ذكاء ممدوح اسماعيل
ذكاء ممدوح اسماعيل
=============
أحب القانوني الضليع الأستاذ ممدوح اسماعيل وأحترمه كثيرا وأختلف معه كثيرا.
أمازحه جادا فأقول له: خذ عملي كله وأعطني فقط صدحك بالأذان في مجلس الشعب.
أدهشني منذ أيام احتجاجه على المحامي الذي استدعى يعقوب للشهادة. والحق أن موضع يعقوب داخلي كان بالغ التدني، حتى من قبل حديثه عن صواريخ حماس البمب!. ثم ذهب يعقوب للشهادة وكان الوضع أسوأ بكثير مما تخيلت أن يكون. فقد كان خطبا لاخطيبا وكان شاهد زور يفتقد النقاء والذكاء والوفاء.وبعيدا عن الفضيحة فقد ربي وأمثاله للقضاء على الإخوان وفكرة الجهاد،فلما اكتملت مهمتهم وجب القضاء عليهم حتى ولو كانوا: "خيال مآته" بقي للأستاذ ممدوح ذكاءه الشديد لتوقع ما سيحدث قبل أن يحدث. وبقي للمحامي الذي استدعى يعقوب التنديد والإدانة.
لكن ذكاء ممدوح اسماعيل لا يقتصر على القانون.
كان ذلك في يونيو 2013. وكان الكثيرون قد دعوني للذهاب إلى وزارة الثقافة المحتلة بالقوادين والسكارى ومعدومي الدين. اتصل بي أربعة من زعماء الآحزاب مصرين على ذهابي فقد عقدوا العزم على تطهير الوزارة من أدعياء الثقافة وأنهم يريدونني أن ألقي كلمة.ونشرت الصحف أنني سأذهب. وفوجئت باتصال تليفوني من الأستاذ ممدوح منزعجا وآمرا: إياك ودخول القاهرة إلا وأنا معك فإنني أحس في الجو رائحة غريبة. وقبل دخول القاهرة قابلني اثنان من أصدقائه من ذوي البطولات في كمال الأجسام وأحاطا بي. بعدها بقليل قابلناه.وتوجهنا إلى وزارة الثقافة. هاتفت زعماء الأحزاب الأربعة الذين دعوني. لم يرد اثنان ورد اثنان أنهم ورجالهما في الطريق. كانوا قد وعدوني بتجمع عشرات الآلاف ليذوب فيهم عشرات الصعاليك مدعي الثقافة. قلت لهم ما سيحدث اليوم هو ما سيحدث للثورة. إن انتصرتم ستنتصر وإذا انهزمتم فقابلوني بعد مائة عام في الثورة القادمة.ذهبنا إلى المسجد المجاور للوزارة. كان فيه عشرة!. اتصلت بالزعماء الأربعة فلم يرد أحد! بدا الانزعاج الشديد على الأستاذ ممدوح وأرسل يستدعي من حول الوزارة فحضر 13شابا ! صلينا الظهر واقتربنا من الوزارة. كانت عينا ممدوح اسماعيل عينا صقر وهي تنظر نحو البغاة من خلال السور الحديدي. وجدته يهمس لي: اضحك! نظرت في دهشة. قال نحن في ورطة. من وعدوك بالحضور لم يأتوا. قلت له لا أحتاج حضورا كل ما أحتاج إليه مكبر صوت كي أقول كلمتي وأفضحهم. بعين الصقر التي لم تبارحهم قال لي أن البلطجية أنواع، وأن حديقة الوزارة مليئة بالبلطجية من النوع الخطر. هناك تدبير للاعتداء عليك. اضحك. تصرف بهدوء تماما. سوف نتصنع أننا نتمشى على النيل لكننا سنبتعد عنهم رويدا رويدا. وبالفعل حدث. توجد صورة لنا ونحن جالسين على جذع شجرة مستغرقين في الضحك، قال لي أن الناضورجية فوق المبني يشيرون علينا للبلطجية.قمنا وتمشينا مرة أخرى. همس الأستاذ ممدوح : سيارتي في الشارع المقبل. عندما أعطيك الإشارة اجر معي بأقصى سرعة. وحدث. قاد السيارة بأقصى سرعة. قبل أن نصل إلى ميدان رمسيس سمعنا من خلال مذياع سيارته عن اشتباكات شديدة وعن سقوط جرحي - إن لم تخني الذاكرة-كان منهم أحمد المغير. واصلنا رحلتنا إلى المقطم حيث كان الشيخ حسن أبو الأشبال رضي الله عنه دعا لعقد اجتماع لمناصرة سوريا. وكان لي فيه كلمة لكن هذه قصة أخرى.
في الأيام التالية نشرت المصري اليوم والمصريون أخبارا كان الأستاذ ممدوح قد قرأها من كتاب مفتوح عن النية المبيتة للاعتداء والناضورجية والبلطجية. وكنت أقول لنفسي حزينا أن عمل الأحزاب عمل أطفال وستهزم الثورة.
ما زال اللأستاذ ممدوح من أعز أصدقائي ومن أكثر الرجال روعة وشفافية وإخلاصا وصدقا. وذلك لا ينفي وجود خلافات فكرية شديدة بيننا. لكنه خلاف في الوسائل لغاية واحدة: أن تكون كلمة الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا.
تحية للحبيب الغالي التقي النقي الشفاف المجاهد ممدوح اسماعيل: رضي الله عنه وجزاه خيرا
دكتور محمد عباس
تعليقات
إرسال تعليق