أوقفوا التعذيب ١

أوقفوا التعذيب

بقلم د محمد عباس
الشعب ٢٩-١١-٢٠٠٢ 
هل أتسول البراءة بإعادة نشر هذا الجزء من كتابي: "إني أرى الملك عاريا"..؟..
هل أريد أن أثبت أمامكم يا قراء أن جيلنا قد حاول..
ربما لم نحاول كما يجب أن تكون المحاولة..
وربما لم نجاهد كما ينبغي أن يكون الجهاد..
وربما ضللنا الضروب وتهنا في الدروب لكننا كنا طول الوقت نسعى خلف الحق..
وكنا ندرك دائما أن الإسلام لم ينهزم.. ولا حتى المسلمين..
لأن الهزيمة الواقعة.. الهزيمة البشعة الرهيبة المروعة.. التي أذلت الأمة كما لم تذل أبدا.. تلك الهزيمة لسنا نحن المسئولين عنها.. فلم يكن لنا من الأمر شئ عندما وقعت..
كانوا هم في السلطة .. ولاة الأمر..
وكنا معزولين مضطهدين مطاردين مسجونين معلقين على المشانق..
كانت صحفنا تغلق.. و أصواتنا تخنق.. ورؤيتنا للصراع مع أعدائنا يُسخر منها.. وكان أبناؤنا يعذبون عذابا لم يشهد له التاريخ مثيلا..
ولاة الأمر هم الذين انهزموا..
ولاة الأمر ودينهم العلماني الوضيع وسياساتهم الخائنة هم الذين انهزموا..
أما الإسلام والمسلمون فلم يسمح لهم بدخول الصراع أصلا.. فكيف ينهزمون.
***
من حاول..
من حذر..
من اعترض..
تعرض لأنماط من التعذيب سوف يقرأها القارئ على الفور.
***
قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، كنت قد جمعت من على شبكة الإنترنت عشرات الموضوعات عن صناعة أجهزة التعذيب، كانت التقارير تقول أن 90% من أجهزة التعذيب تصنع في راعية العالم الحر.. في الولايات المتحدة الأمريكية.. و أن 9% يصنع في أم الديموقراطيات.. في بريطانيا.. و أن التدريب الرئيسي لضباط الأمن في العالم العربي، على  أجهزة التعذيب تلك، يتم في هذين البلدين، ولقد حاولت استعادة البحث فلم أجد موضوعا واحدا يتطرق إلى هذا الموضوع. فقد اقتضت الديموقراطية وحقوق الإنسان والحداثة، ليس التوقف عن صنع أجهزة التعذيب، بل محو المعلومات المنشورة عنها ( لاحظت نفس الملاحظة في الموضوعات التي تكشف جرائم الغرب)..
***
المجرمون، الذين لم يصل إلى إجرامهم أحد في التاريخ،  المجرمون الذين تحالف معهم ولاة أمورنا علينا، لم يتورعوا بعد أحداث 11 سبتمبر عن أن يوجهوا اتهاماتهم إلى ولاة أمورنا و أجهزة أمننا بأنها هي التي حولت الإرهاب المحلي إلى إرهاب عالمي، وكان منطقهم في ذلك أن طرقهم الحيوانية المجرمة البشعة المروعة في التعذيب قد دفعت بالإرهابيين للهرب للخارج ليمارسوا إرهابهم هناك.
دعنا الآن من تعريف المصطلح والتعقيب عليه..
لكن هؤلاء المجرمين، الذين ولوا علينا هؤلاء السلاطين، والذين صدروا إلينا آلات التعذيب الجهنمية، ودربوا ضباطنا عليها، يأتون الآن ليكيلوا الاتهامات لهم، وغدا، عند تغيير الأنظمة، سوف يقدمون هذه الوجوه للمحاكمة، محملين إياهم العار وحدهم، ليفقدوا الدنيا بعد أن فقدوا الآخرة.
***
لم ينهزم الإسلام ولا المسلمون..
انهزم أعداؤه..
أما الإسلام وبنوه.. فقد كانوا مقيدين في الأصفاد..
وكانوا يعذبون..
فأوقفوا التعذيب..
*** 























دكتور محمد عباس








إني أري الملك عاريا




رسائل بن عباس إلى الحكام وعموم الناس

مكتبة مدبولي



الكاتب الدكتور محمد عباس
الطبعة الأولى يناير 1999
الناشر مكتبة مدبولي 6 ميدان طلعت حرب - القاهرة
 تليفون 1246575 فاكس 4582575
رقم الإيداع
الترقيم الدولي :
لوحة الغلاف


دكتور محمد عباس




إني أرى الملك عاريا

رسائل ابن عباس إلى الحكام وعموم الناس

الناشر
مكتبة مدبولي
1999










حقوق الطبع محفوظة









الرسالة الأولي: أوقفوا التعذيب
الرسالة الثانية: الشرطة خدم السلطان
الرسالة الثالثة: جلالة الملك فخامة الرئيس





قائمة بالمحتويات



الصفحة
الموضوع
9
مقدمة
15
الرسالة الأولي: أوقفوا التعذيب
41
السيد النائب العام
70
ردان من النائب العم ووزارة الداخلية
73
تعقيب ما يزال الملك عاريا
77
السيد رِئيس الجمهورية
103
أيحسب أن لن يقدر عليه أحد
127
نحن مدينون بالاعتذار لمصر
153
الراية البيضاء
181
وطن الدّمى
199
الرسالة الثانية: الشرطة خدم السلطان
239
شرف صنع الله إبراهيم
261
العسكري الأسود
281
الفنانون والشرطة
285
شرق المتوسط
309
صلاح عيسي
321
يوميات ضابط في الأرياف
359
اعتراف الشرطة والبلطجة - إعدام عايدة
371
قولوا للرئيس: عادل حسين مجنون
401
جمال عبد الناصر
415
ذق فإنك أنت العزيز الكريم
439
يوم نحس مستمر
461
يساء إلينا ثم نؤمر بالشكر
479
سيادة الرئيس
543
يا وقور يا عجوز لا يجوز
547
لا ترشح نفسك مرة أخرى
577
الرسالة الثالثة: جلالة الملك.. فخامة الرئيس
579
جلالة الملك فخامة الرئيس "1"
عناقيد الغضب علينا وعليكم: سـِــــفـَـــــــاحْ
597
جلالة الملك فخامة الرئيس"2"
الأرض بتتكلم عبري - محمد أصبح ميشيل.
615
جلالة الملك فخامة الرئيس "3"
نفايات مكدسة وأصنام مقدسة - من الاستعمار إلى الاستحمار
645
جلالة الملك فخامة الرئيس "4"
تساؤلات: النقاد مجوس هذه الأمة
663
جلالة الملك فخامة الرئيس "5"
هل نصمت صونا للعرض: أحمد مطر
695
جلالة الملك فخامة الرئيس "6"
بغداد عروس عروبتكم - نداء إلى الكويت
717
جلالة الملك فخامة الرئيس "7"
يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم - رد العرب على كلينتون
759
الخاتمة





من بروتوكولات حكماء صهيون

لن يجد أحد يرغب في مهاجمتنا بقلمه ناشرا ينشر له

كون المؤلفين مسئولين أمام القانون سيضعهم في أيدينا و ما من أحد سيكون قادرا دون عقاب على المساس بعصمتنا السياسية ...

إن حكمنا سيبدأ في اللحظة التي يصرخ فيها الناس الذين مزقتهم الخلافات وتعذبوا تحت إفلاس حكامهم - وهذا ما سيكون مدبرا على أيدينا - فيصرخون هاتفين: اخلعوهم وأعطونا حكما يستطع أن يمنحنا السلام والراحة، لكن لكي يصرخ الجمهور بمثل هذا الرجاء لابد أن يستمر في كل البلاد اضطراب العلاقات القائمة بين الشعوب والحكام، اضطراب يستثمر العدوان والحروب والكراهية والموت استشهادا أيضا، هذا مع الجوع والفقر، وسيستمر كل ذلك إلى الحد الذي لا ترى شعوبهم الأمل في أي مخرج من المتاعب غير أن يلجئوا إلى الاحتماء بأموالنا وسلطتنا الكاملة .


