من هم الأشاعرة
لست أشعريا
فأنا لا أرضى بديلا عن الانتماء لسيد البشر وخاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم، وكل من عداه يؤخذ منه ويرد عليه، ومن المنتمين إليهم من كبار العلماء والأئمة البيهقي والباقلاني والقشيري والجويني والغزالي والفخر الرازي والنووي والسيوطي والعز بن عبد السلام والتقي السبكي وابن عساكر وغيرهم. لكنني وجدت هذا المقال عن الأشاعرة الذين لا يعلم معظم القراء عنهم شيئا فأثرت نشره:
هل تعرف من هم الاشاعرة؟
مَـنْ هم الأشاعرة ؟
أرجو قراءة المقال حتى النهاية.
(مقالة غاية في الأهمية خصوصاً لطلاب العلم)
الأشاعرة: لقبٌ يطلق على أهل السنة أتباع الإمام أبي الحسن الأشعري في طريقة استدلاله، وهنا سؤال يفرض نفسه، إذا كانت هذه الفرقة تتبع السلف الصالح أهل السنة والجماعة، فلماذا تُنسب إلى الأمام الأشعري؟؟
والجواب: إن نسبتهم إلى هذا الإمام لكونه نهض لنصرة عقائد السلف بالنقل والعقل على وجه لم يُسبق إليه، فهي نسبة اشتهار، كما أننا نقول قراءة عاصم، وقراءة نافع، ونسبة هذه القراءات إليهم لا يعني أنهم اخترعوها، ولكن لتصديهم لجمعها وتدريسها والاعتناء بها، نسبت إليهم.
وكما نقول: مذهب مالك ومذهب الشافعي ومذهب أبي حنيفة ومذهب أحمد، ولا تعني هذه النسبة أن مذاهبهم مقطوعة الصلة عن الصحابة والتابعين.
قال الإمام تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية الكبرى: (فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عقد على طريق السلف نطاقا وتمسك به وأقام الحجج والبراهين عليه، فصار الـْمُقْتَدِي به في ذلك؛ السالك سبيله في الدلائل يسمى أشعرياً).
وتأمل معي كلام الإمام الحافظ الفقيه البيهقي فقد
قال: (إلى أن بلغت النوبة إلى شيخنا أبي الحسن الأشعري فلم يحدث في دين الله حدثًا ولم يأت فيه ببدعة، بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين فنصرها بزيادة شرح وتبيين).
ولحسن احتجاج الإمام الأشعري لعقائد السلف فقد سلك طريقته في الاستدلال أكابر العلماء والفقهاء والحفاظ من أمثال أبي بكر الإسماعيلي والبيهقي، وابن حبان صاحب الصحيح، وابن عساكر الدمشقي، والنووي، والقرطبي، وابن حجر العسقلاني، والإمام فخر الدين الرازي وابن دقيق العيد، وغيرهم.
وإجمالاً فأتباعه هم سواد الأمة، قال الإمام تاج الدين عبد الوهاب السبكي في طبقات الشافعية الكبرى: (الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة أشعريون، هذه عبارة ابن عبد السلام شيخ الشافعية، وابن الحاجب شيخ المالكية، والحصيري شيخ الحنفية، ومن كلام ابن عساكر حافظ هذه الأمة الثقة الثبت: هل من الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية إلا موافق الأشعري).
ولقب (الأشاعرة) اليوم في بعض البلاد أصبح لقباً يدل على الابتداع، حتى إنك لتسمع من البعض الاستعاذة والحوقلة والحسبلة، حين يقال فلان أشعري، ويتسارع إلى ذهنه بحسب ما تلقى من تعبئة خاطئة تعطيل الصفات، وتقديم العقل على النقل، والبدعة والخرافة، إلى آخر تلك التهم التي يوجهها من لم يعرف هذا المذهب السني العميق.
وأذكر في مرة أنَّ أحدهم قدح في الأشاعرة، فقلت له: هل تعرف من هم الأشاعرة؟؟
فقال نعم: هم طائفة من المبتدعة.
فقلت له: على رسلك، تعال معي، ودخلت به إلى مكتبة كبيرة واسعة، فبدأت به في صف كتب التفسير، وقلت له هذا تفسير البغوي الشافعي وهذا تفسير القرطبي المالكي، وهذا تفسير ابن عطية المالكي، وهذا تفسير ابن كثير الشافعي، وهذا تفسير السمعاني، وهذا تفسير الرازي، وهذا تفسير البيضاوي، وهذا وهذا حتى مضيت به على الصف كله، ثم قلت له: كل هؤلاء أشاعرة.
ثم انتقلت به إلى كتب الحديث النبوي وشروحه، فهذا البيهقي صاحب السنن وشعب الإيمان، وهذا ابن حبان صاحب الصحيح، وهذا الإمام الحاكم صاحب المستدرك، وهذه شروح الحديث النبوي: فهذا شرح ابن بطال المالكي لصحيح البخاري، وهذا فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني الشافعي، وهذا شرح صحيح مسلم للإمام النووي الشافعي، وهذا وهذا، حتى مضيت به على معظم شروح الحديث، ثم قلت له: كل هؤلاء أشاعرة.
وهكذا كتب أصول الفقه وكتب مصطلح الحديث، وكتب البلاغة وكتب النحو، حتى أتينا على معظم المكتبة، فهل هؤلاء الذين نصروا سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وفسروا كتاب الله، وشرحوا سنة رسول الله صلى الله عليه مبتدعة، وإذا كان كل هؤلاء ليسوا أهل السنة، فمن هم أهل السنة.
ومن أطرف ما قرأت ما كتبه الدكتور العالم محمد حسن هيتو في تقديمه لكتاب (أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم)، فقد قال: (فإن أغرب سؤال وجه إلي في حياتي العلمية هو: هل يعتبر الأشاعرة من أهل السنة والجماعة؟
لقد استوقفتني صيغة هذا السؤال طويلا، إذ وجدتها فارغة من معنى السؤال العلمي الصحيح، مما يدل على سذاجة السائل وجهله بتاريخ هذه الأمة وعقيدتها.
وذلك أن ما يعرفه كل من شم للعلم رائحة، على مدى تاريخ أمتنا الطويل هو أن الأشاعرة هم أهل السنة والجماعة.
وأنه إذا أطلقت كلمة أهل السنة في كتب العلم- على اختلاف أنواعها- فإنهم هم الذين يرادون بها.
وهم الذين تردد الخلافات بينهم وبين المعتزلة، أو غيرهم من الفرق الإسلامية في كتب العقيدة، والفقه، والأصول، والتفسير، والحديث، بل في كتب اللغة، وغير ذلك من كتب العلم التي تعرض للخلاف في العقيدة.
وذلك أن الأشاعرة هم الذين وقفوا في وجه المعتزلة، فزيفوا أقوالهم، وأبطلوا شبههم، وأعادوا الحق إلى نصابه على طريق سلف هذه الأمة ومنهجهم..
تعليقات
إرسال تعليق