ثريا نبوي وأمل دنقل بين الشيوخ والمسوخ

 

ثريا نبوي وأمل دنقل

بين الشيوخ والمسوخ

drmohamedabbas.blogspot.com

https://drmohamedabbas.blogspot.com/2020/01/blog-post.html

 

 

أولا:

مقدمة بقلم د محمد عباس

ثانيا:

قراءة في قصيدة "كلمات سبارتاكوس الأخيرة" للشاعر أمل دُنقُل

بقلم الشاعرة: ثريا نبوي

ثالثا:

الشاعرة ثريا نبوي

والمجد للشعراء الذين يمجدون الدين والمجاهدين

رابعا:

تعريف بالشاعرة ثريا نبوي

خامسا:

رابط مدونة الشاعرة ثريا نبوي


 

 

المقدمة

 

بداية:

 

حائر أنا ..

هل أكتب في هذا الموضوع ألف صفحة متأسيا بشيخي وأستاذي العلامة محمود شاكر، وهو يكتب "نمط صعب، نمط مخيف" عن قصيدة واحدة منسوبة للشاعر: "تأبط شرا" لكنه يثبت أنها لابن أخيه وقد كتب الكتاب في أكثر من ستمائة صفحة، كنت أقرؤها وقلبي يخفق ولأنفاسي أزيز، أخشى الوصول إلى نهاية الكتاب، فلما وصلت رددت في أسى: لماذا اختصر كل هذا الاختصار؟!

فهل أكتب كتابا من ألف صفحة؟ أم لا أكتب على الإطلاق؟ مكتفيا بالنماذج الباهرة للمنشور، فمع أمثال محمود شاكر وعلى عزت بيجوفيتش وذاكر نايك وجيفري لانغ ودستويفسكي وأيضا بعض المعاصرين، على الإنسان أن ينسى أنه كاتب ليلقي نفسه في بحر الإبداع ويحلق في فضائه.

للحكاية بدايات متعددة. لم ألتق بالشاعرة إلا مرة واحدة منذ أعوام مع شقيقها الشاعر أيضا وصديقي الحميم الأستاذ الدكتور عاصم نبوي، وهو مثلي في العقد الثامن من عمره. سمعت منه بعض أشعارها. شعرت بالخوف! ليس لمجرد قوة الشعر وجزالته بل لأنه كان جمرا يتساقط على جلد محترق أصلا، وكان إعصارا لا يتركك في مكانك بعد هبوبه أبدا .. يقتلعك!.

بداية أخرى:

سمعت قصيدة "كلمات سبارتاكوس الأخيرة" من الشاعر أمل دنقل في مدرج "واحد" في كلية طب قصر العيني. كان ذلك بعد النكسة مباشرة، وكان القلب ينزف والروح تنزف والعين تنزف والكلمات تنزف والتاريخ ينزف والنيل ينزف والبحر ينوح والهواء يئز والأفق يبكي. وكان صديقي المقرب وزميلي محمد عبدالراضي عبدالله كاتبا مبدعا ربطته بأمل دنقل صداقة عميقة فجعلني أقترب أكثر من شعره الدامي. تنبأ له النقاد في ذلك الوقت المبكر أنه سيكون كاتبا مسرحيا من الوزن الثقيل.

لم يتحمل محمد عبدالراضي النكسة وخيانة المثقفين فتناول مائة قرص من المنوم وظل يكتب

مودعا أمَّهُ ومودعا إيايَ حتى سقط في براثن الموت وهو يكتب.

كان ذلك يوم الخميس 10 أكتوبر 1968.

كان محمد عبدالراضي جزءا من القصيدة، كأنها كانت رداء ارتداه، أو كأنها تجسدت فيه فمحته إلا في محاولته الادعاء أنه ما يزال هو هو.

كانت النكسة أيضا جزءًا من القصيدة

أو قل إنها كانت العين والينبوع الذي تفجرت منه القصيدة شلالًا من الدماء

شلال ليس من الماء بل من الدم

وكنت أنا أيضا جزءًا من القصيدة

نعم

كنت جزءًا منها

فالقارئ جزءٌ من النص

وبتعدد القراء تتعدد المعاني

فالقصيدة ليست قصيدة واحدة بل هي ألف قصيدة أو مليون قصيدة

القصيدة كعود ثقاب مشتعل

إن ألقيته على التراب أو في الماء انطفأ

إن ألقيته على محطة للوقود يشعل حريقا كبيرا

إن ألقيته في بئر بترول كان الحريق هائلا

كحريق أرامكو

وكحرائق الغابات التي تظل مشتعلة أعواما وربما عقودا

أنا ..

أنا القصيدة والنكسة وأمل دنقل ومحمد عبدالراضي

كنت بئر بترول .. وكنت غابة .. اشتعلا بعود ثقاب ..

 

بداية ثالثة:

 

في الستينيات لم يخطر ببالنا أبدا أن في قصيدة أمل دنقل انحرافا عن الدين

كان الجو كله جو كفر، وحلت كتب ماو ولينين محل المصاحف في المكتبات، بنفس اللون والحجم، ولم يكن الدين مدعوًّا على منصات التحكيم

لكننا فهمنا المعنى أنه يقصد جمال عبدالناصر أو جونسون أو موشى ديان ..أو الغرب كله

أو كل طواغيت التاريخ ..

فيما بعد

دهسنا الزمن

هرسنا

وكانت نكبة مروعة أن أكتشف أن جُلَّ اليساريين ناصبوا الدين العداء

ولأنهم بلا جذور اتخذوا من اليهود والنصارى أولياء وربما أربابا من دون الله .. تحالفوا معهم ضد الأمة بل وضد الوطن

ناهيك عن الدين

جللتهم الخيانة والعار

وانطفأ في قلبي أمل دنقل وانطفأت قصيدته

وشيئا فشيئا تحولت القصيدة وإعجابي بها إلى ذنب ينبغي أن أكفر عنه

كتبت بعض ذلك في مقالاتي لكنني كنت كمن ينزح البحر بكوب!