 مقدمة


هل أستطيع - أيها القارئ - أن أنقل إليك مدى خطورة ما أتحدث فيه ومدى صدقه، ومدى ضرورة أن تتخذ فيه قرارا، و ألا تظل بعد قراءته كما كنت قبل قراءته، و ألا تكتفي بالدموع آملا أنها تطهرك من إثم يطولك بصمتك، إثم صمت شيطان أخرس.
هل أستطيع أن أوصل إليك و إلى الأمة كلها فداحة ما يحدث من فساد ومن تعذيب لإخوة لنا في البشرية، كي تخرج من صمتك وسلبيتك وسكونك، فأنت إن اتحدت مع الباقين القادر على إرغام الجلادين على كفّ ذئابهم كلاب النار عن نهش أبناء هذا الوطن.
هل أستطيع أن أبلل صفحات هذا الكتاب بالماء أو بالدموع وأن أصلها بالكهرباء كي يتكهرب القارئ إذ يقرأ ليفهم ويحس ويعي أي نوع فظيع من العذاب يعانيه أولئك الذين يعذبونهم بالصعق بالتيار الكهربائي.
هل أستطيع أن أجعل من السطور سياطا و أسلاكا مجدولة تنهال على وعي القارئ ليحس بشيء شبيه لما يعانيه الضحايا؟ .
وهل أستطيع أن أستعمل في كتابته دم الضحايا الذي سفكه الباطش الجبار وسفحه الضحايا بدلا من الحبر الذي دنسته أقلام كثيرة؟..
هل أستطيع أن أوقد تحت القارئ نارا، ليحس بما يحس به الضحية وهو معلق كالخروف المشوي فوق النار؟.
هل أستطيع أن أجعل القارئ يقرأ هذا الكتاب وهو معلق من قدميه في سقف منزله، أو وهو معلق من رسغيه معكوسا وقد ربطت في كل قدم من قدميه أنبوبة بوتاجاز، أو وهو يسحل على الأرض؟.
هل أستطيع أن أصوغ من تلك الحمم المنصهرة المنثالة من داخلي تمثالا يحرق لامسه ويعمي الناظر إليه، أو أن أرسم بألوانها الدامية لوحة تتحرك فيها الجمادات وتصرخ؟.
هل أستطيع أن أجعل تلك الصفحات تشتعل بين يدي القارئ، أو تنوح وتلطم؟.
 هل أستطيع أن أبث الروح في تلك الحروف المتراصة الميتة فتنفجر بالحياة من الألم فتنقل للقارئ في نفس اللحظة التي يقرأ فيها صرخة إنسان يعذب؟.
هل يمكن أن يسمع القارئ وعيناه تجريان على هذه السطور صوت سوط، صوت العظام وهي تتهشم، والمفاصل وهي تنخلع، والنفوس وهي تنكسر؟.
هل يمكن أن يرى القارئ ولو لثانية واحدة ضابط الشرطة الذي يعبث بأصابعه وبأدوات أخرى في هني[1] امرأة، في عورتها وعفتها، بعد أن أخذوها وهي البريئة رهينة، هل يمكن أن يرى القارئ ذلك و أن يخصف على مشهد العار الداعر في خياله الدامي صفحات هذا الكتاب؟.
هل يمكن؟...
هل يمكن؟.. .
يا قارئي: إن ما يحدث في ربوع أوطاننا جرائم مروعة تؤكد أن النظام كله مختل و أن المجتمع كله مريض، الكبار والصغار، المتّهمون والمتهمون، ولعل مادة هذا الكتاب التي نشر الكثير منها كمقالات في الأعوام الخمسة الماضية تشكل صفحات من التاريخ تقطر دما.. وكرامة.. وألما.. و أملا مسفوحا.. ولعل ما نشر، و ما لم يتسع الهامش الديموقراطي في بلادنا لنشره، لعلها جميعا تتشكل كديوان للوطن في مخاضه الدامي، ولعل ذلك ما كاد يدفعني لتقسيم هذا الكتاب لا إلي رسائل وأجزاء و أبواب وفصول.. بل إلى أشلاء ..
شلوا إثر شلو..
 و إن كان هذا الكتاب يركز في مباحثه على مصر، فما ذلك إلا لأنها البلد الوحيد - فيما أظن - الذي يمكن أن يسمح بصدور مثل هذا الكتاب، ثم أنها وطني الذي أراه أكثر مما أرى سواه، والذي أستطيع أن أزعم - رغم البشاعة والألم - أنه أفضل حالا من معظم البلاد الأخرى، فالناس هنا مازالت تملك بعد حق الصراخ والاحتجاج والألم، وهي أمور تعد من المحرمات المطلقة في معظم أوطان العالم الإسلامي، حيث يتعذب الناس ويموتون في صمت كصمت القبور، دون حتى صرخة احتجاج أو ألم، وليس هذا انحيازا لوطني، ولا مجاملة لحكومتي، بل إنها التقارير الموثقة لمنظمات حقوق الإنسان.
ويستطيع قارئ هذا الكتاب قراءته من الخلف أو من الأمام أو من أي جزء فيه في دائرة جهنمية لا تكف عن الدوران والتكرار، لأن أي جزء فيه، بغض النظر عن تاريخ كتابته، وعن مناسبته، يصلح للأمس صلاحيته للغد، فما من شيء يتغير وما من شيء يتطور وما من همّ يزول في هذا الوطن.. لا مجرد الوطن الصغير الذي تحده على الخرائط خطوط تتوسطها كلمة مصر، بل أيضا عوالم العرب والإسلام والمسلمين، من أجل ذلك انطلقت باحثا ومنقبا عما جعل الأمم تتداعى علينا كما تتداعى الأكلة على قصعتها، مدركا أن السبب ليس في ضراوة الأعداء، بل السبب فينا نحن..
ولا يزعم هذا الكتاب أنه يقدم حلا، فالحل الذي يقدمه كتاب أو فرد ليس سوى وهم ورقة يانصيب لا تفوز أبدا، عندما يدعي أنه يحاول دعوة الأمة كلها و دعوة الآخر أيضا، لأننا لو جمعنا ستين مليون عقل، أو حتى عشرين، أو حتى مليون واحد، أو حتى ألف فقد تستطيع إخراجنا من الوهدة التي أغرقنا الحكام فيها، ومن ناحية أخرى فلعل واحدا ممن يقرؤونه الآن يصبح حاكما ولو بعد نصف قرن، مصطحبا معه عبر السنين شعور المواطن والوطن بالألم الفادح التي تسببه تصرفات الحكام، ولعله حين يحكم يرعوي عنها.
هذا الكتاب أيضا ليس كتابا أكاديميا و إن اعتمد على مئات المراجع، وليس سيرة ذاتية كما أنه ليس رواية، ولكنه محاولة لرصد حال الوطن في حقبة شديدة السواد والألم..
ولأن هدف كل كاتب الوصول إلى عقل قارئه وقلبه، فلقد حاولت أن أصل بالعقل إلى العقل وبالقلب إلى القلب، وسيلاحظ القارئ أنني توسعت في الاستشهاد بنصوص أدبية وشعرية، ولم أكتف بمجرد الإشارة إليها، وما حيلتي إن كان خريجو الجامعة لا يعرفون نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ولا من أين ينبع نهر النيل ولا متي بني السد العالي، فكيف كان يستساغ أن أستشهد في إيجاز بعبد الرحمن منيف أو أحمد مطر؟.
ولقد نتج عن وحدة الموضوع وتباين التناول تتداخل بين الأجزاء وبعضها، نفس التداخل الذي يحدث بين الأشلاء فلا تستطيع بالدقة فصل جزء عن جزء أو شلو عن شلو، ولإن بدا للعين العابرة أن تلمح تكراراً هنا وهناك فلعل ذلك يكون مقصوداً بنفسه، فالتعذيب مستمر والتزوير مستمر والاستبداد مستمر، ولا توجد صرخة لضحية تشبه صرخة أخرى لضحية أخرى، مهما توهمت الأذن العابرة من تشابه.
كنت أتصور أن يكوّن كل جزء - شلو - من هذا الكتاب كتابا منفصلا، لكن الناشر والأصدقاء رأوا أن يضم الأجزاء الثلاثة كتاب واحد، فقد لاحظوا أن كل أجزائه تدور حول محورين أساسيين، هما التعذيب والتزوير، إنهما آباء السفاح لكل جرائم المجتمع الأخرى، ولقد تناول الكتاب هاتين الظاهرتين في جزئه الأول بالرصد والمتابعة و إبراز الأمثلة، ولقد كان طبيعيا أن يتطرق في تناوله ذاك إلى جرائم أخرى، هي النتاج الطبيعي للتعذيب والتزوير.
في الجزء الثاني عمد الكتاب إلى أداة الدولة في التزوير والتعذيب، إلى جهاز الشرطة، فالشرطة خدم السلطان، ولقد كان الكاتب يزمع أن يقسم هذا الجزء إلى قسمين، قسم يتناول انعكاسات أعمال الشرطة على الأدب، والقسم الآخر يتحدث عن ممارسات الشرطة في الواقع، لكنه اكتشف أثناء الكتابة – للمأساة- أن هذا الفصل فوق أنه متعسف فإنه غير ممكن، فمعظم الأعمال الأدبية التي تناولت الشرطة كتبها ضحايا من الكتاب والأدباء، وقعوا في براثن الشرطة ذات يوم، فكان ما كتبوه تجارب شخصية واقعية لا نستطيع تناولها كقيمة أدبية مجردة.
في الجزء الثالث، يصرخ الكاتب مناديا جلالة الجلالات وفخامة الفخامات.. فما كان كل هذا التعذيب والتزوير- بكل التداعيات المروعة - يمكن أن يحدث دون مباركة كاملة منهم. لذلك كان على الكتاب أن يقدم صورة شاملة للنتائج الوبيلة التي تمخضت عن اتخاذ حكامنا للتعذيب والتزوير دينا يدينون به.
 وفي هذا الجزء، تنقسم كل مقالة رئيسية إلى مقالتين فرعيتين، كل منهما تكمل الأخرى، رغم اختلاف الموضوع، تماما كما يكمل لحنين معزوفة.
لقد كان واضحا أمام الكاتب أنه مع جرائم التعذيب والتزوير التي تمارسها السلطة، والتي بلغت تداعياتها إلى نسف منازل مواطنين لمجرد الشك في مناوأتهم للدولة أنه لم يكن البيت هو الذي انهدم، بل كان الوطن هو الذي انهزم، وكان الشعب هو الذي انقسم، وكانت الأمة هي التي تشتت شذر مذر.
كان ذلك واضحا، فلا خير في وطن يكون السيف في يد جبانه، والمال في يد لصوصه، والقلم في يد منافقيه.
إنني في النهاية أكاد أعتذر للقارئ عن حجم الألم في هذا الكتاب، ذلك أن ألمي قد برى قلمي، كما أنكم تعرفون أنه ما من عملة رائجة في سوق الصدق مثل الألم.
لقد حاول هذا الكتاب أن يعثر على السبب فيما نحن فيه، ولقد وصل إلى مسئوليتنا جميعا، فالأمة كالساعة، لكي تنضبط لابد أن ينضبط كل ترس فيها.
السبب فينا..
السبب فينا.. والعلة.. والمرض..
و النظام كله مختل و المجتمع كله مريض..





