إجابات العلامة ا محمد يوسف عدس عن السنة والشيعة
إجابات العلامة الأستاذ محمد يوسف عدس عن السنة والشيعة
عام 2011 كتبت إلى الصديق الأعز المستشار باليونسكو المرحوم الأستاذ محمد يوسف عدس باعتباره واحدا من أعمق الخبراء في الشأن الإسلامي خاصة في البلاد الأسيوية والبوسنة والهرسك وكوسوفا رسالة قلت له فيها:
هناك مغامرة.. ولعلها عمل انتحاري! أعرضها عليك..
أن تكون هذه الرسائل المتبادلة بيني وبينك موضوعي في المختار في عددها القادم .. وأن أنشرها بعد ذلك على الفيس بوك..
(تم النشر في المختار الإسلامي بالفعل)
هناك أسئلة أريد منك القول الفصل فيها:
1- هل الشيعة دين آخر.. بما يعنى كفر الكل؟
2- أخص بالذكر الإثنى عشرية الحاكمة في إيران الآن..
3- حقيقة مصحف فاطمة..
وثمة سؤال رابع.. ماهو سر موقف ياسر برهامي من الشيعة..هل هو الإفراط في الورع؟ أم في السذاجة التي تجعله أداة؟؟ أم العمالة الصريحة؟؟
From: myades6@hotmail.com
To: mohamadab@hotmail.com
Subject: RE: ما أسعدني بتركك :"المصريون"
Date:
أرسل إليك رفق هذا ما تيسّر لى كتابته فى الوقت الراهن عن موضوع الشيعة ولك أن تأخذ منه ماتراه صالحا إن كان فيه مايصلح
إجابة على أسئلتك :
ليست هناك شيعة واحدة حتى تصدر عليها حكما واحدا بل هناك مذاهب شتى ودرجات من الاستقامة والانحراف بعدد أطيافها.. تبدأ من أحطها وأبعدها عن الإيمان الصحيح مثل نصيرية سوريا.. فقد أبطلوا العبادات المشروعة وأحلوا مكانها خرافات مبتدعة.. وترتقى إلى الزيدية فى اليمن حيث هي سُنَّةٌ مع ميل قوي إلى آل البيت ..
ستجد مثل هذا فى مصر خصوصا فى الأوساط الشعبية والفلكلور الديني..الذى يدور حول حب النبي وأهل بيته.. مما تقع دراسته فى إطار علم الأنثروبولوجيا.. وهو ما تحاول الدراسات الغربية الغالبة حصر الإسلام كله فيه..
الإثنى عشرية فى عمومهم لا يمكن الحكم عليهم بالكفر فهم يؤمنون بالله ونبيه
وملائكته وكتبه ورسله والقرآن الذى لديهم هو نفسه القرآن الذى لدينا وليس صحيحا أن لهم مصحف آخر أو أن مصحف فاطمة
فيه آيات غير الآيات القرآنية التى توجد فى كل مصاحف الدنيا.. ولا ينكرون الصلاة
والصيام والزكاة والحج.. لا ينكرون ركنًا من أركان الإسلام ومن ثم لا يمكن تكفيرهم..
هم ينكرون أحقية أبى بكر وعمر وعثمان فى الخلافة
ويروّجون فى ذلك أخبارًا وأكاذيب ويؤولون أحاديث ينسبونها إلى رسول الله، ويلوون
أعناق بعض الآيات القرآنية لتفسيرها على مزاجهم ويوائموا بينها وبين عقيدتهم فى
ولاية عليّ رضي الله عنه .. وفى إيمانهم بمعصومية الأئمة من أهل البيت.. ونحن ننكر
هذا فلا معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. بعضهم استمرأ سب الصحابة... وكل
هذا فسوق وعصيان وانحراف.. ولكنه لا يخرجهم من الملّة..
هم يحاولون نشر التشيع فى بلاد أهل السنة وهي
محاولات خاطئة لن تفلح إلا فى زرع العداوات وزعزعة الاستقرار بين المسلمين لذلك هو
أمر مرفوض غير مقبول لن نسمح به أبدًا ويجب أن يكف الشيعة أيديهم فى هذا المجال
إذا كانوا يريدون سلامًا وتفَاهُمًا بين الشيعة والسنة.. وتعاونًا على الخير
المشترك والتضامن ضد أعداء الإسلام الذين يضمرون الشر للجميع.. وأعنى بهم على وجه
الخصوص الإمبريالية الصهيونية الأمريكية..
لا ينبغى أن نغالى فى العداء ونستسلم لمواريثنا
التاريخية والفكرية فمن أهل السنة من أسرفوا فى التأويل ووضع الأحاديث المختلقة
على رسول الله .. اخترعوها لخدمة أغراض كثيرة.. أحيانا نكاية فى الشيعة.. فقد كانت
أكثر الكتب التى ظهرت فى عصور معينة صحافة دعائية من كلا الطرفين ..
