بدأت بسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين لم تنته بخالد الإسلامبولى ولا سليمان خاطر ولا سعد إدريس حلاوة، ولا بعشرات ومئات وآلاف وملايين يدفعون ذات الثمن في سبيل الله ..
" سنقصر رجال الدين وتعاليمهم له على جانب صغير جدا من الحياة، وسيكون تأثيرهم وبيلا سيئا على الناس حتى إن تعاليمهم سيكون لها اثر مناقض " ..
ألهذا حوصر أمثال الشيخ محمد الغزلي وأوذوا في سبيل الله أفسح المجال كله  لغيرهم فساد الجهل وعمت السطحية وقاد الغباء فعم البلاء .
" سنعتقل الناس الذين يمكن أن نتوهم منهم الجرائم السياسية توهما عن صواب كثيرا أو قليل، إذ ليس أمرا مرغوبا فيه أن يعطى رجل فرصة الهرب مع قيام مثل هذه الشبهات خوفا من الخطأ في الحكم . ونحن فعلا لن نظهر عطفا لهؤلاء المجرمين، وقد نعتد بالظروف المخففة في الجرائم العادية، ولكن لا ترخص ولا تساهل مع الجريمة السياسية " 
يا إلهى …
مرة أخرى من أعمق أعماق الألم … يا إلهى …
هل قرأ الودعاء الطيبون من ضباط مباحث أمن الدولة هذا ؟ ..
هل قرأه وزير الداخلية المؤمن وعلامة صلاة كبيرة تتصدر جبهته لتشهد له أو عليه يوم القيامة ؟ ..
هل قرأته أنت يا سيادة الرئيس ؟ ..
لماذا إذن يا سادتي -  فكلكم سادتي – تكون أعظم آمال المعتقلين السياسيين جموحا أن تساووهم في التعامل بالسجناء الجنائيين، باللصوص والقتلة والمجرمين وهاتكي الأعراض ؟
ومن أوحى بفعل هذا ولماذا أطعتموه؟؟
ها هو مكتوب أمامكم فاقرؤوه ……
واقرؤوا أيضا :
" ولكن ننزع عن المجرم السياسي تاج شجاعته سنضعه في مراتب المجرمين الآخرين بحيث يستوي مع اللصوص والقتلة والأنواع الأخرى من الأشرار المنبوذين المكروهين. وعندئذ سينظر الرأي العام عقليا إلى الجرائم السياسية في الضوء ذاته الذي ينظر فيه إلى الجرائم العادية وسيصمها وصمة العار والخزى التي يصم بها الجرائم العادية بلا تفريق "
" إن تمردهم ليس أكثر من نباح كلب على فيل، ففي الحكومة المنظمة تنظيما حسنا من وجهة النظر الاجتماعية لا من وجهة نظر بوليسها، ينبح الكلب على الفيل من غير أن يحقق قدرته، وليس على الفيل إلا أن يظهر قدرته بمثل واحد متقن حتى تكف الكلاب عن النباح، وتشرع في البصبصة بأذنابها عندما ترى الفيل "..
أهذا تفسير ما فعلوه مع صدام حسين، وكلنا بالنسبة لهم صدام حسين إلا من يبصبص لهم بذنبه ؟
" سيعظم سلطاتنا فيصير استبدادا يبلغ من القوة أن يستطيع في أي زمان وأي مكان سحق الساخطين علينا "
أرأيت يا سيدي ؟ من كان يظن أن يدين لهم الشرق والغرب كما يدين لهم الآن؟
منذ عشرة أعوام فقط من هو المجنون الذي جرؤ على تخيل أن تكون لهم كل هذه السلطة فيما كان الاتحاد السوفيتي وأوربا الشرقية ؟ ..
" إن أي حكومة منفردة لم تكن لها سندا من جيرانها حين تدعوها إلى مساندتها ضدنا، لأن كل واحدة منها ستظن أن أي عمل ضدنا هو نكبة على كيانها الذاتي "..
حقا حقا ..
" إن المشكلة الرئيسية لحكومتنا هي كيف نضعف عقول شعبهم بالانتقاد، وكيف نفقدها قوة الإدراك التي تخلق نزعة المعارضة، وكيف تسحر عقول العامة بالكلام الأجوف "..