الرسالة الأولي :
أوقفوا التعذيب


إن التعذيب المادي وصل إلى درجة وضع قطع خشبية في دبر بعض المتهمين، فذكر أحدهم ذلك، ولعل الآخرين أمسكوا عن هذا القول بالذات، صيانة لأعراضهم من الفضائح إن ضمير المحكمة ليفزع، وضميرها يجزع، وهي ترى أن أي متهم قد تعرض للتعذيب المادي أو النفسي أو العقلي، ويزداد الفزع ويتضاعف الجزع، أن التعذيب حدث بصورة وحشية فظيعة، كوضع قطع خشبية في دبر المتهمين، وهو أمر وصفته محكمة النقض في الثلاثينيات من هذا القرن بأنه إجرام في إجرام، ولا تجد المحكمة في عصر حقوق الإنسان وزمن حرية الوطن والمواطنين وصفا ملائما تصفه به، ولا تريد أن تتدنى لتصفه بوصفه البشع، غير أنها ترى في التعذيب عموما عدوانا على الشرعية من حماة الشرعية..
من حيثيات..حكم محكمة مصرية



إني أري الملك عاريا



 يحكي أن ملكا استمتع بنفاق حاشيته وجبن شعبه حتى السأم، وفي الاحتفال السنوي أراد أن يسخر من الجميع، وبدلا من الخروج إلى موكبه لابسا أفخر ثيابه ومتقلدا أرفع أوسمته. خرج عاريا تماما، كما ولدته أمه، وراحت الحاشية تقول: ما أفخر الثياب وما أرفع الأوسمة ..، والشعب يردد خلف الحاشية ما تقول، وظل الموكب يطوف شوارع المدينة والحاشية تقول والشعب يردد، وفجأة صرخ طفل:
ولكنني أرى الملك عاريا ...
لم تنقل لنا الأسطورة يا نخب الأمة ويا حكامها ماذا فعلوا بذلك الطفل، لكنني الآن أراكم بعينين بريئتين كعينيه: عـــــــــــراة!!.
بنصّ حكم محكمة مصرية حمل مستشارها عنا عبء استعمال الكلمة وعواقبها عندما وصف ما يقوم به بعض أفراد جهاز الشرطة من عدوان على الشرعية والمفروض أنهم حماة الشرعية بأنه إجرام في إجرام، لم يقل ذلك فقط، لكنه قال ما هو أكبر هولا وأشد إدانة، لأنه قال أنه عندما حدث شيء مثل ذلك منذ ستين عاما وصفه القضاء المصري بأنه إجرام في إجرام . وكان الذي حدث أقل بكثير مما يحدث اليوم، تحت نير الاستعمار وملك أجنبي وحكومات عميلة.
 الذي لم يورد المستشار تفاصيله، أن ضابط الشرطة المصري، عندما هتك عرض مواطن منذ ستين عاما، فقتله هذا المواطن، فنشبت أزمة سياسية كبرى انتهت باستقالة رئيس الوزراء في ذلك الوقت، لا لأن المواطن قتل الضابط الذي هتك عرضه، بل لأن ضابطا يمثل سلطة الدولة هتك عرض مواطن .
منذ ستين عاما كان هذا وضع حقوق الإنسان في مصر، وكان هذا هو رد الفعل على انتهاكه .
اليوم، أمامكم لا حيثيات حكم واحد بل عشرات وعشرات، ومئات أيضا من تقارير الطب الشرعي عن التعذيب وتفاصيله .
أما رد فعل السلطة فلا شيء .
ولعلنا إذ نتناول ظاهرة التعذيب نبادر إلى ما يسميه إخوتنا اللبنانيون الكلام الساكت فنتحدث كثيرا ولا نقول شيئا، نوهم الآخرين أننا نمسك كبد الحقيقة، ونرشو ضمائرنا بذلك، ونبتعد عن مكامن الخطر ومرأى الدم فنتجادل في أحدث ما وصلت إليه نظريات علم الإجرام الجديد ممارسين بصورة فاجعة عجز الصفوة عن التعامل مع الواقع، ومكررين بطريقة محزنة قول ماري أنطوانيت الأبله لشعب لا يجد الخبز أن يأكل الجاتوه.
لعلنا نهرب من المشكلة فنستعيد - بنفس منطق ماري أنطوانيت - وننتقد نظريات و أفكار هيرمين مانهايم وأوجست كونت وجاروفالو ولسلن وسذرلاند وابن خلدون وتوماس الإكويني وتوماس هوبز وجان جاك روسو وسيزار بكاريا وسيزاري لومبروزو وأنريكو فيري وتشارلز جورنج وأرنست هوتون ودوركايم وكيتيلييه وجرسبيني وروبرت ميرتون وجيرمي بنثان وجبرائيل تارد وفرويد وجون لوك وعشرات وعشرات وعشرات .[2]
ولعلنا نعرّف الجريمة والإجرام، بالتعريفات القانونية والاجتماعية والنفسية والدينية، فنتكلم عن القانون الطبيعي والقانون المدني ومفهوم الصراع ونظرية المخالطة الفارقة ومناهج البحث في علم الإجرام، ونسترجع مدارس علم الإجرام من النظرية التقليدية والنظرية الوضعية وما اشتق منهما من فروع.
ونشرح النظرية الفسيولوجية وعلم الفرينولوجيا والنظرية النفسية وعناصر الشخصية والجريمة وعلاقتها بالمرض النفسي والعقلي.
لعلنا نتجاوز المدارس القديمة، متناولين الجريمة كظاهرة اجتماعية، ممحصين أسبابها وعلاقتها بالمجتمع، متحدثين عن نظريات التفكك والتحييد والتقليد والوصم لكي نصل إلي علم الإجرام الجديد الذي يرى بعض فقهائه جميع الجرائم والمجرمين من منطلق سياسي وإداري دون سواه .
 و لكننا ونحن نفعل ذلك كله لا نلقي بالا إلى ما يحدث أمامنا.
إننا بهذا نشبه طفلا يرى أمه على فراش الموت، فلا يسعفه خيال الطفل إلا بأنه سيكبر، سيصبح طبيبا كبيرا، وسينقذها من الموت، دون أن ينبئه خياله القاصر، أنه عندما يحين ذلك الوقت، ستكون أمه قد شبعت موتا.
فهل يمكن أيها السادة أن نكف عن الهرب و أن نواجه..
هل يمكن أن أعرض شيئا آخر غير ما تحفل به صحفكم وأبحاثكم من متاهات نظرية.
شيء آخر..
تجيبون بعده يا نخبة الأمة على سؤالي..
ما أود أن أعرضه عليكم هو أنماط التعذيب التي تمارس في مصر على أعتاب القرن الحادي والعشرين، ولو أن ضمائر البشر لها آذان تسمع وعيون ترى
وأنوف تشم لسمعتم الآن صراخ الضحايا ولذابت أصواتكم وحياتكم في دمائهم ودموعهم، ولهالكم منظر المجزرة البشرية ولطغى على رائحة الشواء الشهي للمآدب الحافلة التي تلتهمونها في البيوت أو المطاعم الراقية رائحة اللحم البشري وهو يشوى، أعرض عليكم أيها القراء نماذج التعذيب كما توردها مصادر عديدة منها تقارير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والصحف، وكتب كثيرة منها كتاب قيم للصحفي أيمن نور[3] :
1 - عصب العينين والتجريد من الملابس..
2 - التعليق من الأيدي والتعليق في فلكة..
3- الضرب بالعصي والأسلاك الكهربائية..
4- الجلد بالسياط والعصي المفتولة من الجلد..
5 - إجبار الضحية على الوقوف عاريا لفترات طويلة ..
6- سكب الماء البارد على رأس الضحية..
7- إطفاء السجائر المشتعلة في الجسم..
8- الصعق بالتيار الكهربائي..
9- الركل بالأقدام والضرب بقبضة اليد..
10 - إطلاق الكلاب المسعورة على السجناء ..
11- إجبار الضحية على الجلوس فوق خازوق..
12- الحرمان من الغذاء والدواء..
13- الإلقاء في بيارة دورة المياه..
14- التهديد باغتصاب الضحية أو ذويه..
15- إسماع الضحية صراخ وعويل الضحايا الآخرين أثناء تعذيبهم لإرهابه..
16- تقييد الأيدي والأرجل من الخلف وتحويل جسم الضحية إلى شكل دائري..
17- نزع الأظافر والسحل..
18- النوم على البلاط دون أغطية وإغراق الزنازين والضحايا فيها بمياه المجاري
19- استخدام وسائل حادة مثل المطواة وقطع الزجاج في إحداث الإصابة بالمتهمين..
20- الكي بالنار..
21- إرهاب الضحية بالثعابين الحية وإرغامهم على تقبيل عضو الذكورة للضابط القائم بالتعذيب..
***
 في لقاء شخصي مع أحد الضحايا كنت أسأله عن تفاصيل التعذيب وكان يجيب، وفجأة انفجر غضبا وألما صارخا في وجهي:
-       ماذا تعني الكلمات بالنسبة لكم، إنكم تفهمون ما يحدث لكم خارج السجن لأن خبرات حياتكم تحوي ما يضاهيه أو يفسره، عندما يقول لك قائل: أحلى من السكر فأنت قد ذقت السكر، وعندما يقول لك أمر من العلقم فأنت تعرف العلقم، لذلك فأنت تفهم بالقياس، أما عندما أقول لك أن ما شهدته أقسى من الموت فلا أنا ولا أنت نستطيع إدراك ذلك لأننا لم يسبق لنا الموت، من أجل ذلك فعندما أقول لك أنهم ضربوني بالسياط، ربطوني بطريقتهم الجهنمية الرهيبة التي يسمونها: الخروف المشوي، أو علقوني مقلوبا على الباب من معصمي ساعات وساعات.. حتى انخلع كتفي، أو.. أو.. أو.. كيف تفهم شيئا من هذا وكيف تحسه؟.
***
أحسست بالخزي يا قراء...
أحسست بالامتهان والإهانة والمشاركة بجريمة الصمت.
ربما هذا هو ما يقصده فقهاء علمي الاجتماع والإجرام عندما يتحدثون عن رد فعل المجتمع على الجريمة، عن أن الجريمة ليست موجهة إلى ضحيتها فقط بل إلى المجتمع كله.
الآن أسألكم..
هل توافقون حيثيات حكم المحكمة الذي أوردته في صدر هذا المقال بأن ما يحدث إنما هو إجرام في إجرام؟. وهل توافقون على أن لكل جريمة مجرم؟. وهل المجرم هو: كل من يدان أمام محكمة الجنايات؟. أم أنه كل من يرتكب الجريمة طاله القضاء أم أفلت منه. هل تجدون يا صفوة المجتمع ونخبته أي مبرر للأداة الأولى في مكافحة الجريمة - وهي بعض قطاعات الشرطة - يسوغ لهم أن يفعلوا ما يفعلونه، أم أنكم ترون، لا مع حيثيات حكم المحكمة فقط، بل معنا، مع الإنسان في كل زمان ومكان وتحت أي شريعة أن ما حدث إنما هو إجرام في إجرام.... وقيام حماة الشرعية بالعدوان عليها، واعتداء على حقوق الإنسان ممن واجبه الحفاظ على حقوق الإنسان..
***
يقول سذرلاند: إن الجريمة لا توصف كذلك بناء على صدور عقوبة ضدها، بل بناء على حقيقة أنها معاقب عليها.
***
أيها القراء ..
سوف تجدون في بلادنا المتخلفة المسحوقة من يؤكدون أن ما يحدث ليس إلا مكافحة للإرهاب لذلك، فسوف أتجنب تناول ما يحدث لمن يسمونهم بالإرهابيين، ليس موافقة على ما يحدث لهم، وإنما فضحاً لتلك النفوس الخسيسة المجرمة التي تتخذه تبريرا. غير متجاهل في الوقت ذاته، أن ثمة قضية كبرى لم تظفر من مجتمع المثقفين المكبل بالخوف والرعب والنفاق وإيثار السلامة بما تستحق من اهتمام، فبعض قطاعات الشرطة مدعمة بالسلطة لم تكتف باغتصاب حرية ضحاياها وانتهاك أعراضهم وأعراض نسائهم وبيوتهم وذويهم، بل إنها تقوم أيضا - وهذا لا يقل شرا عن كل ما سبق- بانتهاك اللغة واغتصابها بإطلاق الأسماء الخطأ التي ترددها أبواقها حتى ترسخ في أذهان الناس في النهاية، يتبعون مبدأ: اكذب واكذب ثم واصل الكذب فسوف يصدقك الناس في النهاية، افعل أي شيء ضد السلطة وستكون إرهابيا، ارفض تزوير الانتخابات أنت إرهابي، تصدّ لقضية فساد أو تكلم عن الفساد أو عن اللصوص الكبار: أنت إرهابي، اختلف مع سياسات نظام الحكم ليس في مواقف جوهرية توجع السلطة لأنها تكشف عارها كحرب الخليج مثلا، بل في مواقف فرعية، كاشتراك إسرائيل في معرض الكتاب: أنت إرهابي..
جهاز ذو إعلام فاشيستي يكرس الكذب ويعاقب من يكذبه ويسفهه ويشهر به..
وليت الضحية تذهب بعد ذلك إلى نيابة أو قضاء لا تمارس السلطة عليهما كل وسائل الضغط والتعمية؛ ثم أن النيابة مع كل محاولات التأثير عليها مقيدة بقانون يتستر علي جرائم السلطة، والقضاء بطيء ويتحرى الدقة فيبرئ ألف مجرم كي لا يتورط في إدانة بريء[4]، لكنه في نفس الوقت، وبحسن النية كلها، بتدليس بعض قطاعات الشرطة والسلطة، يبرئ المجرمين ويجرم الأبرياء الذين صيغت اعترافاتهم تحت سياط لا يستطيعون إثباتها، وقد تعثرت محاولات إفساد القضاء الطبيعي رغم الاستمرار والإلحاح الذي يفسد بعض آثاره قيام بعض الشرفاء والمفكرين بالتصدي له، أولئك الشرفاء الذين لا تتورع السلطة عن تلفيق تهمة إهانة القضاء لهم أو لمن يدافع عنهم، فالسائر في هذا الطريق يخوض في حقل الغام قد ينفجر فيه في أية لحظة ..
النيابة مقيدة والقضاء عصي، فلتقم الشرطة إذن بمهامهم جميعا وبمهمة الجلاد أيضا..
***
يصرخ بيان من بيانات المنظمة المصرية لحقوق الإنسان معاتبا النيابة:
" إلا أن النيابة لم تبدأ حتى الآن التحقيق مع الضباط المتورطين على الرغم من أن عددا من المتهمين - كما أثبتت النيابة - قد تعرضوا للتعذيب عقب كل جلسة تحقيق أجرتها معهم، ولم تقدم حماية قانونية لهم لوقف التعذيب الذي تم تحت سمعها وبصرها من خلال أقوال المتهمين ومشاهدة آثار التعذيب على أبدانهم .."
***