وظهرت مصطلحات الرافضة والفارسية والزندقة فى مقابل مصطلحات شيعية مضادة.. والتراث الفكري حافل باتهامات بشعة متبادلة، اتخذها أعداء الإسلام للطعن فى الإسلام نفسه ، وفى نبيه وتشويه تاريخه ورموزه .. مما لا نزال نعانى منه حتى اليوم..
الحكام فى إيران الشيعية شأنهم كشأن الحكام فى بلاد السنة: القذافى وصدّام ومبارك وفهد والأسد.. سياسة لا علاقة لها بالدين .. مع خلاف جوهري: فإيران تتميز بولاية الفقيه كمصدر حاكم للتشريع والشرعية السياسية.. أما الإمام الغائب والمهدى المنتظر فهى من الفلكلور الدينى مثل فلكلور الفرق الصوفية فى بلاد أهل السنة..
أعرف نخبة من المفكرين الشيعة الذين ينبذون كثيرا من عادات الشيعة الفلكلورية وأفكارهم.. وينتقدونها نقدًا شديدا ويستنكرون سب الصحابة والندب والشهيق المفتعل فى نهاية خطب الدعاة والوعاظ.. ويسخرون من لطم الصدور وإسالة الدماء فى عاشوراء..
صليت معهم وقدّمونى إماما وأبعدوا قطعة الطوب من كربلاء التى يسجدون عليها بجباههم من أمامى.. كنا نتفق على ضرورة توحيد المسلمين ضد الإمبريالية الغربية.. ويسع بعضنا بعضا.. ناقشتهم كثيرا.. ونشروا لى مقالا فى مجلتهم "الفكر الجديد" التى تصدر فى لبنان وظهر إسمى على غلافها مع كبار كتابها.. ودعونى للمحاضرة فى مركزهم بلندن.. فحاضرت مرتين.. وأهدونى كتب الإمام محمد باقر الصدر الذى قتله صدام حسين هو وزوجته زينب، بدم بارد..
من مؤلفاته المتميّزة كتب: "فلسفتنا..
إقتصادنا.. البنك اللاربوي الأسس المنطقية للاستقراء .." وغيرها.. وهي كتب
يجب أن تقرِأها النخب الفكرية من أهل السنة
للتقريب بين المسلمين ..
استشارونى فى ترجمة إنجليزية قام بها أحد أساتذة الفلسفة من جامعة الإسكندرية لكتاب "فلسفتنا" فقرأت ترجمة رديئة لا فيها انجليزى ولا فيها فلسفة .. قلت لهم: الكتاب الأصلى مكتوب بلغة عربية رفيعة المستوى وهذه الترجمة تشويه لرونقه وتحريف لأفكاره وحطٌّ من قيمته .. قالوا ألا يمكن لك مراجعتها.. قلت: لا تُراجع وإنما تُرمى فى صندوق القمامة .. واعتذرت عن ترجمته لضيق وقتى.. واقترحت ترجمة أفكار الكتاب وعرضها بلسان المترجم .. فلن يرتقى مترجم إلى المستوى الفكري والصياغة اللغوية للصدر..
أقصد أن أقول إن التوافق مع هؤلاء ممكن على مستوى
النخب الفكرية ولا يزال اتجاه حسن البنا والشيخ شلتوت صحيحا .. والذين يحملون لواء
حرب الشيعة اليوم هم أراذل الناس وهم الذين يعززون التعصب والمتعصبين والغلاة من
كلا الطرفين.. ويغلقون الباب أمام التواصل والتوافق الذى كان ممكنا..إذ يغرقون
الساحة بطوفان من الغضب والكراهية
الجماهيرية الغوغائية يتوارى منها المعتدلون والمنصفون والمفكرون.. وتتلاشى أفكارهم
الهادئة المنطقية فى خضم الضجيج والأصوات العالية الجاهلة لمثل ياسر برهامى وغيره..
ياسر برهامى لم يتغيّر فيه رأيى منذ بدأت أتابعه وأحلل مواقفه وكلامه؛ فقد كان يحمل بذور التناقض الفكري.. تبدو فى ميوله الانقلابية من النقيض إلى النقيض.. وفى سطحيته المستترة تحت هالة كبيرة .. هى –فى واقع الأمر- مجرد قشرة برانية براقة كأنها الذهب.. تمّحى عند أول اختبار أو محنة بحيث يظهر تحتها نوع المعدن الحقيقي.. لا أعرف ولا أحكم بشيء عن ورعه.. ولا عمالته.. ولكنى أفهم سطحيته وميله الانقلابي وتعامله مع الأفكار على مستوى اللغة البرانية لا على مستوى الروح والمنطق والتحليل العميق.. وهو يتمتع بعمى سياسي رهيب .. لا يصلح صاحبه إلا لقيادة الغوغاء.. ولا يصادقه إلا صبي مراهق سطحى مثل نادر بكار.. كلاهما وأمثالهما سقطوا فى مستنقع الوهم الخليجي المتأمرك.. ينفذون خططًا أجنبية بغباء وحمق منقطعي النظير..
لقد سبق أن كتبت محذّرًا فى وقت مبكِّرٍ جدَّا .. قلت: إذا كان هناك من سيهزم تطبيق الشريعة وينسف المشروع الإسلاميّ فهم بعض التيارات الإسلامية وكنت أعنى بصفة خاصة فئات من السلفيين..