هل ما زالت هذه مشكلة أم حللتموها ..؟
" إننا سنعرف كل شئ دون مساعدة البوليس الرسمي الذي يبلغ إفسادنا إياه عليهم أنه يحجبهم عن رؤية الحقائق " ..
اللهم رحمتك … عفوك …
" إنني أستطيع في ثقة أن أصرح اليوم بأننا أصحاب التشريع المتسلطون على الحكم المقررون للعقوبات، وأننا نقضي بإعدام من نشاء ونعفو عمن نشاء، ونحن أولو الأمر الأعلى في جميع الجيوش "..
" أستطيع الآن أن أؤكد لكم أننا على مدى خطوات قليلة من هدفنا، ولم تبق إلا مسافة قصيرة كي تتم الأفعى الرمزية – شعار شعبنا – دورتها "
… يا إلهي …
… يا إلهى …
كل هذا يريدونه بي وبحكامي ؟ ..
ألا خسئوا …
سيدي الرئيس …
بل سادتي الرؤساء والملوك . يا جلالة يا فخامة يا معالي يا سمو يا خليفة يا مالك يا قادر :
أدفع عمري لتقرءوا هذه البروتوكولات وتعتبروا بها وتحتاطوا لما يراد بنا .
إنها ليست بيانا من أحزاب المعارضة كي تسفهوه وتحجموه وتنشروه في صحفكم مشوها ثم تردوا على ما شوهتم لا على البيان نفسه.
إنه مستقبل أمم ودين وحضارة أنتم القيمون عليه، هذا قضاؤنا فيكم فاستمعوا لنا.
إن الصهيونية ليست دينا وإنما فكر، وبعض المتعصبين من أتباع الدين المسيحي يعتنقون هذا الفكر بإقرارهم بأنفسهم، وما جونسون وتشرشل إلا مثلا، بيد أن الكارثة ليست في ذلك بل في المسلمين الصهاينة، فأستحلفكم بمن سيحاسبكم يا سادتي يوم لا أمن مركزي يحميكم ولا حرس وطني يدفع عنكم ولا مخابرات أمريكية تنبئكم بدبيب النمل في بلادكم، ولا رؤساء تحرير صحف على استعداد لأن يهاجموا في المساء بكل شراسة ما أيدوه في الصباح بكل حماسة، أستحلفكم يا سادتي أن تفتشوا عن الصهاينة المسلمين داخلنا، لا تتركوا مكانا، حتى داخل أنفسكم لا تتركوه فقد يكونوا قد تسربوا إلى دمائكم تسرب الشيطان، فتشوا في بعضكم البعض فتشوا في رؤساء وزرائكم وكبار قوادكم وأمناء أحزابكم وفى مستشاريكم وفقهائكم وكتابكم ورجال مخابراتكم وأجهزة أمنكم، وحتى شيوخكم لا تتركوهم، فالله ما كان يرضى لخير أممه كل هذا الهوان وكل تلك المذلة ما لم يكن الكل مشكوكا فيه . فتشوا عنهم لكن احذوا أن يكون القائمون بالتفتيش هم أنفسهم الصهاينة فيكم، فأولئك سيضللونكم، سوف يؤلبونكم على أفضل من فيكم ومن فينا، حتى نأكل بعضنا بعضا ويستريحوا هم منا، سوف يزينون لكم الخيانة باسم التحضير، والانحلال باسم الرقى، وهجران الدين باسم عدم التعصب، والعبودية باسم الحرية، وسوف يجعلونكم تفعلون أسوأ ما يمكن أن يفعل وأنتم تتشدقون باسم المبادئ والنظام الجديد .
حاولوا … إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير
ومهما يحدث الآن فإنني أظن أن تاريخ لن يغفل الحقائق الآتية : 
* أن التكليف الذي لا نملك فيه اختيارا هو أن نتحد .
أن الغرب والصهاينة يفرضون علينا الذل والخضوع والاستسلام باسم السلام، لكن الله كتب علينا القتال وهو كره لنا، وإن العالم الإسلامي يمكنه لو أتحد ألا يقهر إسرائيل فحسب بل أن يقهر الحضارة الغربية كلها .