لقد قبضوا ذات يوم - على سبيل المثال - على ضمير عظيم من ضمائر مصر، هو الدكتور حلمي مراد رحمه الله، وأودعوه مع المجرمين والقوادين ومنعوا عنه الدواء، وهم الذين ملئوا الدنيا ضجيجا مدللين على إجرام من لم يرع حرمة عمر نجيب محفوظ، ولم يراعوا هم عمر الكاتب الكبير والوزير الأسبق منذ ربع قرن، ولقد أدعو أسبابا شتى للقبض عليه وهناك في السجن بين قاع المجتمع، أدرك المجرمون - فمتي تدركون يا مثقفين؟- القابعون في التخشيبة كذب ادعاءات السلطة وكذب أي اتهام مدركين تماما أنه هناك معهم بسبب قلمه وضميره وتعريته للسلطة، وموقفه من التعذيب وانتهاك القوانين وانتقاداته للنائب العام ودفاعه عن استقلال القضاء ومحاولته كشف فساد السلطة، أدرك حتى القوادون والنشالون واللصوص والقتلة ذلك مهدرين كل مجهود السلطة في الكذب على الناس فسألوا الدكتور حلمي مراد والذين معه، سألوه عن كاتب هذا الكتاب: لماذا لم يسجنوه معه؟!.
لقد اعتقلوا وحبسوا وسحلوا وعذبوا، وفي الغالب الأعم لم تكن هناك قضايا..
كان كل ذلك بهدف الترويع فقط، بهدف قمع كل فكرة وكل محاولة للتصدي للفساد..
على الرغم من ذلك كله، فسوف أتجنب تناول ما يحدث لمن يسمونهم بالإرهابيين، ليس موافقة على ما يحدث لهم، فحتى لو كانوا مجرمين فإن عقابهم يجب أن يتم من خلال القانون لا من خلال ذلك الادعاء الذي أصبح يثير من السخرية قدر ما يثير من الاشمئزاز، الادعاء بأنهم جميعا يبادرون السلطة بإطلاق النار فترد عليهم فتصرعهم، لقد نشرت صحيفة الأهالي - وهي من أعدى أعداء الجماعات الإسلامية - وتواترت أخبار عديدة- أن ثمة شائعات قوية تذكر أن بعض قطاعات الشرطة بعد القبض على ضحاياها واستجوابهم وتعذيبهم لمدة أيام أو أسابيع، تنقلهم مكبلين بالأغلال إلى مزارع القصب تطلق عليهم الرصاص .
***