فيما بعد

دهسنا الزمن

هرسنا

سحقنا

وكنا قد هرمنا

وعجزت أيدينا المجذوذة الأصابع

أن تصل إلى سماء أمنيَّاتنا

فبعد مصيبة خيانة المثقفين وخاصة اليساريين

اكتشفنا خيانة الشيوخ

خاصة المَدَاخِلَةَ وعبدةَ الشيطانِ والسلطانِ

والذين حكموا بكفر أمل دنقل ذات يوم

أسفروا عن طوفان من الكفر

فلو كان أمل دنقل عبر بعيدا عن شواطئ الإيمان فإن هؤلاء الشيوخ قد نشروا قلاعهم في بحار الكفر .. وثبت أنهم لم يعبدوا أبدا ربَّ الغلام بل عبدوا –دائما- الملك!

كان الشيوعيون مسوخًا

وكان الشيوخ .. ...

شيوخًا

هنالك ارتججت

زلزلني زلزال وأحرقني بركان

وهنا عاد ذنب أمل دنقل يتضخم من جديد

وشعرت بحاجتي بل بحاجة الأمة إلى من يكفر عنها ذنبها في الشَّدْوِ خلفه

كنت أعلم منذ زمن أن الثقافة ماتت ولا بواكيَ لها ..

أما الشعر فقد دُفن حيا منذ زمان طويل.

ففي اللحظة التي دُفنّا فيها أحياءً دُفِن الشعرُ أيضا

وفي اللحظة التي رفعنا فيها رؤوسنا فقطعت كان رأسُ الشعر يُقْطع

ولم يبق من فحول ورثته من وجهة نظري وفي حدود علمي سوى اثنين:

صديقي العظيم محمد عفيفي مطر – رحمه الله-

و ..

و ..

ثريا نبوي

 

رجوت من أخيها الدكتور عاصم نبوي أن يطلب منها معارضة قصيدة أمل دنقل التي انتشرت انتشارا هائلا وذاع صِيتها في المشرق والمغرب

وهنا كانت المفاجأة

من وجهة نظري كانت قصيدة ثريا نبوي أفضل من قصيدة أمل دنقل

ليس انحيازًا لها

بل انحيازًا للشعر

بل انحيازًا للإسلام

فالإسلام منظومة شاملة ولكي نعجب بالشعر لابد أن يكون داخل منظومته

فالفرق بين الأدب داخل منظومة الإسلام وخارجها هو الغائية

في الإسلام لكل شيء بما فيه الشعرغاية

وكل منا كادح إلى الله فملاقيه ..

في الغرب لا غائية

ضياع مطلق وسيولة مطلقة فليس للإنسان نفسه غاية بل لقد صرخ فيلسوفهم الأكبر نيتشه أن الله – جل وعلا - مات

ويقول دستويفسكي أنه إذا لم يكن الله موجودًا فكل شيء مباح.

في موقعة ذي قار كان العرب شراذم من الوثنيين ..

ولم يكن ثمة وسيلة تجمعهم خاصة بعد تهديد كسرى محذرا كل العرب من مساعدة قبيلة النعمان بن المنذر وإلا حل بهم غضبه ..

بحثوا عن وسيلة للحشد فلم يجدوا حتى صرخ أحدهم:

الشعرُ .. لن يحشد العرب إلا الشعرُ

وحشد الشعرُ العربَ فانتصر البدوُ على إمبراطورية فارس

هذا هو الشعرُ الذي أقصده

فإذا تحولنا إلى مذهب العَلمانيين وأن الإبداع ليس إلا من أجل الإبداع

فنحن ننزلق على الفور إلى الحداثة وما بعد الحداثة

حيث الكفر مطلق والإنسان حيوان والقتل والتعذيب واحتلال الدول قد يكون إبداعا

فهل علمتم كيف أتعامل مع الشعر.

ولماذا فضلتُ قصيدةَ ثريا نبوي: "لا تسأموا" على قصيدةِ أمل دنقل

فمن ناحيةٍ هي تتدفق عذوبة وجزالة

ومن الناحية الأخرى فإنَّ لها غاية.

لكنها في نفس الوقت انتصرت لأمل دنقل

أو بالأحرى للشعر

بشكل أو بآخر اعتبرتِ القصيدةَ تهاجم الطغيان لا الدين

كنت كمن ظل طول عمره يحمل وزر أنه أفطر يوما في رمضان فإذا به يكتشف بعد خمسين عاما أنه واهم وأنه لم يفطر.

أو كالذي ظن يوما أنه شرب خمرا فإذا به يكتشف بعد عقود أنها لم تكن خمرا بل ماء قراحا

لكنني أصارحكم يا قراء

أن شعوري الداخلي الدفين ليس كذلك

بل هو كشعور من حكم القضاء ببراءته لكنه يعرف في قرارة نفسه أنه مذنب!