الإخوان المسلمون الذين نجوْا من سجون عبد الناصر وهاجروا حملوا معهم
إسلاما مشرقًا إلى أوربا وأمريكا .. منهم من درس هناك فتفوق على أقرانه فى دراسته
وتحصيله وعمله.. وتميز بفكره وسلوكه الإسلامي فجذب إليه الأنظار و مالت إليه
الأفئدة.. والذين يقفون اليوم بغبائهم وسلوكهم
حائلا فى وجه هذا التطوّر هم الذين ينسبون إنفسهم إلى السلفية.. يقول بعضهم
أنه تخرّج من جامعة مكة أوالمدينة؛ وآخرون
يقولون أنهم تخرّجوا على يد شيوخ لم
يتلقوا تعليمًا نظاميًّا محكوما بمناهج ومعايير ومؤسسات.. حصيلتهم من
المعرفة القشور ووعيهم الاجتماعي هزيل وفهمهم للواقع الغربي المعقد غائب تماما..
لم يستطيعوا هم أنفسهم أن يتكيفوا أو أن يتواءموا مع بيئاتهم الجديدة وظلوا يقدمون
الإسلام كأنه لم يأت إلا لقرية فى صعيد مصر أو قبيلة فى صحراء النفود..
يقدّمون فى الغرب إسلامًا عقيما جامدًا متطرِّفًا مغلقًا على نفسه.. ويفرزون أتباعا من الشباب الجاهل السطحي الذى حصرالإسلام فى اللحية والجلباب والطاقية والسواك.. يكره استخدام عقله.. ويردد كالببغاء عبارات نمطية لا يفهمها : "الدليل...!!" و "نفهم القرآن والسنة بفهم السلف.."؛ إنه لا يفهم بعقله هو أبدًا؛ فشيخه هو ثقافته وفكره ومرجعيته فى كل أمر من أمور حياته.. تماما مثل المرجعية الشيعية، التى يهاجمونها.. وإذا قرأ فإنه يقرأ كُتيِّبًا صغيرًا من الكتب التى توزّع بالمجان على نطاق واسع.. كتيِّبًا يسطِّح الإسلام.. ولا يقدِّم فكرة نيِّرة ولا يلقى الضوء على مشكلات الحياة الحقيقية..
وعلى العموم هو يكره القراءة ويكره كتب الغزالى والقرضاوى وسيد قطب.. ومحمد عمارة.. وإذا سألته ماذا تقرأ إذن..؟ يقول لك: أقرأ أمهات الكتب الإسلامية.. فإذا سألته مثل ماذا..؟ يذكر لك أسماء كتب ما أنزل الله بها من سلطان ..
لقد استطردت كثيرا واستسلمت لتيار الأحزان
والمواجع والذكريات التعيسة التى عانيتها ممن ينسبون أنفسهم للإسلام ويدّعون
السلفية.. وهم لا يدركون أنهم يشوِّهون السلف ويقدمون أسوأ صورة للإسلام
بفكرهم وسلوكهم ومعاملاتهم مع الناس
وينفرون المسلمين وغير المسلمين من الإسلام..
أَضْرِبُ مثالا واحدا من مئات الأمثلة التى عرفتها.. جاءتنى شكوى من سراييفو بعدالحصار الذى ضربه الصرب عليها لتجويع أهلها.. وبعد أن خربوا البوسنة كلها: تتقدم إمرأة لتأخذ نصيبها من معونات خليجية لتطعم نفسها وأطفالها.. فينظر إليها شاب جلف غليظ الطبع بازدراء.. يزجرها ويقول لها: إذهبى يا امرأة.. تحجّبى أولا ثم تعالى لتأخذى الطعام..! يظن بجهله وغبائه أنه بذلك قد أدّى أمانة الدعوة وخدم الإسلام.. فانظر كيف انحطّت الدعوة على يد هؤلاء الأدعياء.. لقد ذهبت المرأة ولم تعد إليه .. فضّلت أن تموت هي وأولادها جوعا أو تبحث عن طعام عند البعثات الصليبية التى لا تهدر كرامتها وإنسانيتها.. بل تستقبلها بابتسام..!
والذين يتحالفون اليوم فى مصر مع جبهة الخراب
ويتلقّون توجيهاتهم وإمداداتهم من مصادرخليجية متأمركة هم من يغلقون أبواب الأمل
التى فتحتها الثورة.. وهم الذين يساعدون إعداء الإسلام للانقضاض عليه وهزيمة
مشروعه.. هزيمة الإسلام فى الأندلس تتكرر اليوم –أمام أعيننا- مرة أخرى بحذافيرها
على يد هؤلاء الأدعياء .. وهذا ما أراه واضحًا وضوحًا لا لبس فيه.. أبرأ إلى الله
من أصحابها وأدعوه ألا يطول عمرى حتى لا
أشهد هذه الهزيمة النكراء فى حياتى..
تعليقات
إرسال تعليق