يقول الكاتب الكبير الدكتور محمد السيد سعيد - وهو بالمناسبة مصنف عند الأمن من الشيوعيين وليس من الجماعات الإسلامية - أن الصراع لم يعد صراعا بين الدولة والإرهاب وإنما بين جماعتين مسلحتين تفتقد كل منهما الشرعية..
على الرغم من ذلك كله، سوف أترك الصراع السياسي كله، لا موافقة للشرطة على ما تفعله، إنما فضحا لتلك النفوس المجرمة التي تتخذه تبريرا، لكننا في ذات الوقت نقرر أننا نعلم أن العالم كله، وقطاعا عريضا من الأمة، يدرك أن قطاعات الجهاز المتورطة في القتل والتعذيب لم تترفع عن الكذب، وفي خلال هذا الإطار نتلقى بياناتها..
لنترك ذلك كله، لنترك السياسة بما فيها ولنتناول نمط تعامل ضباط شرطة مع مواطن، ليس حتى متهما بالسرقة، بل أمره الضابط بالانصراف من حفل زفاف فتلكأ الشاب فصفعه الضابط فرد الشاب على الضابط صفعته، فألقى الضابط القبض عليه وعذبه حتى الموت..
ليس الأمر أمر صراع سياسي وليس مكافحة للإرهاب..
لقد أصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تقريرا تقول فيه:
إن أغلبية الحالات التي تعرضت لإساءة المعاملة والتعذيب في أقسام الشرطة هي لمواطنين لم يُتهموا بممارسة السياسة، فضلا عن العنف والإرهاب، مما يكشف مدى شيوع أسلوب التعذيب والقسوة في العمل الشرطي، بل إن اثنين على الأقل من خفراء الشرطة قد لقيا مصرعهما خلال عام مضى من جراء التعذيب على يد ضباط الشرطة..
ليس الأمر أمر إرهاب إذن، ولا محافظة، على أمن الحاكم أو الدولة.. بل إجرام في إجرام.
***
يذكر الكتاب المروع الذي أصدرته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ما حدث لمواطن خجل من ذكر اسمه لكن وثائقه لدى المنظمة:
 احتجز بقسم شرطة باب الشعرية بسبب خلاف بينه وبين ضابط مباحث القسم، وتعرض للتعذيب لتأديبه، حيث أجبره ضابط المباحث على خلع الملابس كلها، وعقب ضربه لفترات طويلة بالكرباج أجبره على تقبيل حذائه وحذاء مساعده الضابط عدة مرات، وكان التعذيب قد بدأ بجولة من بث الرعب النفسي وذلك باستخدام ثعبان حي يطلق عليه الضباط لولو ويستخدم في إرهاب الضحايا الذين لا يعلمون أن أسنانه منزوعة وقد وضعوا الثعبان داخل قميص الضحية، ويزعم الضحية في شهادته أن ضابط المباحث أمر بعد ذلك ثلاثة من المحتجزين بالقسم بالاعتداء عليه جنسيا مقابل الإفراج عن كل من يغتصبه، وقد حاولوا ولكن عندما عجزوا بسبب المناخ الإرهابي السائد قام ضابط المباحث بخلع بنطلونه وسرواله وأجبر الضحية على إتيان أفعال منافية للآداب العامة ثم تكرر ذلك مع مساعده، ثم أجبره على التحدث والرقص والغناء بطريقة النساء، وقد أصيب الضحية بحالة هستيرية، ونقل إلى المستشفي للعلاج من أثر التعذيب وتقدمت أسرته ببلاغ إلى نيابة باب الشعرية التي حفظت البلاغ.
وبعد أن يورد الكتاب نماذج عديدة، تتقدم المنظمة بالاعتذار إلى الرأي العام لاضطرارها لتقديم صور بها بعض التفصيل الجارح للشعور، و أنها حاولت قدر الإمكان استخدام أخف الصياغات، وتجنبت لأجل ذلك الكثير من التفاصيل المفزعة التي تثير الغثيان.وتستدرك المنظمة أن الصدمة الحقيقية للشعور العام هو أن ذلك يحدث في مصر، و أن مرتكبيه لا يجدون من يحاسبهم، بل يستشعرون الحماية فيطلقون العنان لنفسيتهم المريضة المشوهة، وينتقلون من ضحية إلى أخرى دون وجل.
إن الشرطة قد أضحت فوق القانون، بل وعلى حساب النظام القضائي ذاته، وقد صار التعذيب خلال السنوات الأخيرة جريمة لا عقاب عليها .
إن المنظمة لم تكتف بسماع الضحايا، بل ذهبت إلى النيابة تسأل، لماذا لم تلحق بالجناة المجرمين العقاب، لماذا لم تحقّ الحقّ وتقيم العدل، وكانت الإجابة مروعة، فالنيابة لم يعد بمقدورها مساءلة ضباط أمن الدولة حول جرائم التعذيب، بنصوص في القانون دست عليه، و أقرها مجلس الشعب رغم أنهم لم يكونوا بحاجة حتى إلى تلك القوانين التي لا يحترمونها أصلا، حتى لقد وصل الأمر إلى أن أشار رئيس نيابة إلى أنه في الجرائم المتهم فيها ضباط شرطة، يقوم بنقل الملفات معه إلى المنزل عند مغادرته المكتب، حتى لا تتعرض للسرقة .
لم يكن الأمر قط حماية لنظام الحكم، ولم يكن مكافحة للإرهاب بل كان إجراما في إجرام..
***
لم يكن من أجل حماية النظام ومكافحة الإرهاب ما حدث للمواطن مخلوف عبد العال الذي تعرض للتعذيب في قسم شرطة الظاهر بالقاهرة، فقأ ضابط المباحث عينه وهتك عرضه وحطم عظامه، وظل يعذبه حتى الموت، و ذكر تقرير الطبيب الشرعي د- فخري محمد صالح على وجود كسور بالجمجمة وضلوع الصدر والجبهة والرسغ الأيسر وآثار نزيف بالفم..
 ولم تكن القضية سياسية..
ليست مكافحة الإرهاب إذن ولا حماية النظام الحاكم، وإنما إجرام في إجرام..
فلم يكن أيضا مكافحة للإرهاب ولا حماية للنظام قتل خفير الشرطة إبراهيم محروس على أيدي ضباط شرطة نقطة شنوان بشبين الكوم، وأشار تقرير الطبيب الشرعي إلى أن الوفاة نتجت عن كسور بالضلوع وتهتك بالرئة اليسرى وتجمع نزفي جسيم نتيجة الضرب بجسم صلب..
ولم يكن مكافحة للإرهاب ولا حماية لنظام الحكم ما حدث للمواطن لطفي الساعاتي الذي تعرض للتعذيب حتى الموت بقسم شرطة شبرا الخيمة وأثبت تقرير الطبيب الشرعي رقم 5845 آثار التعذيب بجسم صلب ولكمات قوية..
يذكر تقرير لمنظمة حقوق الإنسان أن كثيرين من ضحايا التعذيب قد شاهدوا ضباط الشرطة يتفاخرون بزهو أثناء تعذيبهم، ويتباهون بمدى السطوة التي تتمتع بها الشرطة، و أنها صارت الكل في الكل وأن رقبة البلد والحكم في أيديهم، و أن لديهم شيك على بياض بحمايتهم بكل الوسائل دون معقب..
***
لو أنني صرخت: لا أمن الوطن ولا أمن الحاكم يقتضيان هذا؛ بل أمن الشيطان في نفوس أشد دنسا من الشيطان ذاته، فهل أكون قد عبرت بما يناسب ما قرأتم؟.. هل يعبر ذلك عن كم العذاب والألم الذي يزلزل كيان هذه الأمة المقهورة المنكوبة ببعض أبنائها أكثر من نكبتها بكل أعدائها؟.
***
دعوني إذن أشهد أمامكم، والكلمات ذوب رصاص منصهر، والحروف أشد مرارة من سم زعاف، والاعتراف أشد قسوة من الموت..  
أشهد:
إن ما يحدث الآن ببلادي تحت ظل حكم أبنائها الوطني لم يحدث حتى تحت ظل الاستعمار الغربي لبلادنا.
 أقولها و أشهد بها رغم إدراكي أن حضارة الغرب بشهادة مؤرخهم الكبير أرنولد توينبي هي أكثر الحضارات إجراما في التاريخ..
يــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاه....
أخيرا أقرّ  بـِـها و أعترف ..
لطالما رغم الأسى والحزن والقهر كتمتها، لا عن شفتي فقط بل عن قلبي أيضا، ولشد ما أدنت نفسي حينما كانت تطوف بها كمجرد خاطرة أسارع بطردها والاستغفار عنها كأنها رجس من عمل الشيطان..
أقولها أخيرا، مجبرا أقولها، مضطرا أعترف بها، فالزمن يسير إلى الوراء..
كنت أتمنى الموت قبل أن تنفرج عنها شفتاي..
لكنها خلاصة اليأس والعجز والألم..
مستقطر الدموع..
قطع الدم المتجلطة على جبين ضحية..
صراخ معذبين آناء الليل و أطراف النهار لا يدركهم حاكم ولا محكوم.
أنين عرض يئن لانتهاكه..
وصراخ طفل يعذبونه وهو لا يعرف لماذا يعذبونه..
لن أتحدث عما يحدث للمعتقلين السياسيين، بل دعوني أحدثكم عما يحدث للأطفال في بلادنا، الأطفال، الذين لم يكونوا محتاجين أبدا لعام للطفل تباركه السيدة الجليلة قرينة الرئيس الجليل، بل فقط ألا يفعل بهم ما سأرويه لكم على الفور.