 

خاتمة:

كنت حزينا لأنني أرى أن الشاعرة ثريا نبوي من فحول الشعراء لكنها لم تحظ بما تستحق من وطنها

ولكنني اكتشف من مدونتها أن سمعتها في العالم العربي تطبق الآفاق

وأنها ليست شاعرة كبيرة فقط

بل هي أيضا ناقدة كبيرة مُجيدة عميقة تحمل الشبكةُ العنكبوتيةُ الكثيرَ من دراساتها النقدية للقصائد والدواوين

والآن أترككم مع قراءتها النقدية البديعة لقصيدة أمل دنقل والتي أنظر إليها بدهشة المدان الذي برأه القضاء فأشعر أنها انحازت لأمل دنقل .. أو بالأحرى انحازت للشعر .. ومع ذلك أقرؤها بإعجاب شديد

يتلو ذلك قصيدتها الرائعة في معارضتها

ثم نبذة عن الشاعرة وعنوان مدونتها

 

المدان الذي برأه القضاء:

دكتور محمد عباس

 


 

 

قراءة في قصيدة "كلمات سبارتاكوس الأخيرة"

للشاعر أمل دُنقُل

بقلم الشاعرة: ثريا نبوي

 

مُنذُ العنوان الذي هو عتبةُ النَّصِّ الأولى، تقمص الشاعر شخص سبارتاكوس، ليقول كلماتِه الأخيرة، مُحرضًا على الثورة على العبودية، مُستنفرًا: بكل مشاعره وأدواته وعقيدة الرفض التي احتلتْ وِجدانَه وجرَتْ زُلالًا في كل شرايين دواوينِه، حتى لُقِّبَ بــ"أمير شعراء الرفض"

وها هو تحت هذا العنوان يُمجّدُ الشيطان الذي قال لا، وإن صدمَنا بهذا المدخل الذي بدأت به متاهةُ البحث عن الفِكرة، تلك التي تشعبت في دروب النَّصّ، وتسلّقتْ شجرةَ الحرية مُضرّجةً بالوطنية، ليقولها هديرًا على لسان مُحرر العبيد، وبكل عبارات الأبجدية: لا تنحنوا- شُنقتُ لأنني لم أنحنِ- يُسعدني حتى بعد الممات أن تقولوها ولو مرّة- انتظرتُ هانيبال لنُحرركم معًا لكنه لم يأتِ- كانت قُرطاجة قويةً قبل أن تعرف الركوع- لن يُصدقكَ التاريخُ أيها القيصرُ حين تدّعي أنني كنت راضيًا بالعُبودية؛ حتى وإن اتخذتَ جمجمتي التي أهديتكَ كأسًا في مجالِسِك- لا تقطعِ الشجر لتصنع المشانق؛ فقد تحتاجُ ثمرَه ذات مجاعة، أو ظلالَه ذاتَ هجير- لم تعُدِ الصخرة مع سيزيف؛ فقد ورِثتموها وورّثتموها أبناءكم مع العذاب الأبديّ بانحنائكم – الانحناءُ مُرّ – ستموتون مَحنيين إن لم ترفُضوا – فلا أملَ في أن يترككم القيصر، وإن رحلَ سيرثكم آخر- الوُدعاءُ هُم ورثةُ جنة الأرض- وفي المُقابل وهو ما لم يُفصِح عنه وتركهُ للرمز القوي: والرافضون هُم ورثةُ جنةِ السماء، وهكذا خرجَ من النص مُوثِّقًا ربط النهاية بالبداية، مُسلطًا على الغايةِ البريق، ليخرجَ القارئُ معه أو يخرجَ العبيد من متاهةِ البحث عن الطريق.

أعودُ لأدندنَ حول هذا التمجيد للشيطان، المُثيرِ للجدلِ والتنقيبِ في آن، فأقول:

تبدأ القصائد عادةً هادئةً، ثم تشتعلُ قُرب النهاية، ولكن هذه القصيدة بدأت بالاشتعال، بقدر ما اشتعلت فِكرةُ التحرير في الأتون، مع جمارِ الانتظار، وبما يُرادُ توصيلُهُ بقوةٍ إلى التابعينَ والمُريدين؛ قولوا لا .. لقد قالها الشيطانُ - مَدفوعًا بفكرةِ "الخَيريّة": "خَلَقْتَني مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِين" - وحيدًا في حَضرة الإله، غيرَ عابئٍ بكلِّ الملائكةِ وقد قالوا نعم؛ أتخشَونَ قولها في وَجْه القيصر؟

وَحَريٌّ بي عند هذه النّقطة أن أُلفِتَ انتباهَ القارئ إلى أنّ ثقافةَ الشاعرِ "القُرآنيةَ"؛ قد غلبتْهُ وانبرَتْ للظهور في مفتتح القصيدة، تلك التي تُشكِّلُ في مجموعِها "كلمات سبارتاكوس الأخيرة"! 

فليس بعد هذا المِثالِ مِثالٌ، وليس بعد هذا التكثيفِ النافدِ الصبرِ، والإجمال، إلا التفاصيلُ وإلقاءُ الأحمال على رصيفِ الكلمات.

لعل وصفَ الشيطانِ بمعبود الرياح، يؤكدُ الفِكرةَ والدعوةَ إلى الفِعل الإيجابيّ المأمول؛ فالرياحُ رمزٌ قويٌّ للحركةِ والتغيير، وأن يكون هذا الرافضُ معبودَها؛ فهذا يعني الكثيرَ من التفسير: لاقتلاعِها كلَّ ما يقِفُ في وجهِها مُعترِضًا سَيْرَها، ولديمومةِ حركتِها، وقد آلَتِ الظاهرتانِ مع التعبير-بإضافة هذا إلى ذاكَ/معبود الرياح- إلى طقوسِ عبادةٍ وطاعةٍ وتمجيد.

لقد أهدَتنا إضافةُ (معبود) إلى (الرياح) ضوءًا مُرشِدًا إلى دين روما وقيصرِها وعبيدِها وزعيمِهم الذي تحدث بلسانِه الشاعر؛ فلم يكن هو دينَنا الحنيفَ أو دِين الشاعرِ الذي يستقي منه- فالرياحُ في دِينِنا تعبُد الله وتُسبّحُ بحمده وتأتمِرُ بأمرِه- بل كانت الوثنيةُ سيدةَ الموقف في ذلك التاريخ الذي هو سبعينيّاتُ ما قبلَ الميلاد، وكذلك فعلَ غيابُ لفظة (الشهيد) عن النصِّ كلِّه، لتحلّ محلها (الثائر) وهو مزيدٌ من التأكيد.