* وإنه بعد انهيار الكتلة الشيوعية فإنه قد آن للإسلام أن يسترد بضاعة سرقت منه في غفلة من أبنائه، فإن عشاق العدل الاجتماعي مكانهم الإسلام وليس أي نظام أرضى آخر، إن مئات الملايين من الثوار في جميع أنحاء العالم والذين تصدعت أفئدتهم إزاء انهيار فردوسهم الأرضي سيتجهون إلى مكانهم الحقيقي بين المسلمين حيث لا يتصدع فؤاد ولا ينهار فردوس.
* إن العدل الإلهي حق والقصاص حق، وإنه كما يحيق بالأفراد يحيق بالأمم، ولعل ما يحدث للعراق ولصدام حسين الآن قصاص لما حدث مع إيران، وأظن قصاصا آخر آتيا لما يحدث الآن للعراق وليبيا . قصاص أدعو الله أن يقتصر على الحكام لا الأمم .
* أظن أنه من حق العالم كله – لا العالم الإسلامي فقط أن يتساءل عما إذا كان بوش وميجور أفضل حقا وأقل ووطأة على البشرية من هتلر وموسولينى، وهل كانت حضارة التتار والمغول والبرابرة أكثر وحشية من حضارة الغرب؟؟ .
•  إن موقف الجغرافيا في العالم الإسلامي يجب أن يعاد تقييمه، أن يعاد النظر في دور بلاده في حماية الأمن الإسلامي أو تهديده . إن الأمر لم يعد يقتصر على وجوب البحث عن مدى شرعية نظم الحكم في العالم العربي والإسلامي، بل أصبح من اللازم أن يتعدى ذلك، ليس لمجرد بحث شرعية وجود بعض الدول التي شكلت على مدى تاريخها تهديدا مستمرا لوجود الأمة ككل، وعونا لأعدائها، وخيانة لمستقبلها. يتعدى الأمر كل ذلك إلى ضرورة البحث في حق الحكام في الاستمرار في تفتيت الأمة، معرضين كل مستقبلها للضياع، مستأجرين بثروة الأمة أعداء الأمة لقتل الأمة.
سيدي الرئيس :
دعنا من موقفك من صدام، دعنا منه الآن فقط، فالتاريخ لن يدعك، وأظنه مقارنا موقفك بموقف الملك العاضد والخديوي توفيق، لكن دعنا من هذا كله الآن لنتساءل، لنضع افتراضنا يفيدنا فيما هو قادم، لنفترض أن صدام لم يغز الكويت، لنفترض أنه لم يوجد على الإطلاق، أتحسب حقا أن أمريكا وبريطانيا وإسرائيل كانوا تاركينا ؟ لنفترض أيضا أن السعودية والكويت والخليج لم يدفعوا لهم تكاليف حربهم علينا، أكان يمكنهم تحقيق كل هذا النصر علينا، لنفترض أن نصف حكامنا على الأقل لم يكونوا عونا لهم علينا، أكان يمكنهم تحقيق كل هذا النصر علينا، لنفترض أن نصف حكامنا على الأقل لم يكونوا عونا لهم علينا، أكان يمكن أن يجرعونا كل هذه المذلة وكل هذا الهوان ؟
* سيدي الرئيس:
ألم تفكر أبدا أن تعاتب أشقاءك في المملكة العربية السعودية، من يحملون شرف خدمة الحرمين، أن تعاتبهم لأنهم في تاريخ المملكة كلها لم يرفعوا أبدا سيفا إلا على مسلم ؟
أبدا ..
على الإطلاق .
أفأدعو لهم بدعاء  سيدي وحبيبي وشفيعي يوم القيامة : اللهم اغفر لهم فإنهم لا يعلمون ؟ ..
أم تراهم يعلمون ..
* سيدي الرئيس :
لماذا لم تقل لأخوتك هناك إنه لا يكفى أن يسمى أحدهم نفسه خادم الحرمين ويقعد .
ذلك أن خدمة الحرمين ليست سقاية حجيج ولا مد طرق ولا تكييفا مركزيا ولا حتى غسل الكعبة، خدمة الحرمين واجب هائل تجاه الإسلام والمسلمين . لن أتحدث الآن عن استدعاء ما كان يجب أن يكون، وإنما أتحدث عن مسلمين في بلد اسمه العراق تسفح كرامتهم ويموتون جوعا وتدمر كل إمكانياتهم الحضارية والعسكرية، عن تدمير مجمع الأثير النووي، وهو مجرد مشروع تجارب، وعلى مرمى جمرات منا مائتا قنبلة نووية في إسرائيل لكنهم يا سيدي – مثلك – لم يحركوا ساكنا، لكنهم ليسوا مثلك فهم خدام الحرمين وعليهم واجبات فوق واجباتك.