***
قامت قوات كبيرة من الضباط والجنود المسلحين بالبنادق والمدافع الرشاشة باعتقال ثمانين طفلا تتراوح أعمارهم بين ست وعشر سنوات فضلا عن عدد من المشرفين على رحلة هؤلاء الأطفال. كان هؤلاء الأطفال يقضون فترة نصف أسبوع في معسكر ترفيهي بمدينة الإسكندرية، ويعمل آباء العديدين منهم أعضاء في هيئة التدريس بكلية طب جامعة المنوفية، وقد استأجر منظمو الرحلة عددا من الشقق المفروشة لإقامتهم..... .
في فجر اليوم الرابع، وقبل نهاية الرحلة قامت قوات الأمن بمداهمة أماكن إقامتهم ونقلت الأطفال والمشرفين وسط مظاهر الذعر والترويع إلى قسم شرطة المنتزه بالإسكندرية حيث أجبرتهم على قضاء بقية الليل على بلاط غرفة الحجز دون أغطية، وفي الساعة العاشرة صباحا نقلوا إلى مؤسسة رعاية الأحداث بالإسكندرية، ثم قاموا بالتحقيق معهم في مديرية الأمن التي قامت بنقلهم إلى مديرية أمن القاهرة التي قامت بنقل بعضهم إلى قسم بولاق الدكرور والبعض الآخر إلى قسم بوليس بندر شبين الكوم، و بعد قضاء يومين في التخشيبة استجوبتهم فيهما مباحث أمن الدولة، وتركزت التحقيقات معهم على الاستفسار عن مظاهر تدين أسرهم.
تم تسليم الأطفال إلى ذويهم بعد أن حصلوا على إقرارات منهم بعدم اشتراك أبنائهم في مثل هذه الرحلات مرة أخري..
تم الإفراج عن الأطفال واستبقي المشرفون الذين اتهمتهم مباحث أمن الدولة بتكوين تنظيم سري يقوم بغسيل مخ الأطفال..
يا معشر القراء... يا أمة ...
إن ما تقرؤونه الآن ليس فيلما سينمائيا لهيتشكوك أو بيرجمان، ولا قصيدة شعر لأمل دنقل، ولا مسرحية لأنطونيو باينجو، ما تقرؤونه واقع حدث، منشور في مصادر عديدة، منها تقرير عن حقوق الإنسان أصدرته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
ما تقرؤونه حدث، يفوق أي خيال مهما بلغت بشاعته لكنه حدث ..
ما تقرؤونه في جلسة استرخاء أمام شاشة تلفاز تنقل لكم عبر الأقمار كل ما هو مبهج حدث..
حدث و أنتم صامتون..
لعلكم تلجئون إلى مواقف و تفسيرات واحتمالات شتى كي تبرروا جريمة صمتكم.
أولها أن تتوقفوا عن قراءة ما أكتب، لأنني أوشك على المضي في سرد التفاصيل، ماذا حدث للأطفال وذويهم ومشرفيهم، هناك، من الشرطة؟.
ففي احتفالات عام الطفل، كانت الشرطة تشارك بطريقتها في الاحتفال الدامي..
يقول الأطفال الذين وقعوا ضحية لهذه العملية البشعة، الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين السادسة والعاشرة، يقولون أن رجال الشرطة قد أساءوا معاملتهم، ووجهوا لهم شتائم بذيئة، وحجزوهم في غرف احتجاز ضيقة بدون أي تجهيزات، ولم تقدم لهم أطعمة وتعرض بعضهم للضرب بالأيدي والركل بالأقدام..
يقول الطفل أحمد عماد محمد عبد الوهاب، البالغ من العمر ثماني سنوات، أن معاملته كانت قاسية للغاية وشملت سبابا شديدا والضرب والركل، وقد تكررت نفس المعاملة في حالة الطفل هاني محمد علي بشير: 10 سنوات، والطفل عمر محمد شحاتة: 7 سنوات..
هذا ما حدث للأطفال، أما المشرفين فقد تم اعتقالهم بأمر من وزير الداخلية، حيث تعرضوا للضرب والسباب، للتجريد من الملابس والتعليق من الأيدي ومن الأرجل، للصعق بالكهرباء في أماكن حساسة من الجسم، لمنع الطعام والشراب وللعزل تماما عن العالم وفقا لأمر الاعتقال المستند إلى قانون الطوارئ.
لم يسكت آباء الأطفال..
كان معظمهم من أساتذة كلية الطب لذلك تقدموا بشكوى إلى نقابة الأطباء، فعقدت النقابة مؤتمرا صحفيا..حضرته منظمات عديدة ومندوبو الصحف ووكالات الأنباء، وشارك في المؤتمر الأطفال الذين تعرضوا للتعذيب، و أدلوا بشهاداتهم..
قبل المؤتمر بذلت الشرطة جهودا مكثفة لمنعه، وحين فشلت ترصدت الحاضرين حتى انتهي المؤتمر، وعند الخروج منه قامت الشرطة باختطاف ثلاثين شخصا، احتجزوا بقسم قصر النيل، حتى تم استصدار قرارات اعتقال لبعضهم، وكان ضمن الذين تم إلقاء القبض عليهم: الدكتور ثروت محمد إسماعيل الذي اختطف أثناء مغادرته للمركز الثقافي الفرنسي في شارع مواز لمقر النقابة وفي فجر اليوم التالي قامت الشرطة بالقبض على عشرات الأشخاص من بيوتهم بالقاهرة وخارجها..
ولم تكن الحادثة السابقة استثناء بل القاعدة..
 في حادثة أخري تذكر صحيفة الوفد أن الشرطة قامت بإلقاء القبض علي 41 طفلا ما بين الثانية عشرة والرابعة عشرة من أعمارهم، بتهمة انتمائهم إلى تنظيم إسلامي، وقضى الأطفال ثلاثة شهور في قسم شرطة البدرشين- جنوبي القاهرة - في غرفة واحدة مظلمة ورطبة تحت الأرض مع عدد من المجرمين الجنائيين، وتعرضوا خلال ذلك للضرب والسب.
يا معشر القراء ...
 يا أمة:
 لم تكن الحادثة السابقة استثناء بل القاعدة..
في 20-12-1992 نشرت صحيفة الجمهورية شبه الرسمية أن الشرطة أفرجت في يوم واحد عن 72 طفلا تراوحت أعمارهم بين 8-12 عاما بعد أن احتجزتهم لفترات مختلفة، ما لم تذكره صحيفة الجمهورية أن هؤلاء الأطفال صرحوا بأنهم تعرضوا لتعذيب مروع للإدلاء بمعلومات عن أماكن اختفاء أقاربهم..
يا مصريون يا عرب يا مسلمون، يا عالم: هذا هو الشر من أجل الشر
ليست حوادث فردية.
احتجزت الشرطة والدة وشقيقتيْ وشقيقيْ المتهم الهارب عنتر الزيات.. اعتقلت الشرطة محمد وأشرف الزيات: 15 و 16 عاما، تعرض الشقيقان للضرب لفترة طويلة في الدور الثاني بقسم إمبابة لإجبارهما على الإدلاء بمعلومات عن مكان اختفاء شقيقهما ثم جرى ترحيلهما إلى مقر معسكر الأمن المركزي على الطريق الصحراوي وأودعوا بعنبر يطلق عليه: (عنبر العيال)، وهناك تعرضا لتعذيب مبرح استمر 32 يوما شمل الضرب بأسلاك مجدولة، والتعليق في أوضاع مختلفة، والصعق بالكهرباء في الأعضاء التناسلية ..
اقرؤوا أيضا ..
توجهت قوة من الشرطة إلى منزل الطفلين:(...) 9 أعوام و (...) 12 عاما للبحث عن شقيقهما الهارب، ووجه أحد الضباط مسدسه إلى الطفل الثاني لاستخدامه كدرع واق لحمايته من أي هجوم محتمل، وجرى سؤالهم عن مكان اختفاء شقيقهم، وتعرض الأول لضرب مبرح لإنكاره معرفة مكان اختفاء شقيقه، ثم اقتادهما رجال الشرطة حفاة وبملابس النوم إلى أقاربهم الذين يحتمل اختفاء شقيقهم لديهم، ولما لم يجدوه اصطحبوا الجميع إلى قسم شرطة إمبابة، وفي الطريق إلى القسم غمس أحد الضباط وجه الطفل الأول في حائط مطلي بالبوية حديثا، وفي قسم الشرطة احتجز الجميع وتعرضوا للضرب..  يقول الطفل الأول: ضربوني بالأقدام فاصطدمت بالباب وسقطت على الأرض، ثم قام الجنود برفع أقدامي إلى أعلى وضربوني بعصا عليها كثيرا، ثم وضعوها في الفلكة، وبعد أن ضربت طلبوا مني الجري حتى لا تتورم قدماي، وبعد أن انتهوا وضعوني في حجرة وأغلقوا علي الباب رغم صراخي لمعرفة مصير شقيقي الصغير الذي وضع في مكان آخر، وفي المساء قبضت الشرطة على الشقيق الهارب، وأدخلوا الطفلين المحتجزين عليه، حيث شاهداه وهو معلق ويتعرض للتعذيب، ويضيف الطفل: رأيت أخي ينزف دما من فمه، وكان لا يستطيع الوقوف على قدميه، وكان أحد الضباط يضربه بخشبة ..
هل قرأتم؟..
هل قرأتم أيها المخدوعون، الذين تدافعون عن ممارسات النظام..
هل تحتاجون إلى مزيد؟.
لدينا منه الكثير جدا، لكنني أشعر بالاشمئزاز والقرف، بالانسحاق.
و كواجب ثقيل أجد لزاما علي أن أنهي إليكم ما كان يحدث للأطفال في معسكرات و أقسام الشرطة، في عهد زعموا أنه عهد الديموقراطية التي لا تصادر رأيا ولا تكسر قلما، بينما كان الواقع أنها تصادر الحياة وتكسر الرقاب، اقرؤوا معي عن ماذا كان يحدث لهذا الطفل إبان اعتقاله، اقرؤوا ما ورد في شهادة أحد المحتجزين بقسم شرطة قصر النيل في أعقاب ندوة نقابة الأطباء عما سمّي بتنظيم الأطفال:
 كان هناك نحو خمسين شخصا في حجرة لا تتعدى مساحتها 4x 5 أمتار مما اضطر البعض للنوم في دورة المياه القذرة. من بين المحتجزين لاحظت انفراد شخص واحد ضخم الجثة بنحو ربع مساحة الحجرة يتمدد فيها ويحيط نفسه بمساحة خالية يتصرف فيها، بينما تكدس بقية المحتجزين في المساحة المتبقية في وضع القرفصاء، وكان لهذا الشخص الذي يبدو من عتاة المجرمين سطوة بالغة على كافة المحتجزين، وينادي على بعضهم بأسماء مؤنثة، فيلبون النداء بسرعة بالغة خوفا من بطشه، كان هذا البلطجي صاحب الكلمة النافذة في شئون الحجز، ويقوم بتأديب بعض المحتجزين في حالة مخالفتهم لأوامره وأحيانا دون سبب واضح تحت سمع وبصر المسئولين عن القسم من ضباط وجنود الشرطة. بعض المحتجزين، من أصحاب الأسماء المؤنثة كانوا يضطرون لتلبية رغبات البلطجي بممارسة الجنس بالإكراه معهم أمام بقية المحتجزين، وأغلب هؤلاء الضحايا صبية لا تتجاوز أعمارهم 15 أو 16 عاما ..
يا أهل مصر..
نحن لا نتحدث عن الدكتور علاء محيي الدين ولا عن المحامي عبد الحارث مدني ولا عن كمال السنانيري ولا عن البلتاجي ولا عن حاتم ماهر وعشرات وعشرات، فأولئك جميعا ستتشدق أفواه مجرمة لتتهمهم - حتى دون حكم محكمة - بأنهم إرهابيون، وما دام ضابط الشرطة - وليس القاضي أو حتى وكيل النيابة - قد حكم على أحد بأنه إرهابي،حتى دون دليل، فإنه يفقد على الفور كل حقوقه كإنسان ويهدر دمه دون عقاب..
لا أتحدث عنهم، وليس الحديث عنهم عيبا بل عدم الحديث عنهم جريمة، لكنني أريد أن أثبت أمامكم، أنني وقد بتّ أرى الملك عاريا، أواجه ادعاءات بعض قطاعات الشرطة عن ضحاياها بأنهم مجرمون لذلك يفعلون بهم ما يفعلون، أريد أن أثبت أمامكم، أمام العالم، أن الضحايا ليسوا هم المجرمين بل ذلك النمط من رجال الشرطة الذين يعذبونهم هم المجرمون..
لذلك لا أتحدث عن أي من المعتقلين السياسيين، بل أذكر أناسا بسطاء سلبيين في الغالب، ينشدون السلامة، وينأون قدر استطاعتهم عن كل ما يمكن أن يزعج السلطة والشرطة..
أتحدث عن القبض على الأطفال وتعذيبهم والاعتداء عليهم جنسيا داخل أقسام الشرطة..
أتحدث عن الأستاذ الدكتور زكريا الشامي الأستاذ بجامعة قناة السويس عندما احتكت سيارته بسيارة ضابط شرطة، فتعرض للضرب والصفع على الوجه والنقل في الصندوق الخلفي لسيارة الشرطة إلى القسم حيث تلقى جرعة إضافية من التعذيب..
أتحدث عن ميرفت عبد الحميد: المضيفة الجوية التي تعرضت للتعذيب الوحشي بقسم شرطة مدينة نصر بواسطة رئيس المباحث واثنين من معاونيه لإرغامها على الاعتراف بالسرقة رغم تبرئة النيابة لها مما أدى إلى محاولتها الانتحار بالقفز من نافذة غرفة رئيس المباحث خاصة بعد تهديدها بتجريدها من ملابسها فأصيبت بارتجاج في المخ وكسور بالأسنان وعظمة الترقوة..
أتحدث غن الاختفاء القسري لأناس لم تجد الشرطة ما يدينهم ولكن سلوكهم لم يعجبها فاختطفتهم.. وبعدها اختفوا..
أتحدث عن السيدة : "ا.. ب"  التي حاول ضباط شرطة قسم أول الزقازيق إجبارها علي شهادة الزور في قضية سرقة، فرفضت، فخلعوا عنها ملابسها، وضربوها ضربا مبرحا، وقام أحد الضباط القائمين على تعذيبها بإيلاج قضيب حديدي في شرجها عدة مرات ..
أتحدث عن الطالب: (...) الذي قبض عليه في تظاهر سلمي للطلاب كي يعبروا فيه عن رأيهم في مؤتمر مدريد، فنقلوه إلى مقر مباحث أمن الدولة في بور سعيد حيث جري تقييد يديه ووضع عصابة على عينيه، ونزع ملابسه، وجرى صعقه بالكهرباء في حلمتي الثدي والخصية و أماكن أخرى، وعلق كالخروف المشوي فوق نيران مشتعلة، وضرب بالكرباج لفترات طويلة، ثم نزعوا سرواله ووضع أحد رجال الأمن أصابعه عدة مرات في فتحة الشرج بعنف، ثم وضع خوازيق لا يعرف طبيعتها، وعقب ذلك قام بالاعتداء عليه جنسيا..
أتحدث عن اعتقال نوارة الانتصار أحمد فؤاد نجم لاحتجاجها على اشتراك إسرائيل في معرض الكتاب..
أتحدث عن مصطفي محمد عبد الحميد الطالب بالسنة الثالثة بكلية طب الزقازيق والذي تعرض للتعذيب بشكل وحشي، ثم اختفي، ويعتقد شهود العيان أنه عذب حتى الموت، لكنهم أخفوا جثته عن أهله ..
أتحدث عن نصرة فتحي إبراهيم التلميذة المنقبة بمدرسة السلام ثانوية بنات بحدائق القبة، و كان آخر مكان شوهدت فيه مقر مباحث أمن الدولة في لاظوغلي، ولم يرها أحد بعد ذلك..
أتحدث عن انتهاك قرى بأكملها، اعتقال رجالها ونسائها وأطفالها وتعذيبهم بمنتهى القسوة والعنف لمجرد خلاف عادي مع ضابط شرطة..
أتحدث عن مواجهة إضرابات العمال من أجل مطالب وظيفية، وتجمعات الطلاب من أجل التعبير عن رأيهم بالضرب بالرصاص حتى الموت ..
أتحدث عن تعرض النساء للتعذيب المروع، وخلع ملابسهن والعبث في أعضائهن التناسلية من قبل ضباط الشرطة..
أتحدث، و أتحدث، و أتحدث.. وبالرغم من ذلك ليس حديثي سوى نزر يسير مما ورد موثقا في تقارير منظمات حقوق الإنسان الذي ينص على:
 إن ظاهرة التعذيب أكبر من الطاقات المحدودة للمنظمة على التقصي والتحقيق والتوثيق، وأن ما تنشره المنظمة هو مجرد قطرة من محيط، هو مجرد حالات نموذجية موثقة ومحققة تشير إلى أبعاد الظاهرة ومدى شيوعها دون أن تستطيع الإحاطة بكل مظاهرها، والوصول إلى كل ضحاياها..
يا أهل مصر.. يا قراء..
ثمة أسئلة تحيرني..
ما هو الدافع لكل هذا الإجرام لماذا هم مجرمون إلى هذا الحد؟.
هل هو عنصر خلقي، أو وراثي، أم مرض عقلي أم نفسي، أم تغلغل الجريمة واختلاطها بالدم..
هل هو النظام السياسي؟.
هل هي الحماقة في الدفاع عن الذات؟.
المستشار الذي أصدر الحيثيات التي صدرت بها هذا الجزء أو الشلو من الكتاب والذي وصف ما تقوم به الشرطة من تعذيب بأنه إجرام في إجرام ليس أيضا معارضا ولا متعاطفا مع الجماعات الإسلامية وليس حتى - أيضا - ضد إسرائيل، فهو المستشار محمد سعيد العشماوي..
هل عرفتم الآن منبع الإرهاب ومن هم السبب فيه؟.
إنني قد أفهم - ولا أوافق - ما يحدث للمتهمين السياسيين على ضوء قول الدكتور محمد السيد سعيد أنه صراع على السلطة من جماعات تفتقد كلها إلى الشرعية، وقد أفهم - ولا أوافق - أن السلطة تدافع عن نفسها ضد معارضيها دفاع حياة أو موت، وقد أفهم - ولا أوافق - عنف بعض رجال السلطة والشرطة الحاليين لأنهم يدركون ماذا يمكن أن يحدث لهم إذا تولت الحكم فئة أخرى - أي فئة أخرى- طبقت عليهم قانون العقوبات العادي..
أفهم أيضا أن تنفرد الوحوش البشرية - وليس ثمت وحش حتى يعذب وحشا - بضحاياها في أقبية السجون تمارس النشوة القذرة في تعذيب أناس لا حول لهم ولا قوة، لا لحماية النظام، فهم في حوزتهم، ولا لحملهم على الاعتراف فهم أول من يعلم أنهم يلفقون وأن القانون يهدر اعترافات التعذيب، وإنما لأن نفوسهم المريضة المشوهة تدفعهم إلى الإبداع في القسوة، والتجديد في التعذيب، والتنافس في العنف، ليس لمجرد إرضاء رئيس، ولا الحصول على ترقية، وإنما هو الشر من أجل الشر، أفهم أن يفعلوا كل ذلك، لأنهم يدركون أن ضحاياهم حتى لو أفرج عنهم وخرجوا من السجن أحياء فسيكونون محطمين، غير قادرين على فضح كل ما حدث لهم.
أفهم كل ذلك ولا أوافق عليه..
الذي لا أفهمه، هو لماذا يحدث ذلك مع الناس العاديين الذين يجبرهم حظهم التعس على المثول في قسم شرطة لماذا تطلق السلطة للشرطة العقال لكي يمارسوا هناك نفس الشيء؟...