لم تكُنْ هذه هي المرةَ الوحيدةَ التي تمرَّدَ فيها الشاعرُ أو عُدَّ مُتمرِّدًا؛ فقصيدتُهُ "الخُيول" كانت ميدًانًا آخرَ للتهكُّمِ على المآلات بعد المجدِ والفتوحاتِ التي شهِدتها هذه الخيول، وأتصوَّرُ أنّ  الشعراءَ الذين يُعانونَ من الحنينِ إلى هذا الماضي الوضيءِ بأمجادِهِ وأبطالِهِ، كلَّهم يفعلونَ لأنهم مُنتمون وليس لأنهم جاحِدون، يُشارُ إليهم بأصابعِ الاتهام.

وكذلكَ جاءتْ قصيدتُهُ: (مقابلةٌ خاصّةٌ مع ابنِ نوح)، تلكَ التي كان الطوفانُ فيها طوفانَ الفسادِ لا الماء، والسفينةُ فيها وسيلةَ النجاةِ للمفسدينَ والأشرار؛ وليس للأخيارِ المؤمنين باللهِ وبدعوةِ سيدنا نوح عليه السلام .. فاختار دُنقُلُ المُحبُّ لوطنِهِ ألَّا يركبَ معهم؛ ليكون شبيهًا بابنِ نوحٍ فقط في هذه الجُزئيةِ – رفضِ الانصياعِ لدعوةِ النجاة – فهو يريدُ نجاةً من نوعٍ آخر: أن يبقى مع المطحونينَ والمُنافحينَ عن الوطن الذي أحبَّهُ، والأرضِ التي عشِقَها حدَّ الموتِ غرقًا دونَها، وقد أصبح قلبُهُ "وردةً مِنْ عَطَنْ" فهذا هو ما حدثَ له بعدما تقَمَّصَ شخصيةَ ابنِ نوحٍ دونَ مُبالاةٍ باتهامِهِ بالكُفرِ الذي كان في السياقِ: بالطُّغمةِ الفاسدةِ لا بالإله - لِمنْ ألقَى السمعَ وهو شهيد - أليسَ هذا هو اللقاءَ الخاصَّ أو المصيرَ الذي جمعهما والنهايةَ المُتشابهةَ المَحتومةَ لقلبيهما بعد الإصرارِ على الرفض؟ فهل بعد كل هذا الحب الوطنيّ العارِمِ الذي اختارَ (لا) في كل ما يكتُبُ وانتهجَها عقيدةً ومنهجًا، وهو الواثقُ بثمَنِها ومَصيرِ مَن يقولونها؛ هل نتَّهِمُ القلبَ الذي أُتْرِعَ بهذا الحُبّ وبهذه الجَسارةِ في المواجهة، بأنه كان خَلْوًا من الإيمان؟

إذنْ؛ كان توظيفُ التَّمرُّدِ براغماتيًّا حدَّ تمجيدِ الشيطان أو الاستسلامِ للطوفان؛ في سِياقٍ مُغايرٍ أو رؤيةٍ مُغايرةٍ؛ أراها منهجًا مُتميِّزًا في التَّنَاصّ الكُلِّيِّ مع واحدةٍ من قصصِ القُرآن، ذلك أنه يرفِدُ النَّصَّ الشعريَّ كلّهُ أو يستوحيهِ كاملًا منها، دون اكتفاءٍ بجملةٍ أو إشارةٍ كما نفعلُ في التناصِّ الجُزئيّ، حتى وإنْ تبدّلتْ ملامحُ الأفكارِ والتفاصيلِ التي يرسمُها، بعيدًا عن مزاعمَ واتهاماتٍ بِظهورِ أشباحٍ "نِتْشويّةٍ" تتبنّى إحلالَ الإنسانِ بدلَ الإله؛ لمجرد استبدالِ القيمِ الدنيويةِ بالقيمِ الدينية؛ وصولًا إلى إحياءِ أو إشعالِ فكرةِ الرفض لكل ما يُفعَلُ بالأوطان.

ذلك الذي كان دَيْدَنَ حياتِهِ وحُزنَها المُقيمَ؛ وقد تناولهُ في تقديمِ أحد دواوينِهِ قائلًا:

آهِ ... ما أقسى الجِدار

عِندما يَنهَضُ في وَجهِ الشّروق

رُبما نُنْفِقُ كُلَّ العُمرِ كي .. نَنْقُبَ ثَغْرة

لِيَمُرَّ النُّورُ لِلأجيالِ .. مَرّة

رُبما لو لَمْ يَكُنْ هذا الجِدار

ما عَرَفْنا قيمةَ الضَّوءِ الطَّليق

_________________

كلمة أخيرة أُذَيِّلُ بها شهادتي للشاعر

ولعل فيها إبراءً لذمةِ الظَّانينَ بأنهم مُبَرَّؤون وهم مُدانون:

كنتُ بصددِ تقييم قصيدةٍ لي عَنونتُها: "دالياتٌ بالمواجِعِ مُثْقَلاتْ"

وقد حَوَتْ من الأسماءِ والرموز: بائع الأمراء العزّ بن عبدالسلام- السَّهرَوَرديّ – ماكبِث – سيزيف - أبو رِغال – العلقميّ – الحجَّاج – سعيد بن جُبَيْر – الرشيد - عصا موسى – صُندوق بانْدورا – روما – إشارة إلى فتحِ سمرقند

كل هذا الحشد رأيتُ أنه تحت عنوانٍ كهذا؛ حرِيٌّ بأن يكونَ مُبرَّرًا حين يدورُ الحديثُ عن أوجاعِ الأُمّةِ عَبْرَ التاريخ؛ ولكنني فوجئتُ بشاعرٍ ناقدٍ مغربيٍّ حصيفٍ يقولُ ما معناه: هذا بلا شكَّ ثراءٌ وإثراء، ولكنه يجعلُ القصيدةَ - رغم إيغالِها في البلاغة - نَشرةَ أعلام!