يا إلهى … لقد وقفتم ضد إيران مظلومة ومعها ظالمة .
عندما تصدت طائرات العراق لغارة إيرانية احتجت الأمم المتحدة على دفاع العراق عن نفسها.
أي ذل وأي مهانة …
لماذا لم تقل - يا سيادة الرئيس -  للآخرين أن تحمل الذل والمهانة تجنبا لمزيد من الذل والإهانة لا يسفر إلا عن المزيد من الذل والإهانة .
لماذا لم تقل لهم إن الحرص الذي يذل أعناق الرجال لا يبقى لهم أبدا ما قد حرصوا عليه .
ولماذا لم تقل لإخوتك الهلوعين المفزوعين على عروشهم وإماراتهم إنهم في ذات اللحظة التي استدعوا فيها أعداء أمتهم لتوطيد أركان ملكهم قد نزعوا أوتاده وقطعوا حباله ليفقدوا شرعية حكمهم أمام أمتهم، وأمام التاريخ، وإنهم إن لم يدفعوا الثمن بأنفسهم فسيدفعه أبناؤهم فلذات أكبادهم وإن هذا الثمن هو ذات الثمن الذي دفعه شاوسيسكو ويدفعه هونيكر .
لماذا لم تقل لهم وللعالم يا سيدي الرئيس إن مجلس الأمن هو الحكومة العالمية التي تنبأت بها بروتوكولات حكماء صهيون، حكومة عالمية يحكم بها اليهود العالم، إن بوش وريجان وجونسون، وتاتشر ليسوا إلا وكلاء لهذه الحكومة الخفية، كذلك جورباتشوف وشيفرنادزة وكيسنجر وبيكر، وإنه من واجبنا أن نتصدى لهذه الحكومة العالمية الخفية لا أن نستسلم لها، فلقد استخلفنا على الأرض من أجل هذا وبعثنا من أجله ؟
* سيدي الرئيس :
سيدي :
لأنني أحب الله والوطن وأحبك أتحدث إليك أنت.
لا أقولها لك نفاقا، فأنا أعترف بيني وبين نفسي بأنك واحد من أفضل حكام العرب والمسلمين[2]، أنت، يا من حارب وانتصر، أعرف - وأرجو ألا أكون مخطئا - أن قلبك كان ينزف وأنت تجرد حملتك العسكرية إلى الخليج، وانك حاولت أن تتجنب ذلك، لكن محاولتك كانت متأخرة عشر سنوات على الأقل ..
وأعرف أن قلبك يتمزق وأنت تنفذ قرارات الحكومة العالمية – مجلس الأمن – على ليبيا ن لكن ما يدفعك إلى ذلك ليس قدرا نحني له جباهنا، بل وإنني أظن فوق ذلك كله أنك لم تفعل هذا كله إلا لظنك أنك تجنب به أمتك الثبور والويل، وهذا بالضبط ما أراك مخطئا فيه وما أظنهم خدعوك به، فالويل والثبور في مطاوعتهم لا في معارضتهم، لأنهم – أولئك الذين يدعون الحضارة – ليسوا إلا برابرة همجا، أبناء أبناء أكثر الحضارات إجراما في التاريخ، وهم لم يوفوا بعهد، ولم يدعوا منكرا إلا ارتكبوه، ولقد أخافوك وما كانوا صادقين، ثم وعدوك وكانوا كاذبين.
سيدي الرئيس
لم ترضخ إسرائيل لقرارات حكومتها العالمية – مجلس الأمن – فلماذا نرضخ نحن ؟ لماذا نقبل الدينية في ديننا ؟ عجزت إسرائيل عن فرض اتفاقية على لبنان فلماذا نجحت معنا ؟ وهرعت أمريكا هاربة من بيروت بعد عملية فدائية واحدة فلماذا لم نتعلم ؟
وقد وعدوا العالم العربي بحل مشاكله بعد أن يساعدهم على اغتصاب العراق، لكن هاهم أولاء يستديرون لحل العالم العربي لا لحل مشاكله .