 هل هو المرض الذي أصبح وباء؟. هل تلوثهم السلطة كي يكونوا طوع بنانها؟، ذلك أن ضابط الشرطة الذي يتعود على امتهان كرامة الجسد البشري بتعذيبه لن يتردد حين يؤمر بانتهاك إرادته بتزوير صوته، أو بغض الطرف عن لص، أو ملاحقة شريف، أم أن السلطة تدرك أن قيام ضابط الشرطة بالتعذيب إنما هو ضد كل طبيعة بشرية، وقيمة دينية، ضد كل عرف وثقافة وحضارة وسلوك طبيعي، و أنه يحتاج جهدا هائلا للتغلب على كل هذه القيم، و أن هذا الجهد لابد أن يتم في أقسام الشرطة فيتم استبعاد من تبدو منه لمحة دين أو خلق أو ضمير، أما أولئك الذين يثبتون أنهم قادرون على التحول إلى كائنات أكثر شرا وبطشا من الوحوش فإنهم يختارونهم للعمل في مجال التعذيب، تماما كما ينشرون ممارسة الرياضة في المدارس، كي ينتقوا المتميزين بعد ذلك أبطالا في النوادي الكبرى ..
يا قوم: لعل من حق الأجانب - لكنه أبدا ليس حقكم أنتم - أن يتساءلوا فيما بينهم في عجب: أين مجلس شعبهم وشوراهم؟. أين شيخ أزهرهم ومفتي ديارهم؟. أين مجالس جامعاتهم ومثقفوهم؟. أين الأمة؟. لعلهم - هم وليس أنتم - يقررون في دهشة - إن حق أن يدهش العالم- أنه إن كانت كل هذه الأجهزة والهيئات والمؤسسات عاجزة عن رد كل هذا الذي يحدث فلا حاجة لنا بها، ولعلهم يتهامسون في أسى مختلط بالنشوة مغتبطين أنهم ليسوا من أهل هذه البلاد التي تعامل رعاياها بأسوأ مما يعاملون حيواناتهم، ولعلهم في حيرة من أمرهم: أما من وزير استقال احتجاجا، أو محافظ رفض أن تحدث هذه الجرائم على أرض محافظته؟!.
أعترف لكم أن موقف الأمة تجاه التعذيب - خاصة معظم مثقفيها - كان مخزيا، كان وما يزال، لينظر كل كاتب إلى ما يكتب، هل هو أهم من مواجهة هذا الذي يحدث؟. بل كيف تطيب لنا حياة ونحن تاركوهم يفسقون بالأمة كل هذا الفسق ويفجرون بها كل هذا الفجور ويجرمون بحقها كل هذه الجرائم، كيف نستطيع النوم، والسير في الطرقات مختالين، كيف يستطيع المرء منا مداعبة طفله، وثمة طفل يعذبه في نفس الآن ضابط شرطة، أو يناديه بلطجي في تخشيبة قسم شرطة باسم أنثوي كي يعتدي عليه جنسيا، أمام الناس، كيف نستطيع أن نضحك أو حتى نبتسم في وقار زائف وثمة امرأة تصرخ في نفس الوقت لأنهم يهتكون عرضها؟. كيف استطعنا أن نتلذذ بطعام وهم يعلقون شخصا فوق النار في وضع الخروف المشوي؟.؟؟ كيف وكيف وكيف وكيف..
ربما كانت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان هي الجهة الوحيدة التي قامت بدور بطولي في هذا الصدد ..
فهل تعلمون ماذا فعلت الشرطة إزاء جهود هذه المنظمة الشجاعة النبيلة الباسلة عقابا لها على كشف الممارسات البشعة للشرطة، على كشف كل هذا الإجرام؟...
لقد ألقت القبض على بعض أعضائها وتعرضوا لنفس التعذيب..
كان من المقبوض عليهم الدكتور محمد السيد سعيد، الباحث المرموق المعروف على النطاق العالمي، والمحاضر في عدد من الجامعات في مصر والخارج، والمراكز البحثية وبينها الأكاديمية العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، والمعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية، وله عديد من المؤلفات وعشرات من الدراسات والمقالات المنشورة..
لم يشفع لمحمد السيد سعيد ذلك، لم تشفع له قيمته، ولا أهمية المؤسسات التي ينتمي إليها، فالشرطة فوق الجميع، ولن تغفر له الشرطة أبدا تلك الجريمة التي ارتكبها عندما أعد بحثا حلل فيه ورصد أسلوب العقاب الجماعي الذي توسعت الشرطة المصرية في ممارسته ضد القرى والتجمعات السكانية..
كان سلاح محمد السيد سعيد القلم والفكر، وكان ردهم عليه جرعات مكثفة من التعذيب تعرض خلالها للإغماء أكثر من مرة بسبب عنف التعذيب، سحلوه من قدمه اليمني عشرين مترا علي أرض السجن أجبر على غمر وجهه أكثر من مرة في برميل مملوء بالمياه القذرة استعملوا معه ومع زملائه العصي العادية والكهربائية والهراوات والكرابيج بالإضافة إلى الضرب بالأيدي والركل بالأقدام وتعرضوا لتهديدات بينها الاعتداء الجنسي فضلا عن توجيه أقذر أنواع السباب لهم، استعملوا كذلك الكلاب البوليسية لإرهابهم أثناء التعذيب الذي قام به عشرون ضابطا يرتدون ملابس عسكرية بين رتبة العميد والملازم أول، فضلا عن عدد مماثل من الضباط يرتدون ملابس مدنية وكان ثمة ضابط يحمل رشاشا في تهديد صريح بالموت..
أجبر محمد السيد سعيد وزملاؤه على المرور بين صفين من جنود الشرطة والكلاب البوليسية وراح الجنود يتناوبون ضربهم بالأيدي والأقدام والهراوات والعصي المكهربة..
و تصادف أن وفدا من نقابة الصحفيين قد توجه لزيارة زملائهم المسجونين بعد ساعة واحدة من ضربهم بهذا الشكل الوحشي، وحاولت إدارة السجن عرقلة الزيارة، لكن ربما كانت مناصب وأسماء الوفد أكبر من أن تمنع عنوة، وربما - وهذا هو المحتمل أكثر - أن الشرطة أرادت أن تثبت لأعضاء الوفد أنهم هم الدولة، أنهم فوق كل شيء ولا يأبهون بأي شيء.
 قيل أن مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين آنذاك، وكان معه أسامة سرايا والسيد ياسين وأسامة الغزالي حرب وعبد المنعم سعيد وجهاد عودة، قيل أنهم أصروا على عدم مغادرة السجن حتى يتمكنوا من مشاهدة الدكتور محمد السيد سعيد.. رئيس.. وعضو.. ومسئول.. الباحث.. المحاضر.. الـــ... ...
اضطر وفد الصحفيين للانتظار ساعتين حتى تتم إفاقة محمد السيد سعيد من الإغماء..
وشاهدوه، بالدم والجراح والانسحاق شاهدوه..
ربما أحس مكرم محمد أحمد ساعتها أن مصر هي الجريحة و أن الوطن هو المهان و أن الأمة هي المعذبة و أن الكرامة في معناها المجرد هي المسفوحة و أن المستقبل هو المعتقل في سجن أبوزعبل، و أنه يتم هناك تحطيمه..
يا إلهي.. هل هم فإلا كما يقولون: الكل في الكل و أنهم هم الدولة؟.؟.
قيل أن مكرم محمد أحمد - وهو من كبار المؤيدين للنظام - أصيب بنوع من الانهيار العصبي، و أنه انصرف إلى بيته عازما على الاستقالة من مناصبه احتجاجا صارخا على ما رأى ..
لكن السلطة والشرطة صالحاه، و أفرج عن محمد السيد سعيد دون محاكمة، فلم تكن هناك قضية..
في اللقاء السنوي في معرض الكتاب بين الرئيس والمثقفين، كان عبد الستار الطويلة يعاتب الرئيس مبارك على تجاوزات - لا جرائم - بعض أجهزة الأمن مناشدا الإفراج عن عادل حسين ومذكرا بما حدث للدكتور محمد السيد سعيد.
و ضحك الرئيس، وقال لعبد الستار الطويلة تعليقا على الحدث: ما هو صاحبك اللي عمل كده، منوها بصداقة كانت تربط بين وزير الداخلية آنذاك وبين عبد الستار الطويلة..
لشد ما غضبت وسخطت على وسائل الإعلام..
حتى لو قيل ذلك، فما كان يجب أن يعلن..
 يظل الرئيس بالنسبة للأمة ملاذ أمل أخير، وهم يعزّون أنفسهم دائما بأن الحاشية حاولت أن تحجب عنه تفاصيل ما يحدث، وأنه لو عرف، لقامت الدنيا وما قعدت..
ليت جهازا ما أشاع ولو على غير الحقيقة أن قرارا صدر من أعلى مستوى بالتحقيق الصارم ومعاقبة الجناة..
ليت..وليت..وليت... .
ينفجر مخزون الذكريات والألم ..
يا إلهي.. ما كان أبهى عهد الرئيس مبارك في بدايته..
ما أكثر ما حملناه من أمل..
لكن تقرير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان يقرر أن التعذيب قد عاد إلى الظهور في مصر منذ عام 81.. وهو عام بداية ولايته ..
يا قوم ... يا كتاب يا قراء
من ناحيتي، سوف أكتب للنائب العام، مستعطفا مسترحما متوسلا ولائذا، فماذا ستفعلون أنتم؟.
و.. لـــــيت الــــطـــفــل لــم يــر الــملك عــــاريا !!








تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتابي: الجزء الأول

بعد مائة عام..!!