ارجِعِي إلى قصيدة أمل دُنقُل: "مقابلة خاصة مع ابنِ نوح"؛ لِتَقِفي على كيفَ يكونُ تكثيفُ التَّناصّ عبرَ النصّ بالكامل، فقرأتُ وعرفتُ أنه كان مَدرسةً، وأنَّ له منهجًا يُحتَذَى

بعدما عرفتُ أن الدنيا قامتْ فلم تقعُد، عندما قال في رائعتِهِ "لا تُصالِح":

أتُرى حين أفقَأُ عينيكَ

ثم أثبِّتُ جَوهرتينِ مكانهما

هل ترى؟

هي أشياءُ لا تُشْتَرى!   

 

 

فإلى القصيدة: كلمات سبارتاكوس الأخيرة

[وقد كُتِبَتْ بتفعيلاتِ الرَّجَز:

مُسْتَفعِلُن/ مُتَفْعِلُنْ/ مُتْفَعِلُنْ؛ إلّا قليلًا أرجو أنه نتجَ عن أخطاءِ التداول]

المجد للشيطان معبود الرياح

مَن قال "لا" في وَجْه مَن قالوا "نعمْ"

[المجدُ لمن يقول لا حتى لو كان وحده، من يقولُها في وجه كل من قالوا نعم

الاعتراض هنا على القُدوةِ المَسوقة كاستهلال، وإن كانت الدهشةُ أو الصدمة قد انبجست من توظيف الشيطان ومنحِه المجدَ في المُفتَتح .. وفي هذا تتجلى مقدرة الشاعر على إبقاء المُتلقّي على قيدِ البحث عن المقاصد، وسَبْرِ أغوارِ القصيد.]

مَن علَّم الإنسانَ تمزيقَ العدمْ

وقال "لا" فلم يمتْ وظلَّ روحًا أبديةَ الألمْ

***

مُعَلَّقٌ أنا على مشانقِ الصَّباحْ

وجبهتي – بالموتِ – مَحنيَّهْ

لأنني لم أَحْنِها ... حَيَّهْ!

[يقولُ مُقدِّمًا القُدوة على لسان القائد: بقيتُ رافضًا حتى الموتِ الذي كان ثمنًا لرفض الانحناء .. وما أبلغَ أن يُحدثنا مُعلَّقٌ على مشانق الصباح! عن الثمن الباهظ للحرية]

***

يا إخوتي الذينَ يعبُرون في الميدان مُطرِقينْ

مُنحدرين في نهايةِ المساءْ

في شارِع الإسكندرِ الأكبرْ

لا تخجلوا ... ولترْفعوا عيونَكم إليّْ

لأنكم مُعلَّقونَ بجانبي ... على مشانِق القيصَرْ

[..نِق القيصَرْ/ مَفَاعِيلُنْ .. خروج عن تفعيلات الرجَز إلى تفعيلة الهَزَج]

فلترفعوا عيونَكم إليّْ

لربما ... إذا التقتْ عيونُكم بالموتِ في عَينَيّْ

يبتسمُ الفناءُ داخلي ... لأنكمْ رفعتُم رأسَكمْ ... مرَّة

[رأسَكمْ مرّة: /0//0 /0/0 لا تُقرأ إلا: فاعِلُنْ فَعْلُنْ؛ خروجٌ إلى المُتَدَارَك]

[تحريضٌ على الرفض مُوغِلٌ في الشاعريةِ والتشبثِ بالأمل]

سيزيفُ لم تعدْ على أَكتافِهِ الصَّخرة

يحملُها الذين يُولدونَ في مخادِع الرقيقْ

 [حملتمُ الصخر بدلا من سيزيف أيها العبيد أبناء العبيد -ولا يولدُ في مخادع الرقيق إلا الرقيق! فصار العذابُ إرثَكم الأبديّ بالانحناء والخنوع]

والبحرُ – كالصَّحراءِ – لا يروي العطَشْ

لأنَّ مَن يقولُ "لا" لا يرتوي إلا مَن الدُّموعْ

[يُريدُ غضبةً كبرى، ثورةً عارمةً لا تُبقي ولا تَذر، ثورةً لكل العبيد، يجتمعُون عليها، لأن من يقول لا وحيدًا؛ لن يرتوي إلا من الدموع؛ فوحِّدوا الصفوف / بينما ظاهر القول: لا تثوروا !!!

ولعل هذا السطر يُعضِّدُ الآتي في الفقرة الخلافيةِ: لا تحلموا .. ..]

 ... فلترفعوا عيونَكم للثائرِ المشنوقْ

فسوف تنتهونَ مثلَه ... غدًا

[تأكيدٌ على سوء المصير لمن يرتضون العبودية للقيصر، أو بقاءَ المُحتلّ، أو يضعُفون عن المُقاومة، ويؤمنون باستحالتها]

وقبِّلوا زوجاتِكم – هنا – على قارعةِ الطريقْ

فسوف تنتهون هاهنا ... غدًا

فالانحناءُ مُرٌّ

[وهذا هو لُبُّ القصيد، لا تنحنوا ..]

[غير أن شاعر الرفض، يقولها تصريحًا وتلميحًا بامتدادِ نزفِهِ الشعريّ]

والعنكبوتُ فوق أعناقِ الرِّجالِ ينسجُ الرَّدى

فقبِّلوا زوجاتِكم ... إنِّي تركتُ زوجتي بلا وداعْ

[تأكيدٌ على حتمية موتِ الخانعين]

وإن رأيتم طفليَ الذي تركتُه على ذراعِها بلا ذراعْ

فعلِّموهُ الانحناءْ

[سُخريةٌ لاذعةٌ بطعمِ الحثِّ على بقاء الحال وكراهية النضال]

علِّموهُ الانحناءْ

 ... ... ...