وغازلوا سوريا كي ترفع نقاب العروبة الذي ارتدته ثلاثين عاما فلما رفعته تربصوا بها وسيضربونها بعد ليبيا .
الحقائق واضحة كالشمس، وقد قلناها لكم منذ أعوام وأعوام، الدورات على الجميع وسوف يخدعكم بوش كما خدعكم دائما .
والدورات على مصر أيضا .
هل تصدقونهم يا سيدي أن نكسة سنة 67 كان بسبب خليج العقبة..
أو أن ضرب العراق سنة 91 كان بسبب الكويت
أو أن ضرب ليبيا سنة 92 هو بسبب لوكيربى
أو أن ضرب سوريا سنة 93 هو بسبب …
أو …… أو … أو ………؟؟!!
أما أن لكم يا سيدي أن تدركوا أنه مخطط عمره ألف عام يتحينون له الفرص فإن انعدمت خلقوها ؟
* سيدي الرئيس:
أقسم لك بمن سيكشف عنك غطاءك إنني أرجو لك الخير وأرجوه منك، على يديك لأنك بالرغم من كل شئ منا لا منهم .
وأناشدك الله أن تجيبني أو حتى تسر لنفسك بالإجابة عن سؤالي لك:
لو كنت أنت مكان بوش : هل كنت ترتاح لقيادة حسنى مبارك لمصر، قلب العروبة ودرع الإسلام وجذوة الضمير الحي الذي قد يغطيه الرماد لكنه لا يخبو . هل كنت تأمن له ؟
أنا أجيبك يا سيدي :
لو أنني كنت بوش لكنت سعيدا جدا بجل زعماء وحكام وملوك وأمراء وسلاطين العرب والمسلمين، ولتوجست دائما من مصر، فهي التي كانت تنهض دائما في النهاية لتحمى العرب والمسلمين، فعلت ذلك مع التتار والمغول ومع الصليبين أجداد بوش وشامير، فالدولة نفسها غير مأمونة، ورئيسها أيضا غير مأمون، لأنه ليس خائنا كالآخرين لوطنه، وقد أستطيع بين الوعد والوعيد أن أحجم دوره، وقد أستطيع خداعه بعض الوقت، لكنه في النهاية لا بد سيتمرد علينا، وساعتها سيقود المنطقة كلها ضدنا، لذلك فإنه قد يصلح لمرحلة نشغله فيها عن نفسه بالديون والهموم ثم ننهى دوره.
* سيدي الرئيس :
هل تعلم من أختاره لمصر رئيسا لو كنت بوش
إبراهيم سعدة ……
أنيس منصور ……
يوسف والى ……
سمير رجب ……
عبد الهادي قنديل ……
زكى بدر …………
وعشرات ………
ومئات وألوف ………
لكن اسم حسنى مبارك ليس فيهم
عام سعيد يا سيدي …
وأرجو أن تسمح لي بمواصلة الحديث – جزئه الأخير – في العدد القادم .
وكل عام وأنت طيب






















بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ الدكتور/ محمد عباس
تابعت مع الشعب المصري كله باهتمام رسالتك إلى السيد رئيس الجمهورية وأحييك على ما أنت فيه من إيمان صادق بالله وعلى أنك لا تحنى رأسك إلا لله .. فهو ممسكها ومرسلها وهو الذي يقبضها وإذا شاء أرسلها .. وتمنيت من كل قلبي لو أن جميع علماء الدين الإسلامي في بلادنا – خاصة علماء السلطة – لو كانوا مثلك ولكن لا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل حفظك الله وأكرمك الله ..