اللهُ ... لم يغفرْ خطيئةَ الشيطانِ حين قال "لا"

[خرج الوزنُ في السطر السابق إلى الهَزَج عند(..ئةِ الشيطا/ مَفَاعِيلُنْ)]

والودعاءُ الطيبونْ

هم الذين يَرِثونَ الأرضَ في نهايةِ المدى

[همُ الذي(نَ يَرِثُ)أربعُ حركاتٍ مُتتالية أخلَّت بموسيقى التفعيلات؛

فقد صارت: مُتَفْعِلُن(رَجَز)/نَ زائدة/فَعِلاتُنْ(رمل)/ مُتَفعِلُنْ(رجز)/ فعو]

لأنهم ... لا يُشنَقونْ

فعلِّموهُ الانحناءْ

[لا تتوقعوا أن يغفرَ الأسيادُ للعبيدِ رفضهم للانحناء؛ فالله سُبحانه -وتعالى عن التشبيه- لم يغفر عصيان الشيطان، ومن يطمع في جنة الأرض الزائفة، فلن يُشنق، لأنه سيبقى على قيدِ الوداعة والرضا، فعلموا ابني الانحناء حتى لا يُشنقَ مثل أبيه الذي انحنت رقبتُهُ مَيْتًا لأنه لم ينحنِ حيًّا ..]

[وفي هذا إمعانٌ في الحضّ الساخر على الرفض]

 ... ... ...

وليس ثَمَّ من مَفَرّ

[[وعندما يكون لا مفرّ أمامكم من الانحناء فَانتظروا العواقب:]]

لا تحلموا بعالَمٍ سعيدْ

فخلْفَ كلِّ قيصرٍ يموتُ: قيصرٌ جديدْ

وخلْفَ كلِّ ثائرٍ يموتُ: أحزانٌ بلا جدوى

ودمعةٌ سُدى

[توحَّدوا ولا تكونوا وُدعاء، وقولوا (لا) للانحناء، وإلا فسوف يسلمكم قيصرٌ إلى آخر، في سلسلةٍ لا تنتهي، وتذهب تضحياتُكم –فُرادَى- سُدًى]

[ذلك أنه في كل مرة يتحدث عن العاقبة يقولُ (كل ثائرٍ) بصيغة المُفرد]

***

يا قيصرُ العظيم: قد أخطأتُ ... إني أعترِفْ

دعني – على مِشنقتي – ألْثُم يَدَكْ

ها أنا ذا أقبِّل الحبلَ الذي (في) عُنقي يلتفُّ

[ربما كان خطأ نقلٍ؛ والأصوب (حولَ) بدلًا من (في) غير أن التصويبَ يخذِلُ الوزن]

فهْو يداكَ، وهو مجدُك الذي يُجِبرُنا أن نعبُدَكْ

دعني أُكَفِّرْ عنْ خطيئتي

أمنحْكَ – بعد ميتتي – جُمْجُمَتي

تصوغُ منها لكَ كأسًا لشرابِك القويِّ

 ... فإن فعلتَ ما أريدْ

إنْ يسألوكَ مرةً عن دَمِيَ الشهيدْ

وهل تُرى منحتَني "الوجودَ" كي تسْلُبَني "الوجودْ"

[وجودانِ أحدهما: الحياة والآخر الحرية:

في سؤالٍ استنكاريٍّ يطرحُ فلسفة الرفضِ بصيغةٍ أُخرى، من خلال مواجهة سبارتاكوس للقيصر، وادّعاءٍ بإعطائهِ صكّ غُفرانٍ لقتلِهِ وهو ادّعاءٌ ساخرٌ؛ إذْ ينطوي على تناقُضٍ؛ فِلمَ شنقهُ القيصرُ وقد كان راضيًا بالعبودية/ مات غيرَ حاقدٍ عليّ؟]

فقلْ لهم: قد ماتَ ... غيرَ حاقدٍ عليَّ

وهذه الكأسُ – التي كانتْ عظامُها جمجمتَه

[..مُها جُمْجُمَتَه: خروجٌ لا يُقرأُ إلا: فَعولُن/ فَعِلُنْ //0/0///0]

وثيقةُ الغُفرانِ لي

يا قاتلي: إني صفحتُ عنكْ

في اللَّحظةِ التي استرحتَ بعدَها منِّي

استرحتُ منكْ

لكنني ... أوصيكَ – إنْ تشأْ شنقَ الجميع

[تَشَأْ شَنْقَ الْ/ مَفاعِيْلُن ... خروج عن الرجز إلى الهزج]

[هنا يتنبأُ أو يحلَمُ بانخراطِ كل العبيد في الثورة (شنق الجميع) فينتقل إلى صيغةٍ أُخرى لإثناءِ القيصر عن ظلمه واستعباده، بمخاطبة فِكرهِ النرجسيّ الأنانيّ: لا تقطع الشجر لتصنع أعواد المشانق، فربما تحتاجُ ظلالَه ذات هجير، أو ثمرَه ذات مجاعة.]

أن ترحمَ الشجرْ

[ لقد يئسَ من رحمة القيصر للعبيد، فانتقل إلى استعطافٍ غيرِ مُباشرٍ، أن "يرحم" الشجر]

لا تقطعِ الجُذوعَ كي تنصبَها مشانق

لا تقطعِ الجُذوعْ

فربما يأتي الرَّبيعُ

"والعامُ عامُ جوعْ"

فلنْ تشمَّ في الفرُوعِ ... نكهةَ الثَّمرْ

وربما يمرُّ في بلادِنا الصَّيفُ الخَطِرْ

فتقطع الصحراء ... باحثًا عن الظِّلالْ

فلا ترى سوى الهجيرِ والرِّمالِ والهجيرِ والرمالْ

[التكرار هنا مُحاولةٌ لإيقاظ وعي القيصر، وتبصيرِهِ بمغبّةِ قطع أعناقِ الثوار]

والظمأِ الناريِّ في الضُّلوع

[وما أبلغ هذا الظمأ الناريّ؛ إنه اشتعال الظمأ بعد فقد الظلال]

يا سيدَ الشواهدِ البيضاء في الدُّجَى!!!

[طباقُ ألوانٍ رااائعُ الإشارةِ إلى كثرة الاغتيالات ... والشعرُ الطباقُ أيها الفارس]

***

يا إخوتي الذينَ يَعْبُرونَ في الميدان في انحِناءْ

منحدرينَ في نهايةِ المساءْ

 [فإن بقيتُم على قيدِ الخنوع حتى تنتهي أعمارُكم ، فـَــــ:]

لا تحلُموا بعالَمٍ سَعيدْ

فخلْفَ كلِّ قيصرٍ يموتُ: قيصرٌ جديدْ

[وسوف يكون تغيير الحال من المُحال، فسارِعوا إلى النضال]

وإن رأيتمْ في الطَّريق هانيبالْ

[..قِ هانيبال/ مَفاعِيلُنْ: تفعيلةٌ هزجية مُخالِفة]

فأخبروه أنني انتظرتُه مدًى على أبوابِ روما المُجهدةْ

[لكي أصُدّ البغيَ والعربَدة والظلم الواقع على العبيدِ معه]

وانتظرَتْ شيوخُ روما – تحت قوسِ النَّصر – قاهرَ الأبطالْ

ونسوةُ الرومان بين الزِّينةِ المُعربدةْ

ظَلَلْنَ ينتظِرْن مَقْدِمَ الجنودْ

ذوي الرؤوسِ الأطلسية المجعَّدةْ

لكن هانيبال ما جاءتْ جنودُه المجنَّدةْ

فأخبروه أنني انتظرتُهُ ... انتظرتُهُ

لكنهُ لم يأتِ

وأنني انتظرتُهُ ... حتى انتهيتُ في حبالِ الموتِ

وفي المدى: قرطاجةٌ بالنار تَحترقْ

قرطاجةٌ كانتْ ضميرَ الشمسِ: قد تعلَّمتْ معنى الرُّكوع

[رمزٌ آخر لتذكِرة العبيد بسوء المآلات يشرحُهُ تغيّرُ حالِ قُرطاجة، التي كانت حُرّةً أبيّةً ذات حضارةٍ وعدل (ضمير الشمس) وبعد ما قبلَت الركوع/ الانحناء .. يراها سبارتاكوس على البُعدِ تحترق .. هو اندماجُ الشاعر بالتاريخ وحادثاتِ الليالي]

والعنكبوتُ فوق أعناقِ الرجال

والكلماتُ تَختنقْ

يا إخوتي: قرطاجةُ العذراءُ تحترقْ

[وتلك هي نهاياتُ الدول العظيمة وهزيمةُ القُوّادِ الأبطال، أمثال هانيبال، عندما يُقوِّضُها غيابُ العدل، مع الرضا بالانحناء للطواغيت]

فقبِّلوا زوجاتِكم

إني تركتُ زوجتي بلا وَداعْ

وإن رأيتم طفليَ الذي تركتُه على ذراعها ... بلا ذِراعْ

[بلا ذِراع: بِلا سَنَد؛ فقد تمّ إعدامُ أبيه زعيمِ العبيد]

فعلِّموهُ الِانحناءْ

علِّموهُ الانحناءْ

علِّموهُ الانحناءْ

[يقولُ النُّقاد إنّ هذا التكرار ينطوي على شيءٍ من "المِنبَرية" فلا يليقُ بالكتابة، وإنما بالإلقاءِ في حَضرةِ الجمهور]

لعلّي قُلتُ بعضَ ما للشاعرِ وما عليهِ تأويلًا وعَروضًا في حدودِ إمكانياتي المتواضعة، ولعلّي لم أبتعِد كثيرًا عن المقاصِد، وأتقبلُ الرأيَ الآخرَ بكل ترحيب، فمعًا نستفيد، حيّاكم الله وبيّاكم.

                                   30/12/2019


 

 

 

 

لا تَسْـــــــــأَمُوا

شِعر: ثريا نبوي

 

فالمجدُ للرَّاياتِ يُعلِيها الكِفاح

والمَجدُ للذينَ

يقْبِسونَ النُّورَ مِنْ وَجْهِ الصَّباح

بِنَقْبِ جُدرانِ الأسى في لَيْلِنا البهيمْ

لا تَسْـــــــــأَموا

بلِ "احلَمُوا بعالَمٍ سعيدْ"

وجَدِّدوا العهودَ ردِّدوا النشيدْ

"فخلفَ كلِّ ثائرٍ يموتُ" أو شهيدْ

سنابلٌ تُؤجِّجُ الوادي بأسبابِ البقاءْ

وَجَنَّةٌ .. والقصرُ مِن لآلئٍ مَشيدْ

وفرحةٌ خَضراءُ .. مولِدٌ جديدْ

لموطنٍ، والبأسُ مِنْ حديدْ

يَرَى بِعَينَيِ الوفاءِ ما رأتْ زرقاءُ

من قوافِلِ الشجَرْ

يَجتَثُّ أقدامَ الظلامِ .. أذرُعَ الخطَرْ

يُسَيِّجُ الحُدودَ بِالبارودِ والفِداءْ

يقومُ مِنْ تحت الرَّمادْ

يُزلزِلُ القياصرةْ

ويُنصِفُ العِبادْ

سِيَّانِ فيهِ عَبْشَمِيْ وعنترةْ

ويَرصِفُ الأمجادَ والعِنادْ

هي البلادُ

مِن مفازاتِ الضَّياعِ تُسْتَعادْ

***

إنْ تَألَمـُـــــــــــــــــوا

والفقْدُ نَصْلٌ مُسْتَبِدٌّ فارِهٌ لا يَستشيرْ

فإنّكم في كُلِّ عِيرٍ أو نَفِيرْ

لكمْ ضِماداتُ الأسَى

أملٌ .. رجاءْ

"فاسْتَبْشِروا ببيعِكم"