ولكنني أسمح لي يا عزيزي أن أوضح لك خطأ بسيطا جاء في الرسالة الرابعة. وهو قولك بأننا سوف ننادى يوم القيامة بأسماء أمهاتنا وهذا غير صحيح لأننا سوف ننادى يوم القيامة بأسماء آبائنا مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم أحسنوا أسمائكم وأسماء أبنائكم لأننا سوف ننادى يوم القيامة بأسماء أبنائنا فقال سيدنا طلحة : يا رسول الله هناك يوم القيامة مئات طلحة فمن أين أعرف أنى أنا المقصود ؟ قال صلى الله عليه وسلم يا طلحة حينما ينادى على طلحة لن يقوم إلا أنت .. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذا أستاذي العزيز ما جاء في الحديث الصحيح أردت توضيحه إلى سيادتكم جزاكم الله عنا خير الجزاء
وتحياتي لك ولأسرة "الشعب"
                                                                    أخوك
                                                             عبد المنعم الجابرى
                                                              (مواطن مصري)


      










بسم الله الرحمن الرحيم

من أنت يا محمد عباس؟


من أنت يا رجل أستحلفك بالله..
 ومن أي كواكب وقعت علينا في هذه الآونة الرهيبة المريبة، وما هذه الإمكانات التي خصك الله بها دون مئات الملايين من المسلمين، وكيف جمعتها ؟ ثم كيف ركبتها ؟ والأغرب كيف عرضتها ؟ هل أم أنت مارد  من الإنس أم من الجان؟ هل أنت ملاك ؟ كيف أوتيت الشجاعة .. كل هذه الجرأة .. كل هذا الإقدام ؟ كيف اجتمعت فيك شهامة مئات الملايين من المسلمين وبلاغتهم وفصاحتهم ونبلهم وفضلهم وحسهم، صاروا جميعا خرسا وتحدثت وحيدا بألسنتهم.
كنت كثيرا ما أتساءل : أليس فيكم يا أمة الإسلام رجل رشيد ؟ والرجل الرشيد في التاريخ الإسلامي العظيم هو ذلك الرجل يحذر أمته من ارتياد مواقع التهلكة أو السير في دروبها والانصياع لمدبريها فهل أنت يا بن عباس هذا الرجل ؟
وهل وصل بنا في مصرنا كل هذا الهوان، وكل هذا الضياع ؟ يتلاعب بنا أبناء صهيون حفنة من الملايين من البشر المطاردين في كل بقاع الدنيا المشردين يسوسون العالم ونحن تحت أقدامهم هل منا من قبل هذا الحال ورضى به ؟
كثيرا ما يتساءل المرء : كيف تصاغ القوانين في مجلس الشعب ولماذا لا تكون في صالح الأمة حتى ؟ جاء ابن عباس وفسر ما في بروتوكولات حكماء صهيون ويتساءل المرء كيف لماذا يتقدم أصحاب السوء ويتأخر غيرهم في ارتياد المناصب العليا حتى جاء ابن عباس وفسر.
لماذا يتقدم الراشون والمرتشون والرائشون ويتأخر غيرهم حتى جاء ابن عباس وفسر..
 لماذا يتقدم الفاشلون ويتأخر الناجحون .
لماذا خابت الزراعة، وخاب النحل، وهلكت الصحة، ودخل الإيدز، وضاعت القيم واندثرت المثل العليا حتى جاء ابن عباس وفسر.
أين فكرنا أن عقولنا ؟ مللت من وضع علامة الاستفهام فهي محيرة بل فيها يأس وإحباط فالعلامات كثيرة تحتاج الملايين من ابن عباس ليجيب عليها ولكنه تطوع وصنع توكيلا عاما من مئات الملايين من البشر المنتسبين إلى الإسلام ليتحدث باسمهم، ولعله يكون كالرجل الذي حكى عنه الهادي البشير (ص) ذلك الرجل الذي حذر أمته من هجوم غادر فمنهم من استمع له ونجا، ومنهم من كذبه وهلك .
فيا أمة الإسلام اقرءوا إن شئتم النجاة بروتوكولات حكماء صهيون واحذروها واقرءوا إن شئتم الحياة برتوكولات ابن عباس وعوها.
الله اجعل ساستنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
وولى علينا خيارنا لا خيار أبناء صهيون وأذنابهم فهؤلاء الأذناب أشد علينا من أعدائنا قاتلهم الله جميعا بأيدينا ..

                                                                  دكتور
                                                               سعد الحلواتى
                                                   مدرس التاريخ الحديث بجامعة الأزهر   



























تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتابي: الجزء الأول

أيهم أولى بالاتباع: علماء السلاطبن فقهاء الخليج أم هؤلاء.

بعد مائة عام