لا يذهبُ الدَّمُ في سبيلِ الحقِّ

مُهراقًا .. هباءْ

***

"ليسُوا سواااااااءْ"

مَنْ ينصُرونَ اللهَ

والماضُونَ بالسيفِ الخئونْ

شُهداؤكم في جنَّةٍ يَتَنَعَّمونْ

فَعلامَ تُلْتَحَفُ الشُّجونْ؟

وعلامَ يُقْتَرَفُ البُكاءْ؟

سَيُعاتبُ الخَشخاشُ مَنْ

يَبكي على جَدَثِ الشهيدْ

وَيُوشْوِشُ الحَنُّونُ أنسَامًا

تَمُرُّ من الجِبالِ إلى البعيدْ

يا رِفْقَتي

هذا هو البَعثُ الأكيدْ

وَشْمُ الطريقْ

بِمِسْكِ وَردٍ مِنْ دِماءْ

والِارتِقاءُ للسماءْ

1/12/2019

من وحي قصيدة: كلمات سبارتاكوس الأخيرة/ للشاعر أمل دُنقُل

هي زرقاءُ اليمامة - عبشميّ: كلمة منحوتة من عبد شمس - الحنّون: شقائقُ النُّعمان

 

 

 

تعريف بالشاعرة ثريا نبوي

·     من مواليد القاهرة/ بكالوريوس تجارة/ جامعة القاهرة.

·      عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية/ عضو اتحاد الكُتَّاب والمُثقَّفينَ العرب/ عضو أكاديمية الفينيق للأدبِ العربيّ في الأردنّ/ عضو رابطة أدباء الشام - تَصدُرُ من لندن/ عضو رابطة الأدباء والحرية – مصر/ عضو مُنتدى إكسير للأدباء العرب والمغاربة/ عضو مُنتدياتِ الأستاذ التعليمية في المغرب/ عضو رابطة كُتَّاب من أجل الحرية –العراق/ عضو منتدى دوحة الأدب والأدباء –اليمن/ اليمن يكتُب/ عضو شرف منتديات مزامير آل داود/ المُراقبُ اللغويّ العام في منتديات المنابر الثقافية/ الكويت

 

·      نشرت في الصحف الورقية: المحلية والفلسطينية ومجلة مرايا العراقية بنُسختيها الورقية والإلكترونية، ولها موقعٌ للتدوين على هذا الرابط:

http://thorayanabawi266.blogspot.com/

ومن هذه المدونة تم اختيارُ قصيدةٍ لها بعنوان "شهرزادية" لامتحان طلبة البكالوريا في الجزائر عام 2016 في منهج الرمز في الشعر المُعاصِر.

واختيرَت أُخرى بعنوان "على بيادرِ الشَّجَن" وأُدرِجت في كتاب "الحديث والشجن" لمؤلفهِ المغربيّ "الأمازيغي" أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية د. حسن أَوريد، حيث أُودِعت نُسخةٌ من الكتاب في "الخزانة العربية للتراث" وأخرى في مكتبة إحدى الجامعات الإنجليزية.. وقصائد عن فلسطين في كتابٍ عن أدب المُعتقلات للدكتور زاهر الجوهر حنني.

·      تُرجِمَت قصائدُها المَنشورةُ على الشبكة إلى التُركية والصينية والفارسية.

·      شرَّفها بكتابةِ مقدمةِ أعمالِها: د. خالد فهمي الأستاذ بكلية الآداب جامعة المنوفية؛ تحت عنوان: "استعادةُ الروح .. استعادةُ الوطن" قراءة في ملامح القصيدة عند ثريا نبوي. وقد أدرجتِ القراءة في كتابه ``البلبل المغدور.. دراسات أدبية ونقدية في الشعرية المنتمية المعاصرة

·      كما شرَّفها بالكتابة النقدية الناقد الشاعر د. عبد السلام البسيوني في كتابِ المادحات، رِفق قصيدتِها "عُذرًا حبيبي المُصطفى"، وأستاذ النقد الأردنيّ د. عوض بديوي، والشاعرة الناقدة السورية ثناء حاج صالح

·      وبقصائد المدح: الشاعرُ الفلسطينيُّ أ. حماد صبح، وآخرون من مصر وسوريا والعراق ولبنان وغزة والسعودية وتونس والجزائر والمغرب.

·      تَهوَى النقد، ولها عدد من القراءات والدراسات النقدية لشعراء مُعاصرين وقُدامَى.ويحملُ هذا الرابط قراءةً لديوانٍ كاملٍ من بين قراءاتها:

www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=602875

ثريا نبوي - البلاغة في شِعر: علاء نعيم الغول قراءة في ديوان: - قلب المُسافر



وتقديمًا مع القراءة لديوانٍ آخر لعميد أكاديمية الفينيق للأدب العربيّ:

 http://www.odabasham.net/نقد-أدبي/105682-بين-دِفّتَيْ-دي

·    دواوين الفصحى:

·    لِلقُدسِ مِعراجٌ/ للرافِدينِ أُغنِّي/ عُذرًا حبيبي المُصطفى/ التراب المُرتَهَن/ عندما تبكي الديار/ العصفورُ الذي نسِي/ الشاطئُ البعيد/ تراتيلُ دمشقيّة.

·    وديوانُ بالعامية بعنوان: كلام مِن خشب. 

 

رابط موقع الشاعرة ثريا نبوي

http://thorayanabawi266.blogspot.com/

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتابي: الجزء الأول

بعد مائة عام..!!